حراك شعبي ورسمي فلسطيني للإفراج عن الأسرى المرضى

حراك شعبي ورسمي فلسطيني للإفراج عن الأسرى المرضى

16 يوليو 2020
بدأ حراك رسمي فلسطيني للمطالبة بالإفراج عن الأسير أبو وعر(العربي الجديد)
+ الخط -

حرّك اكتشاف إصابة الأسير الفلسطيني المريض بالسرطان كمال أبو وعر بفيروس كورونا، قبل أربعة أيام، الدعوات الفلسطينية للإفراج عن الأسرى المرضى وكبار السن والنساء والأطفال، مرة أخرى، لحمايتهم من الإصابة بالفيروس. ومن المتوقّع أن تكون هذه الفئات الأكثر تضرراً في حال تفشّي الفيروس في السجون الإسرائيلية، بحسب مؤسسات فلسطينية تعنى بشؤون الأسرى في سجون الاحتلال، فيما بدأ حراك رسمي فلسطيني للمطالبة بالإفراج عن الأسير أبو وعر.
وقال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحرّرين قدري أبو بكر: "إنّ الهيئة قامت بالعديد من الاتصالات بعد إصابة أبو وعر، مع وزارة الخارجية وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، وزوّدتهم بأسماء 40 أسيراً مصابين بأمراض مختلفة، وتمّت مخاطبة كل المؤسسات الدولية والبعثات الدبلوماسية في فلسطين بشأن ذلك".
وأكّد أبو بكر ، خلال مؤتمر صحافي في مدينة البيرة، وسط الضفة الغربية، داخل مقر هيئة شؤون الأسرى والمحررين، على وجود الكثير من الحالات الصعبة لأسرى مصابين بالسرطان والكلى، وآخرين مقعدين، مشيراً إلى أنّ الهيئة ناشدت منذ بداية أزمة كورونا العالم والمنظمات الإنسانية بضرورة إطلاق سراح الأسرى، على الأقل المرضى وكبار السن والنساء وصغار السن منهم. لكن الاحتلال لم يستجب لهذا الطلب. وأشار أبو بكر  إلى وجود قرارات، من أعلى المستويات الإسرائيلية، بما في ذلك الكنيست، بعدم الإفراج عن أيّ أسير فلسطيني حتى لو بقيت من حياته ساعات، في حين أنّ كلّ دول العالم تجاوبت وأفرجت عن سجناء لديها.
وقال أبو بكر: " كنّا حذّرنا من انتقال فيروس كورونا للسجون، قبل تفشّيه، وأرسلنا العديد من الرسائل لمنظمة الصحة العالمية حول الموضوع. وهي بدورها خاطبت الاحتلال بضرورة الوقاية من الوباء، ولم تكن هناك إجراءات احترازية داخل السجون، إلى ما قبل شهرين فقط، نتيجة ضغط الصليب الأحمر وبعض المؤسسات، فبدأ عندها  الاحتلال بإدخال كمّامات ومواد تعقيم".
بدوره، طرح مدير مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية "حريات"، حلمي الأعرج، ضرورة العمل وطنياً ضمن استراتيجية، لحمل ملف الأسرى وتدويله. وقال الأعرج لــ"العربي الجديد"، على هامش المؤتمر: "يجب أن تكون هناك استراتيجية وطنية، وتناغم على المستوى الرسمي والشعبي، من خلال العلاقات الحثيثة والوثيقة مع المجتمع المدني الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان الدولية، كما يجب أن يتحرك ممثلو دولة فلسطين في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، والصليب الأحمر، والأمين العام والدول السامية المتعاقدة، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية. هذا النفس الطويل والنضالي الدؤوب القائم على أساس منهجية علمية، ثورية، وقانونية، سيوصلنا بالضرورة إلى نتائج، والخطر الداهم الذي يتهدّد حياة أسرانا يحب أن يدفعنا لأن نسير بهذا الاتجاه".

 

مؤتمر صحافي-  فلسطين(العربي الجديد)

 

واعتبر رئيس نادي الأسير قدورة فارس، في كلمة له، أن ما يحصل في سجون الاحتلال هو هجمة شاملة من الاحتلال على الأسرى، وقال: "على الرغم من الجائحة والتحدي الكبير الذي يتعرض له العالم، إلّا أنّ دولة الاحتلال أبقت على سياساتها في ما يتعلّق بالشعب الفلسطيني، ولم تغير شيئاً. ومن ضمن سياساتها البارزة، استمرار حملات الاعتقال، ونحن نعلم أنّ العديد من جنود الاحتلال وضبّاطه أصيبوا بفيروس كورونا حتى وصل إلى رئيس الأركان".
وحول إصابة أبو وعر، قال فارس: "لا نعلم كيف أصيب كمال أبو وعر بفيروس كورونا، قد تكون العدوى انتقلت إليه عن طريق السجّانين. لكنه كان في وضع صحي خطير جداً قبل إصابته بالفيروس، بسبب إصابته بالسرطان. عمليات نقل الأسرى تتم بشكل منتظم، فمن يضمن أنّ الوحدات أو الفرق الخاصة التي تتولى عملية نقل الأسرى غير مصابة بكورونا؟".
وحذّر فارس من وصول الوباء إلى السجون قائلاً: " تمّ الإعلان عن حالة الطوارئ بسبب الجائحة، لكن  مصلحة السجون لم تتصرّف على أنّهم يعيشون في ظروف الطوارئ تلك، علماً أنّ الحذر الشديد واجب. إذ إنّ أيّ  مرض كان يصل للسجون، مثل الرشح أو الأمراض الجلدية، كان ينتشر بسرعة كبيرة في أوساط الأسرى. الحركة الأسيرة هي الآن في مركز وبؤرة الاستهداف الإسرائيلي، والتعبير عن هذا الإستهداف يأتي بأشكال عدّة، منها حملات الاعتقال المستمرة والإجراءات التي اتخذت في السجون، ولعلكم لاحظتم أنهم أعطوا الأسرى بدل الكمّامة الطبية قطعة من القماش التي كانت ستسقط في أيّ اختبار طبي، وكانوا حريصين أن يكون لونها بنيا!".
من جانبها، اعتبرت المحامية تالا ناصر، من مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، في كلمة لها، أنّ سلطات الاحتلال استغلّت الحالة العامة الصحية بعد تفشي فيروس كورونا، للتضييق أكثر على الأسرى الفلسطينيين بشكل يمسّ حقوقهم الأساسية، خصوصاً منع زيارات الأهالي أو زيارات المحامين لموكليهم، بحجة فرض تعليمات خاصة بالطوارئ، فحرمت الأسرى من تلقي الاستشارات القانونية، على أن تتم فقط عبر الهاتف الذي لا يوفر السرية.
وحذّرت ناصر من أنّ هناك العديد من الاقتراحات، من بينها تحويل الإجراءات المعلنة حالياً والتي تنتهي مفاعيلها في شهر سبتمبر/ أيلول المقبل، إلى قانون مؤقّت لمدة عام في الكنيست، أي أنه لن تكون هناك زيارات دورية للأهالي والمحامين لمدة عام.

 

 

وطالب رئيس الهيئة العليا لمتابعة شؤون الأسرى والمحررين، أمين شومان، الأسرى أنفسهم بالعمل على موقف موحّد يقوّي جبهتهم، والعمل على تفعيل الدور الشعبي المساند للأسرى، فضلاً عن رسالة وجهها للمؤسسات الحقوقية والدولية للتحرّك في ملف الإهمال الطبي.
وعلى المستوى الرسمي، أعلنت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الفلسطينية، في بيان لها، أنه وبناء على تعليمات الرئيس محمود عباس، ستقوم بحملة دولية لعلاج الأسير كمال أبو وعر، والإفراج الفوري عنه. وأعلنت الوزارة عن بدء هذا التحرّك على عدة مستويات، من بينها الأمم المتحدة والمؤسسات التابعة لها، كمجلس حقوق الإنسان ومنظمة الصحة العالمية.
وقال رئيس الإدارة العامة للأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة وحقوق الإنسان في وزارة الخارجية الفلسطينية، عمر عوض الله، لإذاعة صوت فلسطين: "إنه سيتم الطلب من منظمة الصحة العالمية تفعيل قرار سابق للمنظمة بتشكيل لجنة تقصي حقائق للاطلاع على أوضاع الأسرى الصحية وظروف اعتقالهم".
وأشار عوض الله إلى أنّ قضية الأسرى، خاصة المرضى، ومن بينهم الأسير كمال أبو وعر، ستكون على طاولة مجلس حقوق الإنسان، الذي يعقد اجتماعاً اليوم الخميس. وأضاف أنّ المقرّر الخاص لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، سيقدّم تقريراً حول الاعتقال التعسفي والعقاب الجماعي.
وأضاف عوض الله أنّ قضية الأسير كمال أبو وعر وصلت إلى مكتب الأمين العام للأمم المتحدة، وستتم متابعة هذا الملف من قبل المراقب الدائم لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، السفير رياض منصور. ويتم الانتظار لفتح المدعية العامة للجنائية تحقيقاً حول الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، والجرائم التي يرتكبها الاحتلال ومن بينها وضع الأسرى.
وأوضح عوض الله أنّه سيتم التعميم على سفراء دولة فلسطين في كافة دول العالم بالحديث عن قضية الأسرى، وخاصة أبو وعر، لفضح ممارسات دولة الاحتلال وسياسة الاهمال الطبي تجاه الأسرى.
ويأتي الحراك الرسمي الذي تحدثت عنه وزارة الخارجية الفلسطينية، بعد تصريحات للرئيس الفلسطيني محمود عباس، مساء الأربعاء، خلال اتصاله بوالد الأسير المريض كمال أبو وعر، والتي أبلغ فيها عباس والد الأسير أبو وعر بأنّه أعطى تعليماته للجهات المسؤولة كافة للقيام بحملة دولية للضغط على إسرائيل لتقديم العلاج المناسب له والإفراج الفوري عنه.

المساهمون