حديدٌ من قرنين مختلفين

حديدٌ من قرنين مختلفين

12 يوليو 2020
(هاي شانغ)
+ الخط -

انبثقت المياهُ المَهيبةُ على تضاريس هذه الأرض الرائعة
انطلقتْ صورُ الأزياء الفخمة مع تدفّق التاريخ منذ عهد أسرة تانغ
انتصبَ الجسرُ المكسورُ فاقداً ذاكرةَ هذا القَرنِ تماماً
مثلُ المخطوطاتِ غيرِ المكتملة التي تحبسُ أنفاسَ الرّعود

غمرَ نهرٌ يدعى العالم مخطوطةَ الصين القديمة، وفصَلَ مئاتَ الجداولِ عن ذلك الينبوع،
وكانتْ مساراتُ أضواء الإنارة متشابهة: تعبرُ دائماً خطوطَ الدّم وحدودَ العوالم
التي تحفّزُ عملياتِ التحوّلاتِ الكيميائيّة، منتصبةً كأداةِ كسرِ الجليد،

كيفَ ارتجفَتِ الأضواء وتردّدتْ كالصّدى 
فوقَ التضاريسِ الخلّابة للأرض!
التضاريس التي تتعرّج وتتحوّل، 
قرناً طويلاً تلو الآخر، وميلاً مراوغاً إثرّ الآخر

جابتْ الأضواءُ السماءَ والأرضَ ووجدتِ الناس يشربونَ الأخلاق 
من نهرِهِم الأمّ 
ويتغذّون على تراتيلِ الخشبْ
على حدودِ الطاعون، تنجرفُ العناصرُ المجهولة أو تغطّ في نومها

عندما وقع ترتيب الكون في أيدي المتزلّفين 
ظهرَ الحكماءُ الكونفوشيّون على الطريق القديم، 
على خيولهم وحميرهم وبغالهم.

ليست أنواع الحياة المتعدّدة هذه 
سوى مرايا صافية لتقلّباتِ الزّمن

هكذا وُلِدَ الحديد، نوعٌ مختلفٌ من الإنسانيّة التي يحتضِنُها المعدن، 
المعدنُ الذي لَمَسَ عُمقَ الطبيعة البشريّة في أعمق أعماقها. 
النسيانُ إذن إلهُ الطيور!

وخلفَ النهر العظيم، جاء موسم الفيضانات قبل الوقت المحدد لهذا العام
عندما يخزّن الناس عادة قمحهم الذهبي،
ويداعبون نساءَهَم في حفيفِ أحلامِ الصيفِ المبكّر
هناك وراءَ أرواحهم، التهمت الفيروساتُ العطورَ
وشهدتْ أرضُ البوذيّين الخمسة الغارقة بالأديان، 
عصوراً من الكآبة مع عصر حديدي متحفّظٍ 
وغاصتِ البلادُ في تأملاتِ الزّنّ رغم كل النّعم التي تمتلكها

هناك نهرٌ ضبابيّ لا بد أن يعبره البلد، 
قبل أن يحتاجَ إلى الحديدِ كعنصرٍ أساسيّ في الحياة.

بدأ تاريخُ علمُ المعادن،
وثِقلُ هذا العصر وصلابتُه 
عندما استُخدِمَ الصدأ كمادة محفّزة لصناعة أعواد الكبريت

الحديد!
 أيقظ الحديدُ يوماً كويكب سيريس من سباتِه

ثم تعالى عن الاختلاط مع كل شيء!
يا لهذا الحديد الملحميّ!

وحدها رائحةُ الحديدِ لم تتغيّرْ أبداً 
من بين كلّ النسائم العتيقةِ التي نشرَتْ كلّ الفضائل.


Shanshui Ruge شاعر طليعي من مواليد عام 1952 في شنغهاي، وهو أيضاً ناقد وصحافي صيني وخبير في اللوحات الصخرية. تشمل كتبه المنشورة: "الطيور المنعشة"، و"الموت"، و"الهجر"، و"القارب الفارغ"، و"الظلال المتناثرة"، و"مخطوطات الأفكار العشوائية"، و"أصول فلورا في عالم الموتى"، و"الروح المليئة بالعزلة"، و"الميستليتو"، و"الجنين"، وقصيدته الكاملة الشهيرة: "الزمن بمعناه الميتافيزيقي". جاءت أحدث إصداراته بعنوان "نجمة العنبر" Star of Amber ( ضمن سلسلة الاحتفال بالذكرى العاشرة لمدرسة الشعر الموسوعي).

** ترجمة: عماد الأحمد

نصوص
التحديثات الحية

المساهمون