حرية التعبير ليست فوضى

حرية التعبير ليست فوضى

30 مايو 2018
+ الخط -
كفل الدستور التونسي الجديد حرية التعبير، وكفل القانون حرية التعبير أيضا، لكن حرية التعبير تعني المسؤولية والالتزام، ولا يمكن أن تعني الفوضى والسباب والشتم وهتك الأعراض والمساس بالأشخاص وعائلاتهم.
حرية التعبير تعني احترام المتلقي الذي لم يعد ذلك المتلقي البسيط والعادي، بل بتنا أمام متلقٍّ واعٍ مثقف، وقادر على التمييز بين الغث والسمين.
أصبحت حرية التعبير، بالطرق التي نراها بها، عنصرا هداما للمجتمعات وللأمة، عوض أن تكون عنصر بناء وتحصين لهذ المجتمعات، وخاصة مجتمعات العالم الثالث.
أصبحت حرية التعبير تستخدم في غير محلها، فهي وسيلة للتجريح ونشر الفوضى الهدامة أخلاقيا وعقائديا وسياسيا واقتصاديا، فلماذا هذا الاستخدام السيء لحرية التعبير، وهي التي تعدّ من أهم المكاسب على الإطلاق بعد الثورة!
الأمر واضح وجلي للقاصي والداني، هو أجندات خارجية هدفها تخريب المجتمع ونشر الآفات والمشاكل وسط المجتمع وداخل الأسر، هو برنامج خارجي تحركه أيادي خارجية بالمال الفاسد والتمويل المشبوه كبرامج ومؤسسات إعلامية وصحفية هدفها ترسيخ قيم ليست من عاداتنا في شيء، وليست من تقاليدنا في شيء.
ولا ننسى المال الذي ضخ للإعلام وللإعلاميين والصحفيين بعد الثورة، إذ كانت أموالا كثيرة وكبيرة، لفتت الإنتباه والأنظار فيما السلطة صم بكم عمي لا يبصرون ما يجري أمام أعينهم، أو يبصرون ويصمتون حفاظا على مكاسبهم.
أصبحت حرية التعبير نوعا من المحاباة يسمح للبعض وغض البصر عنهم، فيما تقف للبعض وتسكتهم لأنم صدحوا بالحق، ولا شيء غير الحق، وكشفوا الفساد. وبالتالي أصبحت حرية التعبير بين طرفين، طرف يهدم وينشر سمومه في المجتمع وهو طرف مرضي عنه من السلطة، وطرف ثاني يستخدمها للصالح العام وكشف الحقائق وإنارة الرأي العام، وهو طرف مغضوب عنه وضروري إسكاته وقمعه حتى لو كلف الأمر سجنه أو حتى اغتياله.
نعم، ثمن حرية التعبير باهظ، ثمن يصل إلى حدّ خسارة حرية الإنسان الشخصية، وهي التي تعد من أبسط الحقوق التي كفلتها الشرائع القانونية الدولية، وتصل إلى حدّ خسارة الروح أو الجسد، والحالات والشواهد كثيرة في هذا المستوى وموثقة، ولا تخفى على أحد. لذلك وجب احترام حرية التعبير، لأنها مسؤولية وليست فوضى.

72C9A82E-E6AE-4A2E-8BAC-B8DD352326AD
72C9A82E-E6AE-4A2E-8BAC-B8DD352326AD
أحلام رحومة (تونس)
أحلام رحومة (تونس)