حزب الله... مُسبّب اللاجئين الأوّل

حزب الله... مُسبّب اللاجئين الأوّل

10 اغسطس 2019
+ الخط -
مرّتين كان نظام آل الأسد فيهما مهدّدًا بالسقوط بشكلٍ جدّي؛ الأولى في مايو/ أيار 2013، لما تدخّل حزب الله في معركة القصير، وأنقذ النظام السوري من السقوط على يد مجموعات مسلحة، كانت مؤلّفة من كتائب أهلية ومنشقين من الجيش النظامي وإسلاميين. والثانية في أيلول/ سبتمبر 2015، لما تدخّل الروس، وأنقذوا النظام من السقوط على يد كتائب إسلامية أكثر تشدّدًا، ومجموعات تابعة لتنظيم القاعدة إمّا بشكل تنظيمي أو عاطفي (جبهة النصرة، أحرار الشام..). 


تدخّل حزب الله هو أسوأ من التدخّل الروسي، لأنّ واقع وحال المعارضة السورية، لم يكن قد "تبهدل" عام 2013 كما صار في 2015. وبالتالي، احتمال السيطرة على الحرب الأهلية السورية، والدخول بعملية سياسيّة في عام 2013 كان أكبر. مناسبة هذا الكلام، هي استحالة الشكوى وعدم منطقية التذمر من أعداد اللاجئين السوريين في لبنان، دون الحديث عن تدخل حزب الله.

تافهٌ الرأي القائل بأن "ليس كل اللاجئين قادمين من مناطق سيطرة حزب الله"، أو "عملتو ثورة ببلدكن، قاتلو فيها". تافه لأن حزب الله يقاتل في كل الأراضي السورية، وليس فقط في القصير، إذ كان له دور أساسي في سقوط مدينة حلب مثلاً. كما أن التحرك السكاني الأكبر من اللاجئين، تشكّل بحسب الأرقام، بين عامي 2013 و2016، أي بعد التدخّل الحاسم للحزب. لذلك، يتحمل الحزب مسؤولية ما، عن نزوح السوريين من كل سورية، وليس فقط من القصير، كما يروّج البعض، لأنّه أنقذ كل النظام الذي يحكم كل سورية، وليس فقط نظام القصير.

كما أنّ لبنان ليس بلدًا جذّابًا من ناحية اللجوء في ظل العنصرية الاجتماعية الهائلة في لبنان. العنصرية في لبنان هي ممارسة اجتماعية منفصلة عن الدولة والطبقة السياسية. هنالك الكثير من البلدان الفاسدة والتي تعاني من أزمات اقتصادية، ولكن ثقافتها الاجتماعية ليست بالضرورة عنصرية. العنصرية في لبنان متفشيّة بدرجات متفاوتة، بدءًا من إحراق مخيّمات اللاجئين وقتلهم وملاحقتهم، مرورًا بالعلاقات الاجتماعيَّة في علاقات الطبقة الوسطى، حتّى في أوساط تعرّف نفسها بأنها معادية للعنصرية. وانتهاء بالمقارنة العنصرية التافهة أيضًا "لكل مواطنَيْن لبنانيين... مواطن سوري". كما أن السوريين ليس لهم علاقة أبدًا بانهيار الوضع اللبناني، وازدياد منسوب التسلط والرقابة في لبنان.

باختصار: مشكلة اللاجئين السوريين هي بشكل أو بشكل آخر، مشكلة لبنانية أيضًا.

دارا عبدالله
دارا عبدالله
كاتب سوري يقيم في العاصمة الألمانيّة برلين، من مواليد مدينة القامشلي عام 1990. له كتابان: "الوحدة تدلل ضحاياها" (صادر عام 2013) و"إكثار القليل" (صادر عام 2015). يدرس في كليّة الفلسفة والدراسات الثقافيّة في جامعة "هومبولدت" في برلين. من أسرة "العربي الجديد" ومحرّر في قسمي المدوّنات والمنوّعات. يمكن التواصل مع الكاتب عبر الحسابات التالية:

مدونات أخرى