جلد الذات على الطريقة التونسية

جلد الذات على الطريقة التونسية

28 يونيو 2020
فتحت تونس حدودها البرية والبحرية والجوية (ياسين قائدي/الأناضول)
+ الخط -
فتحت تونس حدودها البرية والبحرية والجوية بالكامل منذ أول من أمس السبت، وبدأت في استقبال زوارها من الأجانب وأبنائها العائدين من المهجر. وأقرّت منظمات سياحية دولية بأن تونس وجهة آمنة يمكن السفر إليها، فيما يعيش الناس حياة عادية وكأن شيئاً لم يكن. وهذا الوضع، بالمناسبة، مبعث خوف من عودة فيروس كورونا إلى نشاطه، خصوصاً بعد أن تم رصد حالات كثيرة وافدة لا يضمن أحد بأنها لن تؤدي إلى حالات عدوى محلية. لكن هذا ليس موضوعنا، مشكلتنا أن هذا الإنجاز الذي حققته الدولة الصغيرة محدودة الإمكانيات، والذي يستشعره المواطنون ويفخرون به، مرّ من أمام النخب السياسية وكأنه لم يحدث، بل إن منهم من يحاول ضربه والتقليل من أهميته، حتى لا يُنسب إنجاز، مهما كان نوعه، إلى الدولة الديمقراطية الناشئة، لأنه سيزيد من رصيدها وإنجازاتها المتعددة، على الرغم كل مشاكلها وصعوباتها.

ولا تهتم بعض الأحزاب بما يتحقق لأنها مسجونة في خلافاتها الأيديولوجية، لا ترى غير ما يرتبط بها ولا تتحرك إلا في سياقها، بل إن بعض أحزاب الائتلاف الحاكم نفسها تتنابز حول هذا الموضوع، حتى لا يُنسب نجاح لهذا الطرف أو ذاك، وستسقط هذه الحكومة لنفس الأسباب، وقريبا أيضاً، لأن هذه الأحزاب عجزت عن التعالي على خلافات قديمة مرت عليها عقود، وتريد من الشعب أن يدفع ثمن هذه الخلافات وأن ينخرط في لعبتها القديمة.

ولا تكترث هذه النخب بالقادم الصعب، نمو اقتصادي سلبي بأكثر من ستة نقاط، ما يعني بطالة أكثر وفقراً يزيد وأسعاراً ترتفع، واحتجاجات ستجتاح البلاد وقد تأتي على الأخضر واليابس، وتطاول الجميع وتهدد التجربة برمتها. فقد قامت الثورة من أجل الكرامة، سياسياً واقتصادياً وجهوياً، حتى تنال القرى البعيدة حقها في الحياة، ولكن الأحزاب التي حضرت جلسة البرلمان خلال الأسبوع الماضي، وسمعت هذه الأرقام من رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، لم تكن تنصت وكانت مشغولة بتصفية حساباتها ذاتها، وتكرر نفس الخطاب بنفس المفردات، متوهمة أن التونسيين يكترثون لخلافات السياسيين.

خلال الأسبوع الماضي، صدر التقرير الختامي للعدالة الانتقالية، ومن قبله قانون الاقتصاد التضامني، وانتظمت جلسات لمعرفة الحقيقة في ما تعرض له مناضلون قبل الثورة من انتهاكات، وسئل رئيس الحكومة أمام الجميع بشأن تضارب في المصالح، وانتصرت تونس، ولو مؤقتا، على كورونا، ولكن كل هذا غير مهم، لأن الرياضة التونسية الأحب لبعض التونسيين، الذين تجاوزهم الزمن، هي جلد الذات.



دلالات

المساهمون