حجب مواقع تركية في السعودية... حرب إعلامية مستمرة

حجب مواقع صحافية تركية في السعودية... حرب إعلامية مستمرة

15 ابريل 2020
تدهورت العلاقات التركية السعودية عام 2018 (أوزان كوزي/فرانس برس)
+ الخط -
قررت السلطات السعودية حجب موقع وكالة "الأناضول" التركية وموقع قناة (TRT) التركية المقربة من النظام، فيما أكد ناشطون سعوديون ومستخدمون للإنترنت داخل البلاد أن موقع صحيفة "يني شفق" تعرض للحجب أيضاً.
وفي حملة إعلامية بدا أنها منسقة، أطلق إعلاميون سعوديون وناشطون محسوبون على ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وسماً طالبوا فيه بحجب المواقع التركية، ومن بينها موقع الأناضول وموقع قناة "تي آر تي" (TRT) وصحيفة "يني شفق" العربية، قبل يومين من الحجب، وفق ما يقول المستخدمون داخل السعودية، وأفردت الصحف الرسمية السعودية مساحة لتغطية أخبار الحملة التي أطلقها المغردون والإعلاميون.
وقال الإعلامي السعودي فهد الدغيثر، في إشارة إلى موقع قناة (TRT) التركية: "ما الفرق بين هذا الموقع وغيره من التي حُجبَت وهُمِّشَت تعقيماً للبيئة؟". فيما قال رئيس تحرير جريدة "الشرق الأوسط" السابق سلمان الدوسري: "تركيا استغلت وسائل إعلامها باللغة العربية وبغطاء دبلوماسي، ليس فقط لترويج ثقافتها الاستعمارية، ولا لتسويق أجندتها الإخوانية، بل للأسوأ: ضرب علاقة الشعوب بحكوماتها، عقلية المحتل العثماني لا تتغير أبداً، وإن ترك الطربوش".



وقالت صحيفة "عكاظ" السعودية معلقة على المطالبة بحجب المواقع التركية: "الحقد التركي تجاه المملكة وقيادتها وشعبها ليس وليد اللحظة، بل كان ملاحظاً منذ عقود عبر بثّ سمومها من خلال مواقعها الإلكترونية والإخبارية، وبدأ يزداد خلال السنوات الأخيرة نشر الأكاذيب وتزييف الحقائق".
ولم تمضِ 48 ساعة على الحملة الإعلامية تلك، حتى حجبت السلطات السعودية موقع وكالة "الأناضول" وقناة "تي آر تي"، في خطوة تصعيدية من شأنها زيادة التوتر بين البلدين، الذي ظهر على السطح بعد تورط النظام السعودي باغتيال الكاتب والصحافي المعارض جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2018.
واحتفل الإعلاميون السعوديون بهذا القرار، إذ قال منذر المبارك: "نحمد الله تعالى تم حجب وكالة تركيا الاستخباراتية التي ظهرت في ثوب وكالة إعلامية".

ونشرت الإعلامية هيلة المشوح مقطع فيديو تحريضي بثته مواقع إخبارية سعودية عن حجب المواقع التركية، وقالت: "مواقع استخباراتية تروج للإرهاب وتحاول تمرير الأكاذيب للطعن في قيادة المملكة واستهداف استقرار شعبها!". فيما قال الإعلامي إبراهيم السلمان: "اليوم وكالة وغداً علاقة".


وعلّق إعلامي سعودي يعمل في مؤسسة إعلامية بارزة لـ"العربي الجديد"، رافضاً الكشف عن اسمه: "طفح الكيل تجاه المواقع الإخبارية التركية التي تمول من الحكومة التركية منذ وقت طويل، لكن السلطات السعودية لم ترغب في حجبها حتى لا يكون هذا دلالة على الضعف والخوف".
وعن القرار الأخير بالحجب، يقول ذات الإعلامي لـ"العربي الجديد" إنّ "هناك تقارير إعلامية وصلت لجهات عليا بأن هذه المواقع، خصوصاً موقع "تي آر تي" التركية يتمتع بشعبية نسبية بين فئات غير مسيّسة وغير كارهة لتركيا، هنا أحسّت السلطات بالخطر".

وتشنّ وسائل الإعلام السعودية حملة إعلامية شرسة على تركيا وسياساتها الداخلية والخارجية، حيث تواصل القناة الإخبارية السعودية (قناة رسمية) هجومها العنيف على تركيا، الذي تطور إلى مستوى علني بعد تغطيتها المنحازة ضد عملية نبع السلام العسكرية في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2019، حيث أفردت القناة برامج إخبارية وتقارير خاصة عن "الاعتداء التركي على الأراضي السورية"، بحسب ما تقول.
وتطوّرت لهجة القناة الإخبارية السعودية لتصل إلى مهاجمة السياحة في تركيا، وتحريض المواطنين السعوديين على عدم السفر إلى تركيا بسبب تعرضهم لـ"حالات نصب واعتداء" وفق ادعائها. وأفردت القناة الإخبارية تقارير خاصة عمّا سمّته "فشل تركيا في مواجهة فيروس كورونا"، حيث بثت مقاطع فيديو لحالات ازدحام عند المتاجر والبقالات في إسطنبول ومدن تركية أخرى.
لكنّ الهجوم الأكبر كان على مواقع التواصل الاجتماعي. إذ خصصت السلطات السعودية فريقاً خاصاً لرصد الإعلام التركي، والبحث عن أخبار ومقاطع فيديو للهجوم عليه، وأنها موّلت حسابات على موقع تويتر تهاجم السياسات التركية الداخلية والخارجية.
وتخطّط مجموعة إعلامية سعودية بارزة لإطلاق قناة سعودية باللغة التركية لبثّ دعايتها المضادة ضد تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان وسياساته الداخلية والخارجية، لكن مشروع إطلاق القناة لا يزال متعثراً بسبب النقص في الطواقم التشغيلية التي تجيد اللغة التركية، بحسب ما تقول مصادر لـ"العربي الجديد".

المساهمون