حرائق إيران تصل إلى المدن... وشكوك حول نوايا جرمية

حرائق إيران تصل إلى المدن... وشكوك حول نوايا جرمية

07 يونيو 2020
يُخشى من اندلاع المزيد من الحرائق (وكالة إيسنا)
+ الخط -

ليست المرة الأولى التي تشهد فيها إيران حرائق مع ارتفاع درجات الحرارة. لكن هذا العام يبدو مختلفاً، مع وصول الحرائق إلى داخل المدنب والغابات. وعلى الرغم من عدم انتهاء التحقيقات بعد، إلا أنه تثار شكوك حول كونها متعمدة 

مع بداية فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة في كل عام، تشهد إيران اندلاع حرائق في عدد من المناطق. إلا أن هذا العام يبدو مختلفاً بالمقارنة مع السنوات السابقة، إذ إن النيران وصلت إلى المدن والحدائق وغيرها، ما أثار تساؤلات حول الأسباب. وأفادت وكالة "مهر" الإيرانية بأن الحرائق التهمت صباح اليوم منطقة جاه نفت الواقعة عند أطراف مدينة جهرم في محافظة فارس جنوبي البلاد، مشيرة إلى أنها وصلت إلى المرتفعات، في وقت هرعت فرق الإطفاء إلى المكان لإخماد النيران، لكن ما من معلومات بعد عن حجم الأضرار. كذلك اندلعت حرائق مساء أمس في المنطقة الخضراء على مقربة من سجن إيفين في العاصمة طهران، ويعد أشهر السجون الإيرانية، إذ يقبع فيه معظم السجناء السياسيين أو من تصفهم السلطات بالسجناء الأمنيين، ما أثار مخاوف من وصول النيران إلى داخل السجن، لكن سرعان ما أعلن المعنيون أن الحرائق اندلعت خارج منطقة السجن وأنها لا تشكل خطراً عليه.

في هذا الإطار، قال المتحدث باسم منظمة إطفاء الحريق التابعة لبلدية طهران، جلال ملكي، لوكالة "إيسنا" الإيرانية، إن الحريق اندلع عند التاسعة ليلاً في مساحة خضراء قريبة من سجن إيفين، مشيراً إلى أنه امتد على مساحة ألفي متر مربع، والتهم الأعشاب الجافة. أضاف أن رجال الإطفاء سيطروا عليه سريعاً بعد وصولهم إلى المنطقة، مؤكداً أن الحريق كان خارج منطقة السجن ولم يتسبب بأي أضرار. وأكد بأن السلطات بدأت بإجراء تحقيقات.

وكانت قد نشبت حرائق في أربع حدائق في العاصمة طهران الأسبوع الماضي، ما أثار شكوكاً حول أسباب اندلاعها. وكتبت صحيفة "آفتاب يزد" الإصلاحية، أمس، أن بعض أعضاء مجلس بلدية طهران يرون أن مسلسل الحرائق في الحدائق العامة "متعمد، وأن المخربين يهدفون من خلال ذلك إلى إخافة الرأي العام". إلا أن المتحدث باسم منظمة إطفاء الحريق قال إنه "على الرغم من ادعاء البعض بأن الحرائق كانت متعمدة، لم يثبت خبراء إطفاء الحريق الأمر حتى الآن".

وكانت الشرطة قد أعلنت الإثنين الماضي اعتقال ثلاثة مشتبه بهم في إشعال النيران، مؤكدة أنها بدأت تحقيقات حول ملابسات الحرائق في الحدائق، وداعية إلى الانتظار حتى الإعلان عن النتائج. وانتقدت "التصريحات المتسرعة للبعض" حول أسباب الحرائق.

وكخطوة رادعة، أعلن مسؤول الشؤون القانونية في منظمة الغابات والمراعي الإيرانية، رضا أفلاطوني، اليوم، بحسب ما أوردت وكالة "مهر"، أنه بعد اتصالات مع الادعاء العام الإيراني، تقرر تنفيذ عقوبة السجن لمدة عشر سنوات بحق كل من يقوم بإضرام النيران في الغابات "عمداً".



إلى ذلك، وصلت النيران إلى منشآت حساسة، والتهمت الأربعاء الماضي أجزاء من مصفى تكرير النفط بطهران، ما أدى إلى مقتل عامل فيه وإصابة آخر بحروق، قبل أن تعلن إدارة المصفى السيطرة على الحريق وعودته إلى الإنتاج سريعاً.

وكشفت وكالة "مهر" الإيرانية اليوم عن اندلاع حرائق أخيراً في مطار الإمام الخميني الدولي، جنوب العاصمة طهران، ليعلن مدير المطار محمد مهدي كربلائي تشكيل مجموعة عمل طارئة لدراسة أسباب هذه الحرائق والبحث عن آليات لمنعها "نظراً إلى أهمية هذا المطار".
والخميس الماضي، اندلع حريق في مزرعة كبيرة للحيوانات في منطقة غوهر دشت الواقعة في محافظة ألبرز الملاصقة لطهران، طاول هكتاراً من مساحة المزرعة البالغة 10 هكتارات. وأفادت وكالة "فارس" بأن رجال الإطفاء سيطروا على الحريق سريعاً، مشيرة إلى أن سبب وقوع الحادث "قيد التحقيق ولم يتضح بعد".

إلا أن الحريق الأضخم اندلع مؤخراً في غابات منطقة "خائيز" في محافظة كهكيلويه وبوير أحمد، وتمت السيطرة عليه بعد أربعة أيام. وتسبب الحريق بأضرار لمائة هكتار من هذه الغابات، وتدمير 40 هكتاراً منها. وكشف فريبرز غيبي، أحد مسؤولي مصلحة الغابات في إيران، لوكالة "إيسنا"، أن الحرائق التهمت بالكامل 40 في المائة من محمية منطقة "خائيز" والتي تبلغ مساحتها 100 هكتار. هذه المحمية هي جزء من منطقة زاغرس الجبلية غربي إيران، والتي تقدر مساحتها بـ30 مليون هكتار، وتحتوي على 180 نوعاً من الأشجار وأنواع مختلفة من النباتات. وتكتسب هذه المنطقة أهمية استراتيجية في الأمن الغذائي الإيراني، لكونها تمثل مصدراً كبيراً للثروة الحيوانية والمائية، إذ إنها تنتج 50 في المائة من حاجة البلاد للمواشي، و40 في المائة من الحاجة لمياه الشرب. كما أن هذه الغابات تلعب دوراً بارزاً في حياة المواطنين الإيرانيين في 11 محافظة غرب البلاد.

كما أن محمية خائيز تضم 18 ألفاً من الحيوانات البرية، وقد انتشرت صور على مواقع تواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية عن نفوق بعض هذه الحيوانات من جراء الحرائق. إلا أن رئيس محافظة كهكيلويه وبوير أحمد، حسين كلانتري، كان قد نفى يوم الجمعة الماضي صحة هذه الصور، وقال إنها تعود لحيوانات في غابات أستراليا، مؤكداً "عدم تسجيل أية وفيات بين هذه الحيوانات نتيجة النيران"، بحسب التلفزيون الإيراني.

ووسط تضارب حول أسباب حرائق خائيز، كشف رئيس مصلحة البيئة في محافظة كهكيلويه وبوير أحمد، أسد الله هاشمي، أن خلافاً على الأراضي بين شخصين من مربين للمواشي في المنطقة أدّى إلى هذه الكارثة، مشيراً إلى أنهما أشعلا النيران في الأراضي المتنازع عليها بينهما. وقال إن السلطات اعتقلت الشخصين قبل أن تفرج عنهما بكفالة مالية، وتعمد السلطة القضائية إلى دراسة الملف قبل البت فيه.

ومع ارتفاع درجات الحرارة، تشهد غابات إيران حرائق عدة. لكن اندلاع الحرائق في سبع محافظات إيرانية مؤخراً، ووصولها إلى حدائق ومزارع ومنشآت داخل المدن، أثار شكوكاً حول الأسباب. وبالعودة إلى أسباب الحرائق خلال السنوات الماضية، يتضح أن 95 في المائة منها يعود إلى البشر.



وقال قائد وحدة الأمن في منظمة الغابات الإيرانية، العقيد علي عباس نجاد، لوكالة "تسنيم" الإيرانية، إن "غزارة هطول الأمطار الموسمية هذا العام زادت من نمو النباتات والأعشاب بشكل كبير"، الأمر الذي زاد من فرص اندلاع النيران، مشيراً إلى عوامل أخرى مثل "ارتفاع درجة الحرارة والإهمال من قبل المواطنين والسياح". وكشف عن وقوع 240 حريق في 11 محافظة إيرانية خلال الأيام الـ 74 الماضية، قائلاً إن "معظم الحرائق هذا العام وقعت في محافظات بوشهر وخوزستان وكهكيلويه وبوير أحمد، والتي تجاوزت فيها درجات الحرارة الأربعين درجة خلال الأيام الأخيرة".

ويقول الخبراء إن شح الإمكانات، في مقدمتها مروحيات إخماد الحريق، تسبب في اتساع رقعة الحرائق بعد وقوعها، وهو ما يؤكده قائد وحدة الأمن في منظمة الغابات الإيرانية، علي عباس نجاد. ونقلت صحيفة "آرمان ملي" عنه اليوم أن "وزارة الدفاع، وبسبب عدم توفر الموازنة، لا تضع مروحيات إخماد الحريق تحت تصرف المنظمة". يشار إلى أن إيران تواجه عجزاً كبيراً بالموازنة (نحو الثلث) بسبب العقوبات الأميركية المفروضة عليها منذ عامين، والذي زاد مع تفشي كورونا.

وبحسب بيانات رسمية إيرانية، فإن 11 ألف حريق وقع خلال الأعوام السبعة الأخيرة في الغابات والمراعي، ما تسبب بتدمير أكثر من 125 ألف هكتار. وبعدما طاولت النيران مساحات شاسعة من غابات إيران في غرب وجنوب غربي البلاد، يحذر الخبراء اليوم من احتمال وقوع حرائق في غابات شمال البلاد، البالغة مساحتها أكثر من مليوني هكتار، وهي أشهر الغابات الإيرانية، وتطل على بحر قزوين.