حرب إدلب: جسرالشغور وريف اللاذقية وسهل الغاب أول المهددين

ريان محمد

avata
ريان محمد
11 اغسطس 2018
AA916174-D77F-45B5-9106-6F8491DB4172
+ الخط -


على صوت "طبول الحرب" يترقّب الجميع مصير محافظة إدلب، عاصمة مناهضي النظام السوري، بمختلف مرجعياتهم، وإن كان التركيز يبرز "هيئة تحرير الشام" وعصبها الرئيسي تنظيم "النصرة" المصنف دولياً تنظيماً إرهابياً، وكأنها القوة المسيطرة، وهذا يفتح باب ضرورة الوصول إلى تسوية ما لمستقبل إدلب، يضمن عدم عودتها إلى سطوة التنظيم وأشباهه.

وروّج النظام أن مصير إدلب مثله مثل باقي مناطق "خفض التصعيد" المقرة ضمن مسار أستانة الذي تضمنه كل من روسيا وتركيا وإيران، بدءاً من ريف حمص الشمالي إلى الغوطة الشرقية وجنوب دمشق وأخيراً المنطقة الجنوبية. وأُعطيت تلك المناطق مدة 6 أشهر تم تجديدها، بهدف التسوية وإنهاء وجود سلاح المعارضة فيها الذي يبدو أن هناك توافقاً دولياً حوله، وعلى رأسه روسيا وأميركا ويلحظ أمن الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن السيناريو في إدلب لا يزال مفتوحاً على عدد من السيناريوهات لا يزال أقربها هو القيام بعملية عسكرية محدودة في بعض المناطق وإعطاء فرصة أخرى لتركيا لحلّ مشكلة "جبهة النصرة"، التي ترفض التخلّي عن سلاحها. كما أن من شأن أي عملية شاملة في إدلب أن تؤثر على التفاهمات التركية الروسية بسبب تأثيرها المباشر على تركيا.

وبدا أن مسار أستانة الذي عُقدت جولته الأولى برعاية روسيا وتركيا وإيران، في 23 يناير/ كانون الثاني 2017، سرعان ما أخذ على عاتقه تسوية الميدان في سورية ليصبح قابلاً لأي بناء سياسي متوافق عليه دولياً، والذي كانت آخر جولاته أستانة 10، في مدينة سوتشي الروسية، في يومي 30 و31 يوليو/ تموز الماضي، التي فُهمت حينها أنها دمج مسار أستانة مع سوتشي. وعليه يتم القبض على جميع الملفات السورية الساخنة. وبغضّ النظر عن النتائج، إلا أنه كان من الواضح أنه لم يكن هناك حسم للوضع في إدلب، وعبّر عن ذلك الروس بأنه لن تكون هناك عملية عسكرية واسعة في إدلب، إلا أنه بالوقت نفسه لم تنفِ قيام أي عمل عسكري، ما يعني العودة إلى سياسة القضم.

من جانبها، تركيا تلقّفت رسائل الروس حول إدلب في مؤتمر سوتشي الأخير، وضرورة القضاء على "جبهة النصرة"، فعمدت إلى محاولات إقناع "النصرة" بحلّ نفسها وخروج القيادات والمقاتلين الأجانب من المنطقة. وهذا ما يُطالب المجتمع الدولي به. إلا أن فشل هذه المحاولة استدعى من تركيا تشكيل "الجبهة الوطنية للتحرير" التي تضمّ كل فصائل المعارضة المعتدلة، وذلك في 1 أغسطس/ آب الحالي، بعد يوم واحد من محادثات أستانة 10، وذلك إثر اجتماع بين الجانب التركي والفصائل المسلحة في العاصمة التركية.

وقد ضمّت هذه الجبهة كلاً من "جبهة تحرير سورية"، المشكلة أوائل العام الحالي من اندماج "أحرار الشام" و"تجمع دمشق" و"نور الدين زنكي"، و"جيش الأحرار" و"ألوية صقور الشام"؛ بالإضافة إلى "الجبهة الوطنية للتحرير"، التي تشكّلت أيضاً في مايو/ أيار الماضي. وفي صفوفها ينضوي كل من "لواء شهداء الإسلام في داريا" و"الفرقة الأولى مشاة" و"فيلق الشام" و"جيش إدلب الحر" و"جيش النصر" و"الفرقة الساحلية الأولى" و"الفرقة الساحلية الثانية" و"الجيش الثاني" و"جيش النخبة" و"لواء الحرية" و"الفرقة 23"، ليتحولوا إلى أكبر جسم عسكري في الشمال، إذ يُقدّر تعداد مقاتليه بـ100 ألف مقاتل، والتي يبدو أن تركيا تدعم تشكيلها لتكون جاهزة لكل الخيارات، بما فيها الخيار العسكري في التعامل مع "النصرة".



وفي الجبهة المقابلة، هناك "جبهة فتح الشام"، التي تشكلت في يوليو/ تموز من عام 2016، على إثر إعلان "النصرة" فكّ ارتباطها التنظيمي بتنظيم القاعدة، التي تشكل العمود الفقري لما شكل في يناير/ كانون الثاني من عام 2017، تحت اسم "هيئة تحرير الشام"، عبر اندماج كل من "جبهة أنصار الدين" و"جيش السنّة و"لواء الحق" و"مجموعات من أحرار الشام"، بالإضافة إلى "كتائب نور الدين الزنكي"، التي سرعان ما انسحبت مع بعض "أحرار الشام".

كذلك توجد في إدلب تشكيلات عسكرية عدة تعتبر أنها مرتبطة أو مرجعيتها الفكرية تنظيم "القاعدة"، ومنها "حلف نصرة الإسلام"، المكون من اندماج "أنصار التوحيد" و"حراس الدين"، ويضمّ الأخير كلاً من "سرية كابل" و"حراس الشام" و"سرايا الساحل" و"جند الشريعة"، و"جيش الملاحم"، و"جيش البادية"، و"جيش الساحل"، إضافة إلى "الحزب الإسلامي التركستاني"، و"جماعة أنصار الدين".

من جانبه، قال قائد "تحرير الوطن" العقيد فاتح حسون، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه "بالنسبة للوضع في إدلب، هناك خيارات وسيناريوهات محضرة في حال رفض هيئة تحرير الشام تفكيك نفسها من تلقاء نفسها، ولكن جميع هذه السيناريوهات تؤدي بالنهاية إلى تفكيك التنظيمات غير المرغوب بها ولم يعد أمامها حلول بالبقاء". وأضاف أنه "إذا لم تفكك هيئة تحرير الشام فسيتم تفكيكها بالقوة الأمنية أو بالقوة العسكرية والمفاوضات"، مستبعداً "عملية عسكرية للقوات النظامية وفق التفاهمات الدولية".

بدوره، رجّح مصدر مطلع من دمشق أن "النظام والروس سيقومون بعملية عسكرية لاستعادة منطقة جسر الشغور وريف حماة، وذلك أولاً لتأمين اوتوستراد حلب اللاذقية، وإبعاداً لخطر الطائرات المسيّرة عن بعد عن قاعدة حميميم العسكرية الروسية، إضافة إلى جعلها حجة للفصائل والجهات المستعدة للانخراط في التسوية الروسية، المدعومة دولياً. وخير دليل هو قطع الدول دعمها للفصائل والصمت عن أي عمل عسكري مهما كان مستوى القصف والعنف الذي يستخدمه، حيث ستتابع عمليات التسويات بلدة عقب أخرى".

ولفت المصدر إلى أن "ذلك لا يعني قطع يد تركيا من المنطقة، أو الإضرار بمصالحها، بل سيبقى على الأرض، ممن التحق بهذه التسويات، يمثل مصالح تركيا، في ظل اعتماد تجربة الجنوب عبر إعطاء المسلحين المحليين دوراً في حفظ أمن مناطقهم. وقد يكون لهم تمثيل في الإدارات التي ستشرف على إدارة تلك المنطقة، وهذا من المحتمل أن يؤخذ بعين الاعتبار في الدستور الذي تعمل الأمم المتحدة على وضعه".

وعلى الصعيد الميداني واصلت قوات النظام إرسال تعزيزات إلى محيط محافظة إدلب شمال غربي سورية، بالتزامن مع استهداف مناطق في المحافظة ومناطق بريف حماة الشمالي وريف اللاذقية وغرب حلب بالقصف المدفعي.



وذكرت مصادر محلية أن "قوات النظام استهدفت مساء الخميس وصباح الجمعة، بالصواريخ والرشاشات الثقيلة، مناطق في مثلث جسر الشغور ـ سهل الغاب - ريف اللاذقية، طاول كبانة في جبل الأكراد ومناطق في جبل التركمان بريف اللاذقية الشمالي، إضافة لمحيط بلدة الناجية وقرية بداما ومرعند في الريف الغربي لمدينة جسر الشغور، ما أسفر عن سقوط جرحى".

كذلك سقطت قذائف عدة أطلقتها قوات النظام على قرية المشيك بسهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي، بالتزامن مع قصف مماثل على محاور تردين والخضر في جبل الأكراد في الريف الشمالي اللاذقية، وقريتي العنكاوي والقرقور، في سهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي. كذلك طاول القصف الصاروخي بعد منتصف ليل الخميس – الجمعة بلدة كفرنبودة وقرية الصخر في ريف حماة الشمالي.

إلى ذلك، ذكرت المصادر أن "هيئة تحرير الشام" و"الحزب الإسلامي التركستاني" تسلّما نقاط تابعة لفصيل "فيلق الشام" وفصائل أخرى في محور كبانة بريف اللاذقية الشمالي، في إطار الاستعداد لهذه المعركة كما يبدو.

ومع تصاعد عمليات التحشيد والقصف، رجّح مصدر عسكري تحدث لـ"العربي الجديد" أن "تكون قوات النظام تحضّر لعمل عسكري، ربما يكون محدوداً، في منطقة سهل الغاب – جبال اللاذقية – جسر الشغور خلال الفترة المقبلة". وتوقع المصدر أن "يسعى النظام وروسيا إلى مزج عنصري المصالحة والعمل العسكري، على غرار ما حصل في الغوطة الشرقية ودرعا للسيطرة على الوضع في إدلب، مع تجنّب شنّ عملية عسكرية واسعة تتسبب في تهجير أعداد كبيرة من المدنيين وتفسد التحالف التكتيكي بين روسيا وتركيا. وقد تدفع الفصائل إلى التوحد مع هيئة تحرير الشام في مواجهة النظام بدل عزل الأخيرة".

في هذا السياق، أعلنت الخارجية الروسية أن "الوزير سيرغي لافروف سيزور أنقرة يوم الاثنين المقبل، لبحث الوضع في سورية مع نظيره التركي". إنسانياً، حذّرت منظمة الأمم المتحدة من النتائج الإنسانية المترتبة على أي عمل عسكري في إدلب، التي يقدّر عدد سكانها بأكثر من 4 ملايين شخص. وذكرت، أمس الجمعة، أن "معركة محافظة إدلب السورية بين النظام والمتمردين من الممكن أن تؤثر على حياة أكثر من مليون طفل، كثير منهم يعيشون في مخيمات لاجئين". كذلك ذكرت "يونيسف" أن "الطعام والمياه والأدوية ناقصة بالفعل بشكل كبير في المحافظة الواقعة شمال غربي البلاد، وهي الآن تضم مليون سوري نزحوا من منازلهم جراء الهجمات الحكومية في أنحاء البلاد".

وبيّنت المنظمة أن "معركة إدلب، آخر حاضنة رئيسية للمعارضة السورية والعسكرية السورية، من شأنها أن تفاقم من الوضع الإنساني الرهيب بالفعل، ومن المحتمل أن تؤدي إلى نزوح 350 ألف طفل". وكانت الأمم المتحدة قد دعت، يوم الخميس الماضي، إلى "إجراء مفاوضات عاجلة لتجنّب حمام دم في صفوف المدنيين في محافظة إدلب".



ذات صلة

الصورة
قصة القش.. نازحات سوريات يعشن الحنين، 29 نوفمبر 2024 (عامر السيد علي/العربي الجديد)

مجتمع

ثلاث سوريات نزحن من بلدة حاس في ريف إدلب الجنوبي إلي ريف إدلب الشمالي، حيث عُدن إلى ممارسة مهنة نسج أطباق وسلال القش التي تعلّمنها منذ الصغر
الصورة
من ضربة روسية في إدلب، أكتوبر 2024 (عزالدين قاسم/الأناضول)

سياسة

بدأت "هيئة تحرير الشام" وفصائل المعارضة السورية، معركة واسعة النطاق غربي حلب ضد قوات النظام والمليشيات الإيرانية، وجهّزت لها عسكرياً وإعلامياً.
الصورة
الهلال الأحمر القطري يفتتح قريتين سكنيتين شمال غرب سورية، 18 نوفمبر 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

تواصل منظمة الهلال الأحمر القطري العمل في الإسكان الإنساني في مناطق شمال غربي سورية، حيث افتتحت قريتين في منطقة كفر جالس غربي مدينة إدلب.
الصورة
النازح السوري محمد كدرو، نوفمبر 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

أُصيب النازح السوري أيمن كدرو البالغ 37 عاماً بالعمى نتيجة خطأ طبي بعد ظهور ضمور عينيه بسبب حمى أصابته عندما كان في سن الـ 13 في بلدة الدير الشرقي.