Skip to main content
حزب الكنبة... والحراك الذي لا يهدأ
من أمام وزارة البيئة (الأناضول)
أجادت صحافة السلطة اللبنانية، بشقيها الآذاريين 8 و14، في "جلد" الحراك الشعبي، ولكنّها لم تكن وحدها. انضمّ إلى "حفلة الجلد" هذه مناصرو الفريقين، وأجادوا في تقديم "الجانب الأسود" من هذا الحراك، فلم يتوانوا عن إطلاق إساءات شخصية بحق المشاركين في الحراك إلى حدّ اتهامات بالتخوين والعمالة وغيرها.
فوزير الداخلية اللبناني، نهاد المشنوق، اتهمّ الناشطين في الحراك بـ "العمالة لدولة عربية صغيرة"، وتبنّى صحافيو السلطة هذا الاتهام، وأضافوا عليه اتهامات بالارتباط بأجندات غربية. واتهمّ مناصرو الرابع عشر من آذار المتظاهرين بأنّهم "ينتقمون من سوليدير وإرث الشهيد رفيق الحريري"، فيما اتهمهم مناصرو الثامن من آذار بأنهم "يسعون لاحقاً لنزع سلاح حزب الله".
ولم يتوقف المناصرون عند هذا الحدّ، فتناولت تعليقات العديدين الوزن الزائد للناشط عماد بزّي، وتعجب آخرون من عطش مقتحمي وزارة البيئة أخيراً، كأن للعطش توقيتا محدّدا عند الجميع، وعلماً أنّ بزّي تحديداً يعاني من مشاكل صحية.
وانتقلوا بعدها إلى الاستهزاء من ملابس المتظاهرين، وكانت التعليقات على شاكلة " لابس جينز بـ110 دولار وعنده مطالب"، كأنّ ميسور الحال لا يحقّ له محاسبة الفاسدين في الدولة، وتجدر الإشارة إلى أن ملابس غير الميسورين لم تسلم من هذه التعليقات أيضاً. أمّا "المفكر"، كما يصفه متابعو صفحته، فتفرّغ للتركيز على مخارج الحروف عند بعض المتظاهرين، فيكتب "ناشت" عوضاً عن "ناشط" للاستهزاء بالمتحدثين باسم الحراك، وكأنّ على الجميع أن يتعلّم فن الخطابة قبل التجرؤ والمطالبة بحقوقه.
أمّا الانتقاد الأكثر غرابة فكان لـ "مرتادي شارع الحمرا" تحديداً، فعابوا على المتظاهرين تواجدهم الدائم في شارع الحمراء، الذي يتميز بمقاهيه وحاناته المتعددة التي تشكل ملتقى للجميع. واستندوا في تحاملهم هذا على حجّة أنّ مرتادي الحمراء "سكارى" و"يسار أميريكي"، وعليه فلا ثورات تخرج من شارع الحمراء هذا.
والمثير للسخرية أنّ المنتقدين نفسهم تناولوا باستهزاء فيديو تتحدّث فيه إحداهنّ عن "إتيكيت التظاهر"، بعدما استضافتها إحدى القنوات المحلية، كأنهم لم يبادروا هم أولاً إلى وضع "إتيكيت التظاهر" عبر تعليقاتهم على أشكال المتظاهرين وأماكن سهرهم وحياتهم الشخصية. هؤلاء الذين طالبوا المتظاهرين إما التوجه إلى تلال جبال لبنان الشرقية لمواجهة داعش القادمة من سورية أو عرض السيرة الذاتية لنضالاتهم من أجل القضية الفلسطينية، وضعوا "إتيكيتاً للتظاهر" قبل الإتيكيت السخيف الذي بثته القناة. كلّ واحد منهم وضع "إتيكيتا" يناسبه.
هكذا أصبح الناشطون في الحراك اللبناني مطالبين بإرضاء الأطراف كلها. لا يشتمون كل زعماء الفساد من أجل إرضاء المتحزبين، ويأتون متتمين واجباتهم الدينية من أجل إرضاء المتدينين، ويحملون أيضاً مفاتيح القدس معهم من أجل إرضاء المناضلين. ويمنعون النساء من الصراخ في المظاهرات حتی يرضی الذكوريون، ويعملون علی تحسين أوضاعهم الصحية حتی لا ينزعج "الأبطال" الذين حددوا مواعيد للعطش والجوع. ربما عليهم تفصيل حراك يناسب مقاسات الجميع.

اقرأ أيضاً: حملات حراك بيروت: توحّد في وجه السلطة وتباين بالأهداف