Skip to main content
حذارِ من القنابل المسيّلة للدموع
سوزان برباري ــ بيروت
التعرّض للقنابل عن قرب يؤثر على الصحة (فرانس برس)

في التحرّكات الاحتجاجيّة، كثيراً ما تستخدم القوى الأمنيّة القنابل المسيّلة للدموع، لتفريق المتظاهرين. ولعلّ تظاهرات بيروت الأخيرة، خير مثال. ويحذّر خبراء في الصحة والبيئة من التعرّض المستمر لهذا النوع من القنابل، إذ إنها تشكّل خطراً على الأشخاص المستهدفين، لا سيّما الذين يعانون من مرض الربو. بالنسبة إلى هؤلاء الخبراء، التعرّض لهذه المواد قد يؤدي إلى حالات إغماء واختناق إلى حدّ الوفاة.

يتحدّث الخبير في علم البيئة والكيمياء، الدكتور جميل ريما، عن مخاطر القنابل المسيّلة للدموع، قائلاً إنها "تحتوي على مادة كلورامين التي تزيد من التلف الرئوي وتلحق ضرراً كبيراً بالكبد، وقد تصل أحياناً إلى حد الوفاة والإجهاض لدى النساء الحوامل". يضيف: "لنأخذ على سبيل المثال ما حصل في ساحة التحرير في مصر. استخدامها بشكل مكثّف أدّى إلى وفيات عديدة. كذلك، في حال مزجت مادة كلورامين بمحلول آخر، قد تتسبب في ضيق في التنفس واحمرار وجفاف في الجلد بالإضافة إلى تهيّج في الأغشية المخاطية في العين والأنف والفم والرئتين، مما يؤدي إلى البكاء والعطاس والسعال وصعوبة في التنفس. وهي تؤدي أحياناً إلى الإصابة بحروق أو بعمى مؤقت، في حين قد يلاحَظ - في حالات نادرة - تقيؤ متواصل يفضي إلى الموت".

تجدر الإشارة إلى أن قوانين الأنظمة الموصوفة بالديمقراطية، تلزم قوات الشرطة بالتدرّب جيداً على استخدام القنابل المسيّلة للدموع، وعدم إطلاقها إلا في حالة الضرورة عند التعامل مع حالات شغب، ومراعاة معايير قانونية محددة. لكن كثيرة هي الدول التي لا تلتفت إلى هذه المعايير، عند استخدام أجهزتها الأمنية الغازات المسيّلة للدموع لتفريق التجمعات الاحتجاجية.
ويوضح ريما أن "التعرّض للغازات المسيّلة للدموع لفترات طويلة وفي أماكن سيئة التهوية، قد يتسبب في مشاكل صحية خطيرة، من بينها مرض الغلوكوما، الذي يؤدي أحياناً إلى العمى، وأيضاً إلى حروق من الدرجة الثانية، بالإضافة إلى الموت الذي قد ينتج عن حروق كيميائية في الرئتين أو البلعوم. لذا يستحسن وضع قناع خاص للحماية، تجنبّاً لأي ردود فعل عكسيّة وتداعيات على الصحة مستقبلاً".

اقرأ أيضاً: لبنان.. نفايات طائفيّة

الخبير البيئي، الدكتور ناجي قديح، يحذّر أيضاً من خطورة التعرّض لتلك القنابل. ويقول إن "كثرة التعرّض لها خصوصاً على مسافة قريبة وبصورة متواصلة، قد تؤثر على الصحة وتزيد من تهيّج العيون. وعند استنشاقها قد تؤدي إلى غياب في الوعي في كثير من الأحيان. وقد شهدنا في البحرين، مثلاً، حالات لقي فيها متظاهرون حتفهم".
أما الخبير في الجيولوجيا والبيئة، الدكتور ولسون رزق، فيؤكد على أن "القنابل المسيّلة للدموع ليست مضرّة إلا عند التعرّض لها بكثافة.". يضيف أن "تأثيرها السلبي يطاول ليس فقط الإنسان الذي يعاني من حساسية ومناعة ضعيفة، إنما يطاول أيضاً البيئة والهواء والحيوانات والنباتات وكل الكائنات الحيّة على المدى الطويل".

وينصح الاختصاصي في الطب الداخلي، الدكتور إيلي فرح "بضرورة وضع قناع خاص تجنباً لحدوث أي تهيّج في العيون وضيق في المجاري التنفسية. وفي حال تعرّض شخص ما للإغماء من جرّاء هذه القنابل، لا بدّ من حمله إلى أقرب مستشفى وتزويده بالأكسجين لاستعادة وعيه". ويشدّد على "ضرورة ترطيب القناع بالمياه، كي لا يتعرّض المصاب لاختناق مفاجئ".
يُذكر أن منظمات دولية تنصح الراغبين في التظاهر باتخاذ التدابير اللازمة للوقاية من تأثيرات الغازات المسيّلة للدموع، من قبل استخدام أقنعة واقية، أو وضع منديل مبلل بالماء والخل على الأنف، أو غسل الوجه مسبقاً بالماء وصابون زيت الزيتون أو بمادة ديفوتيرين، وعدم لمس العين عند الإصابة.

لا بأس لمرّة واحدة

تشرح الاختصاصية في أمراض الجهاز التنفسي الدكتورة ميرنا واكد أن "التعرّض إلى القنابل المسيّلة للدموع لمرّة واحدة ليس خطيراً، وهو أشبه بالتعرّض إلى التدخين. ويصبح ذلك خطيراً ومؤذياً، عندما يتعرّض إليها الإنسان مرّات عدّة وبكميات كبيرة. حينها، يؤدّي الأمر إلى ضيق في التنفس إلى حدّ الاختناق، خصوصاً لدى المصابين بالربو والحساسية، والعجزة والأطفال وذوي المناعة الضعيفة".

اقرأ أيضاً: "طلعت ريحتكم" تعتصم في بيروت