حركة حماس على حافة المنافسة

حركة حماس على حافة المنافسة

23 أكتوبر 2016
(عباس وهنية في غزة، 2007، تصوير: محمد عابد)
+ الخط -

تقف حركة حماس اليوم موقف المراقب الحذر حول مسألة "خلافة أبو مازن" إلا أن سلوكها السابق قد يشي باحتمالية دخولها خط المنافسة على المنصب رغم انخفاض الحديث في هذا الإطار وكما يبدو همسًا سياسيًا ظهر على لسان بعض قياداتها من وقت لآخر، فالقانون الأساسي الفلسطيني يعطي كرسي الرئاسة الفلسطيني إذا ما كان شاغرًا بعد غياب الرئيس الحالي لصالح رئيس المجلس التشريعي وهو النائب عزيز دويك عن كتلة حماس البرلمانية.

هذا ما حصل سابقًا بعد استشهاد الرئيس ياسر عرفات، إلا أن حركة حماس تعلم جيدًا الخطوة التي أقدم عليها الرئيس عباس بتشكيل ما يعرف بـ"المحكمة الدستورية العليا" حيث من الممكن أن يكون رئيسها هو الخليفة المؤقت في ظل التعطل القسري للمجلس التشريعي طيلة السنوات التسع الماضية.

ما يهمنا هو ردود الأفعال التي أبدتها قيادة الحركة بُعيد تشكيل هذه "المحكمة" لتعطينا مؤشرًا على اهتمام ٍ كبير بهذا الموضوع، الأمر الذي صرح به القيادي أسامة حمدان لإحدى الصحف العربية، أن "الحركة تدرس قضية خلافة أبو مازن لأن الأمر يهم جميع القوى الفلسطينية وينبغي أن يمر هذا الأمر من خلال إطار وطني مؤسسي" هذا ما يفسر إصرار الحركة على الالتزام بالقانون الأساسي الذي سيجعل المنصب من نصيب قيادتها ولو بشكلٍ مؤقت.

إلا أن حماس تدرك عدم تمكنها من طرح مرشح لها يخوض غمار الانتخابات الرئاسية في ظل المتغيرات المتسارعة في الإقليم العربي وعلاقتها المتأزمة مع النظام المصري والحصار السياسي الذي تفرضه الدول الغربية عليها، علاوة على فهمها الحقيقة المرّة المسلّم بها، وهي أن منصب الرئاسة الفلسطينية لا يأتي إلا وفق النسق العربي بالتوافق مع المنظومة التي ساهمت وساعدت على تشكيل السلطة الفلسطينية، وإن بدا الموضوع من خلال صندوق الاقتراع.

حاربت حركة حماس وإلى جانبها الكثير من الفصائل الفلسطينية اتفاق أوسلو الذي أفرز السلطة الفلسطينية، وكانت تصريحات قياداتها متشددة ضد التنازل عن الثوابت الفلسطينية برمتها، إلا أننا اليوم نشهد ضبابيةً كبيرة في تصريحات بعض قياداتها، أبرزهم خالد مشعل، بما يتعلق بقبول الحركة دولةً فلسطينيةً على أراضي الـ 67.

وفي السابق رفضت حركة حماس المشاركة في انتخابات العام 1996 لكنها شاركت في انتخابات التشريعي والمحليات في العامين 2005 و2006 دون الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها محمود عباس، أما اليوم فالأمور أفضل حالاً من تلك الفترة، فحماس توسعت علاقاتها الإقليمية ولها داعمون أقوياء كتركيا وقطر، قد يدعمانها لدخول خط المنافسة على هذا المنصب بمباركة عربية إسلامية.

لكن ماذا عن الدول الغربية وإسرائيل التي عزلت حركة حماس قبل وبعد سيطرتها على غزة؟ المنطق يدعو حركة حماس إلى التريث كثيرًا قبل التفكير في هذا المنصب إذا ما فهمت ما صرح به عضو "المجلس الوزاري المصغر" الإسرائيلي زئيف إلكين مطلع هذا العام حيث قال "إن انهيار السلطة الفلسطينية بات أمرًا حتميًا، والسلطة في حال انهيارها، سيتبع ذلك حالة من الفوضى".

هذا التصريح جاء في معرض حديثه عن تكريس الفصل الجغرافي من خلال تفكير إسرائيلي جاد بتسهيلات كبيرة لإنشاء جزيرة اصطناعية تحتوي مطارًا وميناءً يعزز فك ارتباط القطاع عن الضفة الغربية، لنا أن نتخيل فوز حماس بمنصب الرئاسة، الأمر الذي لابد أن يخدم بالضرورة مثل هذه المخططات ويحقق الأهداف الإسرائيلية باعتبار قطاع غزة الكيان الفلسطيني الوحيد الذي استمر بعد تدمير مؤسسات السلطة في الضفة بعد انهيارها، فهل تفعلها حركة حماس وتغامر بدخولها إلى معركة المنافسة على "خلافة محمود عباس"؟!


* كاتب فلسطيني/غزة

المساهمون