جولة كوربن في اسكتلندا: عين "العمال" على داوننغ ستريت

جولة كوربن في اسكتلندا: عين حزب العمال على 10 داوننغ ستريت

لندن

إياد حميد

إياد حميد
23 اغسطس 2018
+ الخط -
تُعد جولة زعيم حزب العمال البريطاني جيريمي كوربن في اسكتلندا، التي بدأت الاثنين الماضي وتنتهي اليوم الخميس، أحدث محاولة لإعادة الحياة إلى شعبية حزب العمال الاسكتلندي، بعد التراجع الكبير في تأييد الحزب في استطلاعات الرأي الأخيرة، استعداداً للانتخابات المقبلة، سواء جرت في موعدها في 2022 أو تم التوجه إلى انتخابات تشريعية مبكرة.

ويعوّل الحزب على أن تساهم زيارة كوربن هذه في إنعاش آماله في استعادة مزيد من الدوائر الانتخابية من الحزب القومي الاسكتلندي، في مسعى للوصول إلى 10 داوننغ ستريت (مقر رئيس الوزراء)، لا سيما بعد أن فشل حزب العمال الاسكتلندي في الاستفادة من الدفعة القوية التي نالها في الانتخابات العامة التي جرت العام الماضي، عندما نجح في استعادة ست دوائر انتخابية من الحزب القومي الاسكتلندي.




ويمثل حزب العمال في اسكتلندا، شقيقه الأصغر، حزب العمال الاسكتلندي، والذي يتمتع ببنية ذات استقلالية ذاتية، ويرأسه ريتشارد ليونارد. ويقول المحاضر الجامعي في جامعة برمنغهام، المختص بالفكر السياسي البريطاني، ماثيو فرانسيس، في حديث مع "العربي الجديد"، إن شعبية حزب العمال في اسكتلندا، كما هي الحال في إنكلترا، تتركز في المدن الكبرى. "إذا نظرت إلى الخريطة الانتخابية، حتى في الثمانينيات، استطاع حزب العمال حصد مقاعد في غلاسكو وإدنبرة، وعلى جانبي الطريق السريع بين المدينتين، إضافة إلى أبردين. كما تمتع الحزب بين عامي 1997 و2015 بدعم واسع في اسكتلندا (كما كان حال الديمقراطيين الأحرار حتى عام 2010)، لكن المدن الرئيسية كانت دائماً قلب هذا التأييد".

ويؤدي فشل العمال في كسب الدعم في اسكتلندا إلى وضع استراتيجيته للفوز بأي انتخابات عامة في خطر. فالحزب يحتاج إلى كسب 64 دائرة انتخابية في كامل بريطانيا، ومنها 18 يستهدفها الحزب تدعم الحزب القومي الاسكتلندي. وكان الحزب القومي قد كسب جميع دوائر حزب العمال في الانتخابات العامة التي جرت عام 2015، ليحصد 40 مقعداً من أصل 41 كانت تدعم العمال. ويتحدث فرانسيس عن وجود أسباب عدة وراء انهيار الدعم لحزب العمال في اسكتلندا، منها تهاون الحزب في حشد الرأي العام الاسكتلندي لصالحه، إضافة إلى عملية توزيع السلطة التي أدت إلى تشكيل برلمان وحكومة اسكتلنديين.

وبحسب المحاضر الجامعي في جامعة برمنغهام، فإن "التساهل والإهمال جزء أساسي من الإجابة. لقد كان حزب العمال ناجحاً في اسكتلندا، حتى في الثمانينيات (أثناء هيمنة محافظي تاتشر)، وأصبح يعتقد أن الفوز بالمقاعد الإسكتلندية تحصيل حاصل. وتكمن المعضلة في هذا التفكير في إهمال مصالح الناخبين الاسكتلنديين عند وضع السياسات التنموية، إضافة إلى ضمور آلة الحزب التنظيمية بطريقة لا يمكن لها أن تحصل في إنكلترا". ويضيف فرانسيس "هناك اعتقاد شعبي أن اسكتلندا أكثر يسارية من إنكلترا، رغم عدم وجود ما يكفي من الأدلة حول ذلك، إلا أن مسألة التنظيم المحلي عامل شديد الأهمية".

كما يرى فرانسيس في مسألة توزيع السلطات سبباً إضافياً للتراجع. وكانت حكومة توني بلير أجرت استفتاء عام 1997، بناء على وعود انتخابية، حول تفويض صلاحيات الحكومة المركزية في لندن إلى برلمان وحكومة اسكتلنديين محليين. ونجم عن الاستفتاء تشكيل برلمان اسكتلندي، تشكلت منه حكومة اسكتلندية، يختص بالتشريع في جميع المسائل التي لا تختص بها الحكومة المركزية. ويقول فرانسيس "إن وجود البرلمان الاسكتلندي سمح للحزب القومي الاسكتلندي بإثبات نفسه كحزب سياسي، متجاوزاً بذلك كونه صوتاً اعتراضياً، وهو ما سهل للناخبين بالتحول عن حزب العمال في الانتخابات العامة".

ويعتقد فرانسيس أن استفتاء الاستقلال عزز من هذه النزعة لدى الناخبين بالابتعاد عن حزب العمال "فالحزب دعم القضية الاتحادية، وهو ما أبعد الناخبين المؤيدين للاستقلال. وما يثير الاهتمام حقاً في نتائج الاستفتاء أن الدوائر الانتخابية التي صوتت بنعم لصالح الاستقلال كانت جميعها في غلاسكو وإدنبرة والحزام الواصل بينهما، وفي الحقيقة يصعب رؤية كيف سيستطيع العمال استعادة هذه الدوائر من الحزب القومي الاسكتلندي".

وكان العمال نجح في كسب 27 في المائة من الأصوات في انتخابات عام 2017، مستعيداً بذلك ستة مقاعد تمثل اسكتلندا، وليحل في المركز الثالث في الخريطة السياسية الاسكتلندية خلف الحزب القومي وحزب المحافظين. إلا أن استطلاعات الرأي الأخيرة تكشف عن تراجع شعبية العمال إلى 23 في المائة. في موازاة ذلك، لا يزال الحزب القومي مهيمناً على الساحة بتأييد 40 في المائة، بعد 11 عاماً من استلامه الحكومة الاسكتلندية في مقرها في هوليرود في إدنبرة. ويحتاج حزب العمال للفوز في الانتخابات العامة البريطانية إلى كسب مزيد من المقاعد في اسكتلندا. وقد وضع الحزب عدداً من الدوائر التي ارتفع دعمه فيها في انتخابات عام 2017 على قائمة المقاعد المستهدفة. ويرى فرانسيس أن العمال "يستطيع الفوز بأغلبية برلمانية من دون المقاعد الاسكتلندية، خصوصاً أن مقعداً واحداً منها يعود للمحافظين... ولكن الفوز بأغلبية برلمانية يصبح أكثر سهولة في حال تمكن العمال من استعادة هذه الدوائر".

ويخشى الحزب من أن جاذبية كوربن وسياساته، والتي كانت العجلة وراء تقدم الحزب على مستوى البلاد، بدأت في التراجع بين جمهور العمال الذي انقلب ضده لصالح الحزب القومي، بينما لا يحظى زعيم حزب العمال الاسكتلندي، ريتشارد ليونارد، بالشعبية الكافية. وعلى الرغم من أن نسبة التأييد الحالية أفضل بكثير من نسبة 14 في المائة في بداية عام 2017، إلا أنها ليست مطمئنة البتة لقيادات الحزب. ويرى البعض في صفوف العمال أن ليونارد، وهو من الموالين لكوربن، لا يتمتع بالكاريزما أو الظهور العلني النشط المطلوبين من زعيم الحزب.

أما معارضو كوربن من التيار الوسطي في الحزب فيرون أنه ليس بالورقة الرابحة في اسكتلندا، مشيرين إلى موقفه من "بريكست" الذي يحظى بمعارضة أغلبية الاسكتلنديين. ويتهم حزب العمال الاسكتلندي بالتماشي مع رؤية كوربن والفشل في الاستفادة من المعارضة الشعبية الاسكتلندية لـ"بريكست"، خصوصاً في صفوف الطبقة الوسطى، وذلك أمر أثبتت زعيمة الحزب القومي الاسكتلندي، نيكولا ستورجون، نجاحها فيه. ويفاقم من الأمر أزمة الاتهامات بمعاداة السامية التي يمر بها الحزب أخيراً، وهو ما يحرمه من أصوات الناخبين اليهود في عدد من الدوائر الهامة، وهم تقليدياً من أنصار العمال.

ويمتلك حزب العمال حالياً 22 من أصل 129 مقعداً في البرلمان الاسكتلندي، واثنين من المقاعد الستة المخصصة لاسكتلندا في البرلمان الأوروبي. وكان حزب العمال قد هيمن على الرأي العام في اسكتلندا بشكل متواصل منذ عام 1964، قبل التراجع غير المسبوق في انتخابات عام 2015. واستمر تراجع حزب العمال في اسكتلندا، إذ فقد 13 من أصل 37 مقعداً في البرلمان الاسكتلندي، ليحتل المركز الثالث من حيث الشعبية في اسكتلندا، وهي النتيجة الأسوأ له فيها منذ الانتخابات العامة عام 1918.

ذات صلة

الصورة

سياسة

أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، الخميس، بأن بريطانيا اشترطت على إسرائيل السماح بزيارة دبلوماسيين أو ممثلين عن منظمة الصليب الأحمر عناصر النخبة من حماس المعتقلين.
الصورة
ناشطة بريطانية تتلف لوحة بورتريه للورد بلفور بسبب فلسطين (إكس)

منوعات

أعلنت منظّمة بريطانية مؤيدة لفلسطين، الجمعة، أن ناشطة فيها أتلفت لوحة بورتريه معروضة لآرثر بلفور السياسي البريطاني الذي ساهم إعلانه في إنشاء إسرائيل.
الصورة

سياسة

أغلق محتجون مؤيّدون للفلسطينيين اليوم السبت طرقاً خارج البرلمان البريطاني في لندن، مطالبين بوقف فوري للحرب على غزة.
الصورة

منوعات

يواصل نجوم وفنانون من أنحاء العالم توقيع الالتماسات والدعوات، ويدلون بالتصريحات، ويدوّنون عبر مواقع التواصل، لوقف إطلاق النار