عرف العالم ريان جيجز مع الفريق التاريخي لمانشستر يونايتد الإنجليزي تحت قيادة السير أليكس فيرجسون، فهو الجناح الكلاسيكي الذي يلعب على الخط ويعتمد بشكل أساسي على لياقته البدنية العالية ومهارته في التحكم بالكرة ومد المهاجمين بالكرات، ليصبح قطعة أساسية في تشكيلة اليونايتد القديمة 4-4-2، التي تنص أن بيكهام على اليمين و"الطائر" الويلزي على اليسار.
اكتشاف جديد
في 28 سبتمبر/أيلول 2008 أمام ستوك سيتي، لعب جيجز كلاعب وسط "ارتكاز مساند" في خطة اليونايتد ومن بعدها واصل المغامرة في مكانه الجديد. أضاف جيجز في مركزه المبتكر بعداً آخر لكتيبة السير، ذكاء حاد في التعامل مع الكرة ومرونة تكتيكية لمواجهة أي تكتل دفاعي محتمل.
نجح الويلزي في تحويل الأداء الهجومي للفريق من الوسط إلى الأطراف، بالإضافة إلى التحكم في النسق أو الـ Tempo. يبدأ فريقه الهجمة من الدفاع الذي يمرر الكرة إلى لاعبي الأطراف، ليكون النجم الكبير بمثابة همزة الوصل في هذه العملية، الخاصة بدور بارز لخط الوسط في عملية بناء الهجمات من الخلف.
يتحكم الخبير في سير المباراة، متى يهاجم الفريق وكيف يدافع، مع تدوير الكرة وبناء الهجمة، بالإضافة إلى تهدئة الأداء أو زيادة القوة الدافعة الهجومية، وكلها عوامل تحتاج إلى لاعب خبير يفكر بعقله قبل أن يلعب بقدمه.
بدأ ريان مشواره كلاعب جناح صريح، ومع عامل السن والإصابة، أكمل المسيرة ولم يتوقف وتألق كلاعب وسط أقرب إلى "الديب لاينج"، أي يستلم الكرة من لاعب الارتكاز قاطع الكرات أو لاعبي الدفاع في الخط الخلفي، ويحولها إلى مراكز الهجوم سواء في العمق أو على الأطراف، وأدى الخبير العجوز هذا الدور باقتدار حتى آخر دقيقة له بالملاعب.
ثلاثية الوسط
خلال المباريات الأخيرة في الدوري الإنجليزي، ونتيجة الغيابات المستمرة لبعض النجوم في تشكيلة اليونايتد، استعاد المدرب الهولندي لويس فان جال طريقة لعب 3-5-2 من جديد، مع بعض التغييرات المحورية بعودة كاريك إلى الخلف قليلاً أمام الدفاع، واللعب برباعي صريح بالمنتصف، ثنائي على الطرف وثنائي بالعمق، مع فان بيرسي وفالكاو بالثلث الأخير، أي خطة 3-1-4-2 الهجومية.
وكما ترك جيجز الجناح ولعب بالمنتصف حتى الاعتزال، نتيجة رؤية تكتيكية مغايرة وبسبب عامل السن وأحكامه، أسس "الخال" ثلاثية ذكية بالوسط مع كتيبة الشياطين الحمر، عن طريق مايكل كاريك في الارتكاز الدفاعي الصريح، أمامه ثنائي بالتبادل، واين روني وخوان ماتا، المهاجم الخطير والجناح المهاري في عمق الملاعب كلاعبي وسط صريحين دون تأويل.
يسجل روني أهدافا عديدة ويمرر في منطقة الوسط مع قدرة على قطع واستخلاص الكرات، لذلك يستحق الإنجليزي لقب "البوكس تو بوكس" هجومياً ودفاعياً، رغم أنه في الأساس مهاجم خطير، أما الإسباني ماتا فهو بمثابة الاكتشاف الجديد في توليفة اليونايتد، لأنه يتألق في مركز جديد عليه، ويقود خط الوسط بذكاء حاد، خصوصاً في حالة غياب دي ماريا وأندي هيريرا.
الديب لاينج
عرف ماتا التألق مع فالنسيا كجناح صريح، لاعب مهاري على طرف الملعب، يصنع ثلاثية الهجوم برفقة الهداف دافيد فيا والذكي سيلفا، وبعد انتقاله إلى تشيلسي اللندني، استخدمه فيلاس بواش في الهجوم بشكل أكبر، ثم جاء رافا بينيتيز ليجعله أهم لاعب في تشكيلة البلوز، حيث قام بتعديل موقعه داخل الملعب، وحوّله إلى مركز الهجوم كصانع لعب في المركز 10، ينطلق أمام الوسط وخلف المهاجم المتقدم توريس، ليفوز تشيلسي في النهاية بكأس الدوري الأوروبي مع تألق غير عادي لكتيبة الإسبان.
وبعد قدوم مورينيو ورحيل ماتا بعيداً عن تشيلسي، ساعد "القصير" المكير فريقه الجديد مانشستر يونايتد في ضبط البوصلة محلياً، ومحاولة استعادة التوازن خلال الآونة الأخيرة، بتألقه في مركز مختلف نوعاً ما، بعد مزاملته روني بالوسط الهجومي أمام الارتكاز كاريك، وأصبح دور خوان الرئيسي يكمن في صناعة اللعب من دائرة المنتصف، وضبط العمليات الهجومية للفريق، مع التحكم في سرعة المباريات ومجريات اللعب.
ماتا جناح ثم صانع لعب، وأخيراً لاعب وسط مساند، يُعرف تكتيكياً بقائد الأوركسترا الذي يعتبر همزة الاتصال بين لاعب الارتكاز الدفاعي ونظيره الهجومي، وإذا كانت تشكيلة اليونايتد تعتمد على سلم تصاعدي، فإن الترتيب سيكون كالتالي، كاريك في أول خطوة ثم ماتا وأخيراً روني الحاسم في الثلث الأخير خلف كتيبة المهاجمين.
يحصل الرقم 8 على الكرة عند الهجوم ويقف لوهلة ليرى زملاءه ومن يقف في موضع صحيح، ثم يمرر الكرات بكل ما يملك من مهارة، لكي يبدأ هجوماً سريعاً. هذا الدور هو التفسير البسيط بالنسبة للارتكاز المساند في كرة القدم الحديثة أو الـ Deep Lying Mid، المركز الذي انتهجه جيجز، وتألق فيه ماتا من جديد.