حتى تستقرّ الصخرة

حتى تستقرّ الصخرة

09 ديسمبر 2017
(زخرفة على "قبة الصخرة"، القدس، تصوير: إسلام الرفاعي)
+ الخط -

قرنٌ من الزمان، يفصل بين "وعد" بلفور و"قرار" ترامب. وإذا كان "التاريخ" لا يكرّر نفسه إلا على شكل مأساةٍ أو مهزلة، فإن وعد بلفور كان المأساة. أما اليوم، فها هو تاجر إمبراطورية اليانكي، يُعيد إنتاجَ ذلك الوعد على شكل مهزلة.

في الوعد الأول والقرار الأخير ـ وما بينهما ـ ثمة طرفان: عدو حاضر وشعوب غائبة.

عدو أمامه الفراغ، لذا يفعل ما يريد. وشعوب معلّقةٌ رقابُها في عرقوب أنظمةٍ مستعدة، بأريحيّة كاملة، أن تكون فلسطين (والقدس واسطة عِقْدها) ذبيحة الفداء، مقابل البقاء على الكرسي.

ماذا يقول المثقف أمام هذه الفاجعة الجديدة؟ إنه (وقد هوى إلى قاع اللاجدوى، متشبّثاً براحة اليأس) حائر وخياره الأرجح هو الصمت... ريثما تمرّ العاصفة، فتليها عواصفُ، ويتكرر الصمتُ ذاته.

يقول لنفسه وللآخرين: ومَن أنا وسط المعمعة؟ إنه شأن السياسيين لا شأني. يقولها، وربما يكتب بعدها مقالاً في مديح المثقف النقدي أو العضوي.

إنه العوم في بحر الانفصام.

لا يريد هذا المثقف أن يعترف أمام المرآة بأنه مثقف تقني. مثقف يكتب وعينه على جوائز مسمومة، تزجيها له أنظمةٌ غارقة في رجعيتها وفي كراهية شعوبها.

ينظر المثقف إلى ما حوله ولا يرى.

لا يرى ما تحيكه هذه الرجعيات للمنطقة بأسرها من كوارث.

إنه، مرة أخرى، عَومُنا في بحر الانفصام.

أما فلسطين، والقدس واسطة عقدها، فلها شعبها الباقي، حتى تستقر الصخرة أعلى الجبل.


* شاعر فلسطيني مقيم في برشلونة

المساهمون