جنّة الناشرين وجحيم القرّاء

جنّة الناشرين وجحيم القرّاء

25 سبتمبر 2015
مانا نيستاني، إيران
+ الخط -

يتداول العارفون بالمشهد الثقافي في الجزائر قصص سائق سيارة أجرة وحارس نادٍ ليلي أصبحا ناشرَين "كبيرين"، يستحوذان على مشاريع كبيرة وكثيرة، للتدليل على نوعية من الناشرين الذين قدِموا من مجالاتٍ ليس لها علاقة بالكتاب والثقافة.

ساهمت سياسة الدعم التي تبنّتها الدولة، منذ عقد، في ظهور ناشرين جدد، كان واضحاً أن ما دفعهم إلى هذه المهنة، ليس حبّهم للكتاب أو رغبتهم في تقريبه من القارئ، بل الاستفادة من أموال الدعم الذي لم ينعكس على صناعة الكتاب الجزائري. هكذا، تجاوز عدد دور النشر مائتي دار، ليس لمعظمها وجود على أرض الواقع.

بالنظر إلى تكاليف الطباعة الباهظة، يبقى النشر المجال الأكثر إثارة للشهية، وسط غياب للمبادرات الفردية التي تعمل بعيداً عن الوزارة الوصية؛ حيث تحوّل مجال الكتاب إلى سوق فوضوية يتحكّم فيها عدد من "البارونات" الذين يُوصف بعضهم بـ"الناشرين المحترفين"، بينما يكتفي صغار الناشرين بالفتات. أمّا واقع الكتاب، فظلّ يُراوح مكانه على كلّ المستويات.

لم يكن الأمر بحاجة إلى اعتراف صريح من الحكومة بإخفاق سياسة الدعم، كما فعل وزير الثقافة مؤخّراً. يحتاج القطاع إلى خطوات إجرائية لوضع حدّ لهذا الوضع. لكن، يبدو أن ذلك لن يحدث غداً؛ فقبل أيّام، أعلن ميهوبي أن "شروط دعم الدولة لنشر الكتاب قد تمّت مراجعتها، حتى يتسنّى للناشرين المحترفين الاستفادة منها أكثر".

ليست واضحةً طبيعة هذه المراجعة، وإن كانت تهدف فعلاً إلى القضاء على ظاهرة الناشرين الوهميين والناشرين الطفيليين ووضع أسس جديدة لتمويل النشر. يقول ميهوبي إن أشخاصاً مسجّلين في "السجل التجاري" كناشرين، وهم لا يملكون مقرّات ولا قائمة كتب، استفادوا من إعانات وزارة الثقافة بشكل يتساوى مع "الناشرين المحترفين الذين يستثمرون في صناعة الكتاب"، واصفاً هذه الوضعية بـ"غير العادلة".

يستشهد الوزير بالإعانات التي مُنحت للناشرين في إطار "قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015"؛ قائلاً إن ناشرين طلبوا إعانات لنشر رسائل جامعية وعناوين نُشرت في 2007.

الأمر يتطلّب إعادة نظر في منظومة الدعم برمّتها، لكن الإجراءات الجديدة ستمسّ، حصراً، الناشرين الصغار، الذين يبدو أنّهم لم يفهموا قواعد اللعبة جيّداً، بينما سيواصل من يسمّيهم الوزير بـ"المحترفين" الاستفادة من الدعم، بالطريقة نفسها، رغم أن هذه الاحترافية لم تظهر في نوعية الكتب ولا في توزيعها.

السؤال الذي ينبغي طرحه هو: كيف ندعم الكتاب؟ وليس: من يستفيد من الدعم؟


اقرأ أيضاً: الكتاب الجزائري في مضيق النشر العشوائي

المساهمون