حتى الشياطين تبرأ من أعمالكم

حتى الشياطين تبرأ من أعمالكم

12 نوفمبر 2019
+ الخط -
حين يصير الموت عادة يومية، تشبه ارتشاف فنجان قهوة الصباح -فقط النكهة تختلف- يكون الإنسان قد مات فينا وأصبحنا بقايا شيء خلق ليكون إنساناً، وما هو بإنسان "لو كنتم تعلمون".. حين تقصف طائرات مجهولة -معلومة- من دول مارقة مثل إمارات المكتوم والمعلوم أو مصر السيسي وغيرهما، فإن على الإنسانية السلام، فهذا القصف الأعمى يطاول أي شيء من بشر وحجر، وقد كان ضحيته أطفال الفرناج بالأمس القريب.

لقد لازمنا الموت منذ أزمنة الطليان للقذافي لعهود الثورات المضادة، ما بعد الربيع العربي، التي حيكت في إمارات بن زايد وكان ولي عهد السعودية مجرد مجرور بها، أما السيسي فله فيها مآرب أخرى. ويا ليت موتنا كان "ليحيا" الوطن، الذي أبداً لا يعرف على أنه مساحة جغرافية وحدود بل هو الإنسان الذي يقطنه.


ظل هذا الموت -المكيدة والمؤامرة- يطاردنا ويتربص بنا حتى خاله البعض قدراً لا مفر منه، يختبئ خلف الأشجار أو في الأزقة المعتمة ليلاً ونهاراً، ويطاردنا أو يصاحبنا كما أنه عضو من أجسادنا، ونعرف متأخراً كل الحقائق التي اعتقدناها عنه ليست بحقائق بل قمة التزييف.

هذا المجرم حفتر، والذي حتى الشياطين تبرأ مما يفعل، ما ترك موبقة إلا وفعلها، ولا كبيرة إلا وارتكبها، في حق من معه قبل من وقفوا رجالاً ضد مخططه الملطخ بعار الدهر، وسموهم ما شئتم، فما يطيب الموت إلا دون العرض والأرض والشرف والبيت والمال.

آخر ما تفتقت عليه أذهان عبد العبيد وزبانيته -حفتر ومن معه- أن يعلنوا حالة النفير العام ويشرحوها على أنها "تسخير موارد الدولة المادية والبشرية لخدمة المجهود الحربي"، ونحن وكما يقال "دافنينو سوى".. فعن أي موارد تتحدث يا عبد "أزلام" مصر -مع احترامي لوصف الرجل بالزلمة في بلاد الشام- والمقصود هنا أنهم أزلام أهل الباطل.

ما هو موقعكم في إعراب ليبيا وأين هي الموارد التي تحتكم عليها يا حفتر؟ أموال الآبار النفطية التي تضع يدك عليها هي لا تعود بريع عليك، وأسيادك الكبار في لعبة الموت التي صوروك بطلاً فيها لا يسمحون بذلك، أما ماشية الناس وزرعهم فلن يمكنوك منها، والكهرباء كما قالت تلكم المهرجة (الفاسدة) ورسومها فلا يمكن أن تشكل اقتصاد حرب حتى لو كانت رابحة.

وقد نسيتم التالي:
أولاً: هناك شركة مشغلة تحتاج مصاريف تشغيل مثل وقود وصيانة وأجور عمالة وغيرها وماهيات وتكاليف أخرى.
ثانياً: الكهرباء، كما تشيعون، تمنح لك من مصر في جزء منها وتحمل كفواتير تنهب من أموالنا المجمدة بالإمارات "بالدوبل"، وهي ليست كافية لدرجة أن الشركة تسلك منحى طرح الأحمال، الذي هو تبادل إيقاف الكهرباء لساعات بين أحياء المدينة الواحدة وبين المدن، ولا يوجد طبعاً في ظل تفرد مجرم الحرب حفتر بالسلطات أي عدل في تنفيذ "طرحه" هذا أو غيره.
ثالثاً: الكهرباء في ليبيا تخسر ولا تربح ولولا الدعم الذي تتلقاه الشركة من الحكومات المتعاقبة ما قامت لها قائمة..

فلا تخدعن الناس بتزييف الحقائق، وكل ما يهمكم هو المورد البشري الذي تريدون القضاء على الخزان "البشري" التابع لكم، في سبيل أن يحكم أبناء المجرمين وعملاء المخابرات السيساوية -العميلة هي الأخرى- وما وعدكم بتولية أبناء قبيلة اجتمعتم ببعض من أفراد منها لا يحكمون حتى على بيوتهم إلا الدليل، وعموما النهار لا يحتاج لدليل وليلكم المعتم الذي قارب عن صبح ينبلج قريباً لا يحتاج هو الآخر دليلاً.
8E38CF27-B10A-4916-A022-177616221C42
أحمد يوسف علي
مختص في نظم المعلومات ومحاضر جامعي سابق.