حركة قضائية تشمل زوجة الرئيس سعيد تثير جدلاً في تونس

حركة قضائية تشمل زوجة الرئيس سعيد تثير جدلاً في تونس

14 اغسطس 2020
استفادة زوجة سعيد من الترقية من الرتبة الثانية إلى الثالثة (تويتر)
+ الخط -

أسفرت الحركة القضائية السنوية في تونس عن نقل القاضية إشراف شبيل، زوجة رئيس الجمهورية قيس سعيد، من المحكمة الابتدائية بتونس إلى محكمة الاستئناف بصفاقس لضرورة العمل، وما يتطلبه مرفق القضاء العدلي، مع تمتعها بالترقية من الرتبة الثانية إلى الثالثة، ما أثار جدلاً.

ورغم أن هذه القرارات شملت العديد من القضاة والقاضيات، إلا أن نقل زوجة الرئيس أثار ضجة واسعة في تونس، وفي الوقت الذي رحب فيه البعض بهذا القرار الذي جاء ليؤكد بحسبهم استقلالية القضاء عن الشأن السياسي، انتقده آخرون.  

وقال عضو المجلس الأعلى للقضاء عماد الخصخوصي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ الحركة القضائية شملت 525 قاضياً، 160 قاضياً في الرتبة الأولى، و153 قاضياً الرتبة الثانية، و212 قاضياً في الرتبة الثالثة.

وبحسب الخصخوصي، فإن المراجعات وسحب الخطط شملت 13 قاضياً من الرتبة الثالثة، مبيناً أن الجدل الذي يرافق كل عام الحركة القضائية سببه أنه لا يمكن إرضاء جميع القضاة، وأن النقل يتم بحسب رغبات وظروف خاصة للقضاة، ومعايير معينة يأخذها المجلس بعين الاعتبار، وأيضاً وفق حاجيات المحاكم، مشيراً إلى أنه لو تم التسليم بحرية النُقل فإن أغلب القضاة سيختارون العاصمة والمدن الكبرى، وسيحصل شغور في بقية الجهات.

الحركة القضائية شملت 525 قاضيا، 160 قاضيا في الرتبة الأولى، و153 قاضيا الرتبة الثانية، و212 قاضيا في الرتبة الثالثة

وبين عضو المجلس أن الهدف هو إعادة التوازن بين المحاكم، والترفيع في عدد القضاة بالمحاكم التي تشهد ارتفاعاً في نسق العمل، والتخفيض من الضغط في المحاكم التي تشهد نقصاً.

وأوضح المتحدث أن القاضية إشراف شبيل، زوجة الرئيس، اختارت مواصلة عملها، وهذا يقتضي خضوعها للقواعد والإجراءات المعمول بها ومعاملتها مثل بقية القضاة، مشيراً إلى أنه طُلب منها بصفة خاصة عدم مباشرة العمل عندما أصبحت زوجة الرئيس تفادياً لأي حرج قد يرافق صفتها، ولكنها رفضت، مبيناً أن "المجلس وإذ احترم رغبتها، إلا أنه كان يأمل عدم مباشرتها للعمل لتفادي أي إشكاليات قد تحصل في الجلسات، فكونها زوجة الرئيس سيجعل البعض يساندها أو يرفضها، ما قد يمس من مبدأ استقلالية القضاء".

وأكد أن "شبيل اختارت مواصلة عملها، وتم التعامل معها شأنها شأن بقية القضاة، وفي كنف المساواة، ونقلتها لم تكن لوحدها، بل تم نقل 4 قاضيات لهن نفس سنوات الأقدمية والرتب".

وبين أن أسباب النقل تعود إلى ترقيتها إلى رتبة أخرى، و"الترقية تحتم عدم بقاء القاضي في نفس مكان العمل"، مبيناً أن "القاضية شبيل أمامها عدة خيارات، فإما مواصلة ممارسة عملها أو عدم المباشرة أو الاعتراض ضمن الحركة الاعتراضية في ظرف 8 أيام من نشر الحركة القضائية، إما بسبب الحالة الشخصية أو الاجتماعية، وينظر المجلس في الأسباب"، مؤكداً أنه "يمكن لشبيل التظلم أمام المجلس أو اللجوء إلى المحكمة الإدارية".

وتابع المتحدث أن "المجلس سيتفاعل بحسب ما يراه مناسباً، ولا دخل له في السياسة"، مضيفاً أن "زوجة الرئيس تبدو أيضاً متفهمة للقرار".

وقال القاضي الإداري المتقاعد أحمد صواب  في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "هذا النقل مهم، وما قام به المجلس الأعلى للقضاء تاريخي"، مؤكداً أن "الجدل الذي رافق الحركة القضائية، وخاصة نقل زوجة الرئيس، طبيعي، لأنه لا يمكن ترضية جميع الأطراف".

وتابع صواب أنه "كان من الأنسب على شبيل طلب عدم المباشرة تفادياً لإحراج نفسها، وكذلك إحراج الرئيس، وحتى المرفق القضائي"، مبيناً أن تنقلها للمحكمة يقتضي تأميناً خاصاً للمحكمة، بحكم صفتها واحتياطات خاصة، وحتى المحامين قد يواجهون حرجاً باعتبارهم أمام زوجة الرئيس، وبالتالي فالمصلحة العامة تقتضي منها عدم المباشرة لعدم الإحراج".

وأفاد بأن "هذا لا يعني التشكيك في كفاءة القاضية شبيل، بل بالعكس، فهي قاضية مشهود لها بالكفاءة وحسن الخلق، ولكن يجب تغليب المصلحة العامة أحياناً"، مضيفاً أن "الجيد في الحركة القضائية التي تمت هذا العام نقل بعض القضاة ممن أثير حولهم جدل، مثل القاضي بشير العكرمي، وبدرجة أقل الناطق الرسمي باسم القطب القضائي، سفيان السليطي"، مشيراً إلى أنه "لابد من التداول على المناصب، وهو ما يبعد القاضي عن الضغوطات ويكرس استقلالية القضاء". 

وأكد صواب أن "ما حصل يؤكد استقلالية القضاء، ومن المستحيل أن يؤثر أي حزب أو سلطة سياسية في قرارات المجلس الأعلى للقضاء"، مضيفاً أنه "سبق له العمل مع أغلب أعضائه ومشهود لهم بالنزاهة، وبالتالي لا تأثيرات سياسية في النقل".

دلالات