حالة الطوارىء في مصر: السياحة والاستثمارات في دائرة الخطر

حالة الطوارىء في مصر: السياحة والاستثمارات في دائرة الخطر

10 ابريل 2017
تفجير الكنائس يلقي بظلاله على كافة القطاعات(العربي الجديد)
+ الخط -
طاولت شظايا التفجيرات الدامية التي استهدفت كنيستين في محافظتي الغربية والإسكندرية، شمال مصر، كافة نواحي الحياة الاقتصادية في البلاد، خاصة بعد إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي حالة طوارئ لمدة 3 أشهر.

ويأتي هذا الإعلان، في الوقت الذي تستعد فيه مصر لاستقبال بعثة فنية من صندوق النقد الدولي لمراجعة برنامج الإصلاح الاقتصادي للبلاد، تمهيدا لاستلام الشريحة الثانية من قرض صندوق النقد بقيمة 1.25 مليار دولار، وذلك في إطار قرض بقيمة 12 مليار دولار تمت الموافقة عليه في إطار تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي، يشرف عليه الصندوق بالتعاون مع الحكومة ومؤسسات الدولة.

وتأثرت أسواق المال في مصر بشكل لافت، أمس الأحد، بعد التفجيرات، فقد هبطت بورصة مصر خلال تداولاتها دون حاجز 13 ألف نقطة مدفوعة بمبيعات مكثفة بعد التفجير الذي استهدف كنيستين.

وانخفض مؤشر مصر الرئيسي "إيجي إكس 30"، الذي يقيس أداء أنشط ثلاثين شركة، بنسبة 1.55% إلى 12895.07 نقطة في التعاملات المتأخرة قبل ساعة ونصف الساعة من نهاية الجلسة.

وقال عمرو صابر، نائب الرئيس التنفيذي لشركة الرواد المصرية للوساطة في الأوراق المالية: "هبطت الأسهم المصرية، مع تنامي مخاوف المستثمرين بعد تفجيرات كنيسة طنطا والإسكندرية".

خسائر كبيرة في البورصة المصرية (فرانس برس) 



إعلان حالة الطوارى جاء عقب اجتماع لمجلس الدفاع الوطني بحث فيه الوضع في أعقاب تفجيرين في كنيستين بمدينتي الإسكندرية وطنطا (شمال) أسفرا عن مقتل 44 وإصابة 126 آخرين، حسب وزارة الصحة المصرية. وأعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عن التفجيرين الانتحاريين.

وينظر الخبير الاقتصادي المصري، رئيس المنتدي المصري للدراسات السياسية والاقتصادية رشاد عبده، إلى فرض حالة الطوارئ "كخطوة تظهر هيبة وكرامة الدولة، وتحقق مزيداً من القوة بفرض سيادة القانون".

ويعتبر عبده في اتصال هاتفي مع الأناضول أن الاستثمار، وبالتحديد أسواق المال والسياحة، يعد من أول القطاعات التي تتأثر سلباً بأية توترات أمنية.

وقال عبده إن حركة السياحة الوافدة إلى مصر يمكن أن تتأثر على المدى القصير بسبب فرض حالة الطوارئ، السائح لن يسافر إلى بلد تشهد حالة طوارىء التي هي نتيجة ظرف أمني أو سياسي.

وحول تأثير فرض حالة الطوارئ على سعر الجنيه، توقع الخبير الاقتصادي ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه خلال الأيام المقبلة.

تحفيز الاقتصاد

وتقول الحكومة المصرية إنها تعمل على تهيئة المناخ الجاذب للاستثمار المحلي والأجنبي على حد سواء، وإنها تعمل على حل مشاكل المستثمرين وإزالة المعوقات التي تقف في طريقهم في رأس الأولويات.

وتسعى الحكومة المصرية، من خلال برنامجها، الذي عرضته أمام مجلس النواب قبل نحو عام، إلى زيادة معدل الاستثمار إلى 19% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي 2017/2018.

كما تحاول الحكومة المصرية عبر تعزيز احتياطي النقد الأجنبي وإصدار السندات، وتحفيز الصادرات، تقوية عملتها المحلية أمام النقد الأجنبي، خاصة في أعقاب تعويم الجنيه في بداية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.


وتباطأ معدل نمو الاقتصاد المصري إلى 3.8% خلال الربع الثاني (أكتوبر/ تشرين أول- ديسمبر/ كانون أول 2016) من العام المالي الجاري، مقابل 4% في الفترة المقابلة من العام المالي 2015/2016.
وفي نهاية يناير/ كانون الثاني 2016، خفضت مصر توقعاتها لمعدل النمو الاقتصادي إلى 4% خلال العام المالي الجاري 2016/2017.

تأثر السياحة

قال تامر نبيل، عضو جمعية مستثمري البحر الأحمر، إن الأزمة ليست في إعلان حالة الطوارئ في البلاد في حد ذاته، وإنما الأزمة الحقيقية في تفجيرات أمس.

وأضاف نبيل، في تصريحات نقلتها "الأناضول"، أن التفجيرين سيؤثران سلباً على الحجوزات السياحية المستقبلية خلال الأيام المقبلة.

وأبدى الخبير السياحي قلقه من إمكانية تسبب التفجيرين في إلغاء زيارة بابا الفاتيكان فرنسيس لمصر، المقررة نهاية الشهر الحالي، التي يصفها بالفارقة على الحركة السياحية الوافدة إلى البلاد من مختلف الدول الأوروبية.

وأعلنت الرئاسة المصرية، في 3 أبريل/نيسان الجاري، أن بابا الفاتيكان، فرنسيس، سيقوم بزيارة إلى القاهرة يومي 28 و 29 من الشهر الحالي.

وتعتمد مصر بشكل أساسي على إيرادات السياحة لتوفير النقد الأجنبي، إلا أن سلسلة انتكاسات أبرزها سقوط طائرة روسية بالقرب من جزيرة سيناء، في أكتوبر/تشرين الأول 2015، راح ضحيته 224 شخصاً، دفع باتجاه مصاعب أخرى لصناعة السياحة المصرية.


ركود في القطاع السياحي المصري (فرانس برس) 



وكان محافظ البنك المركزي المصري، طارق عامر، قد أعلن في وقت سابق من العام الجاري أن إيرادات بلاده من النقد الأجنبي في قطاع السياحة انخفضت إلى 3.4 مليارات دولار في عام 2016 وهو ما يقل 44.3 % مقارنة عن مستواها في 2015.

يذكر أن التفجيرات السابقة في مصر، والأحداث الأمنية، أدت إلى إغلاق أكثر من 400 فندق في مصر، الأمر الذي تسبب في خسائر كبيرة لأصحاب الفنادق، بالإضافة إلى صرف الموظفين.

انهيار الاقتصاد

من جهة أخرى، قال هشام إبراهيم، أستاذ التمويل والاستثمار في جامعة القاهرة، إن الأحداث والتفجيرات الإرهابية ستؤثر بالتأكيد على مؤشرات الاقتصاد وأسعار الصرف، مضيفاً: "على الحكومة اتخاذ التدابير لإرساء الأمن، حتى لا تنهار أركان الاقتصاد".

ولفت إبراهيم إلى أن الاقتصاد المصري كان قد بدأ يتعافى، مما حفز على بدء مؤشرات لعودة الاستثمار الأجنبي المباشر وتحسن مؤشرات البورصة وبدء تعافي السياحة.

من جانبه، قال نائب المدير التنفيذي السابق لصندوق النقد الدولي، فخري الفقي، إن استهداف الأقباط في مصر والأحداث الإرهابية التي تتم وسط المدن سيكون لها آثار وخيمة على الاقتصاد المصري.


وأكد الفقي صعوبة تحديد حجم الخسائر التي سيتحملها الاقتصاد المصري، إلا أنه توقع تراجع استثمارات الأجانب، سواء في البورصة أو المشروعات وأدوات الدين العام خلال الأيام المقبلة، ثم ستعاود مرة أخرى مع وجود استقرار.

(العربي الجديد)