جريمة ضحيتها أبناء من قبيلة شمر تهدّد سنجار العراق بفتنة أهلية

جريمة ضحيتها أبناء من قبيلة شمر تهدّد سنجار العراق بفتنة أهلية

08 سبتمبر 2020
راح ضحية الجريمة اثنان من أبناء شمر (فرانس برس)
+ الخط -

حذر مسؤولون عراقيون، اليوم الثلاثاء، مما وصفوه بـ"فتنة أهلية" في قضاء سنجار التابع لمحافظة نينوى، شمالي العراق، بعد مقتل اثنين من أبناء قبيلة شمر على يد مليشيا مسلحة تعرف باسم "الحشد الأيزيدي" ومقربة من حزب العمال الكردستاني، أول من أمس الأحد، وسط مطالبات شعبية وسياسية لحكومة مصطفى الكاظمي بإحلال قوات الجيش والشرطة في سنجار وإنهاء نفوذ مسلحي حزب العمال وأذرعه المحلية.

وقال مسؤولون في الشرطة العراقية بمحافظة نينوى شمالي العراق، أمس، إن اثنين من أفراد عشيرة شمر العربية، يعملون في تشكيل أمني تابع للشرطة في منطقة سنجار، قتلوا على يد مسلحين من مليشيا "الحشد الأيزيدي"، التي تتهم منذ سنوات بانتهاكات واسعة بدوافع عنصرية ضد العرب في سنجار ومحيطها، من بينها جرائم قتل وتفجير منازل.

ووفقا لمصادر أمنية عراقية كشفت تفاصيل الجريمة لـ"العربي الجديد"، فقد دخلت مجموعة من مليشيا "الحشد الأيزيدي"، الموالية لحزب العمال الكردستاني، في شجار لفظي مع اثنين من أبناء قبيلة شمّر، وهما منتسبان إلى القوات الأمنية العراقية وبنفس الوقت ضمن قوة "النوادر" التي تنشط في المنطقة، وكان لها دور في قتال تنظيم "داعش".

وأشارت المصادر إلى أن الشجار تطور بعد أن قام عناصر المليشيا بفتح النار على كل من حماد الدلي الشمري وسعود مناور الشمري ما أسفر عن مقتلهما، وجرت الحادثة بالقرب من "باب شلو"، غربي سنجار، حيث مضارب قبيلة شمر ومركز وجودهم.

وأضافت المصادر ذاتها أن قوات الأمن العراقية تمكنت من اعتقال 4 من مسلحي الحشد الأيزيدي على خلفية الحادثة، وهناك ملاحقة لآخرين شاركوا بإطلاق النار.

مخطط لإشعال الفتنة

وقال النائب عن محافظة نينوى عبد الرحيم الشمري، لـ"العربي الجديد"، إن الحادث "يأتي ضمن مخطط لإشعال الفتنة والحرب الأهلية في مناطق سنجار، بهدف خلق الفوضى وفرض مزيد من السيطرة للمسلحين".

وبين الشمري أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي مطالب بفرض السيطرة الكاملة على قضاء سنجار وإخراج العناصر المسلحة وتسليم مهام حمايته للقوات العراقية النظامية، لمنع أي اقتتال داخلي أو فتنة تحاول بعض الأطراف افتعالها.

واعتبر أن "بقاء الحكومة متفرجة على ما يحصل في سنجار وغيرها، التي أصبحت تحت سيطرة الجماعات المسلحة، ذات الأجندات الخارجية، سوف يدفع الأهالي إلى حمل السلاح لحماية أنفسهم كعشائر في تلك المناطق من أي اعتداءات يتعرضون لها، كما لن نقبل بأن تذهب دماء الشهيدين هدراً".

 من جهته، قال شيخ قبيلة شمر عبد الله الجربا، في بيان صحافي، إنه "يجب إخراج مليشيات حزب العمال الكردستاني من سنجار حتى لو كان ذلك بالقوة، ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي مطالب بتشكيل قوة من المنطقة في سنجار تجمع كافة المكونات لحمايتها".

وشدد الجربا على "ضرورة ردع أي شخص يخرج عن القانون"، مؤكداً أنه "سوف يحاكم المجرمين الذي قتلوا شبابنا غدرا". وأكد أن "العلاقات بين القبائل العربية والمكون الأيزيدي جيدة، ولدينا الكثير من التواصل والتعاون في مواجهة الإرهاب، لكن حزب العمال يستغل الضعف الأمني في القضاء ويمارس جرائمه".

أما عضو مفوضية حقوق الإنسان في العراق أنس العزاوي، فشدد، في حديث مع "العربي الجديد"، على أن "الجريمة التي حصلت في قضاء سنجار ليست الأولى وربما لن تكون الأخيرة، وهذا مؤشر خطير قد يهدد باندلاع حرب أهلية في القضاء، خصوصاً مع غياب القيادة الأمنية الموحدة في سنجار".

وبين العزاوي أن "قضاء سنجار يعاني مع غياب المركزية الأمنية، وكل جهة مسلحة تتحكم بالمنطقة التي تسيطر عليها كما تشاء وفق أجندتها وأهدافها، وهذا يشكل خطورة أمنية على سنجار، وربما كامل محافظة نينوى".

العزاوي: قضاء سنجار يعاني مع غياب المركزية الأمنية وكل جهة مسلحة تتحكم بالمنطقة

 

وحذر من أن "السكوت على جرائم كهذه، يدفع إلى استمرارها، واستمرارها يعني جر قضاء سنجار والمناطق القريبة منه إلى الاقتتال الداخلي، خصوصاً أن هناك جهات عدة تعمل على خلق الفتنة، حتى تفرض سيطرتها بقوة السلاح على مزيد المناطق".

ودخل عناصر حزب العمال الكردستاني إلى قضاء سنجار ومدن أخرى، بعد اقتحام تنظيم "داعش" لتلك المناطق، بهدف الدفاع عن الأيزيديين هناك، فيما تمكنوا من خلال بعض الجهات والشخصيات السياسية من ضم بعض تلك العناصر إلى هيئة الحشد الشعبي، مع الاستمرار بالارتباط والتنسيق والعمل حسب توجيهات حزب العمل الكردستاني.

ومن أبرز المليشيات التي تفرض وجودها في سنجار هي "وحدات حماية الأيزيديين" بقيادة حيدر ششو، ومليشيا "وحدات حماية سنجار"، التي تعتبر الذراع العراقية لـ"العمال الكردستاني"، وتمتلك ترسانة قوية من الأسلحة.

 وفي العادة، يشترك مع هؤلاء في عملياتهم مقاتلون كرد أتراك من حزب العمال، إضافة إلى ما بات يعرف بالحشد الأيزيدي الذي يضم المئات من الكرد الأيزيديين الذين شكلوا مليشيا مسلحة عام 2015 دعمها حزب العمال الكردستاني بالتدريب والسلاح، قبل أن تقدم الحكومة السابقة بقيادة عادل عبد المهدي على اعتبارها ضمن فصائل الحشد الشعبي، وهو قرار اعتبره سياسيون أحد أسباب الانتكاسة الأمنية في سنجار، كونه منح صفة رسمية لمليشيا ما زالت ترفع صور زعيم حزب العمال عبد الله أوجلان وترفض التعاطي مع قرارات الحكومة العراقية.

دلالات

المساهمون