جريمة "اللحم الحلال"

جريمة "اللحم الحلال"

03 فبراير 2015
في أحد مساجد باريس (فرانس برس)
+ الخط -
إياك من الآن وصاعدا و"اللحم الحلال"، لأن طلب قطعة من اللحم أو الدجاج المذبوح على الطريقة الإسلايمة على متن الطائرة، كفيل بأن يضع اسمك مع المشتبه بهم على قائمة "الإرهاب الدولي"، وربما يعرّضك للاعتقال الاحتياطي على ذمة التحقيق. لا مبالغة ولا مغالاة في هذا التحذير، فقد استنفرت المفوضية الأوروبية الأسبوع الماضي وفرضت إجراءات أمنية جديدة لمكافحة الإرهاب، تقوم على جمع وتخزين 42 معلومة عن كل مسافر من وإلى أوروبا وداخلها، بما في ذلك تفاصيل بطاقات الائتمان البنكية، وعنوان سكن المسافر، وعنوان إقامته خلال السفر، وحتى نوعية الطعام الذي تناوله على الطائرة، وهل طلب المسافر "وجبات حلال" أم غير ذلك، ليتم تخزينها في قاعدة بيانات مركزية لمدة خمس سنوات، يمكن لأجهزة الأمن الرجوع إليها عند الضرورة.

هذا يعني أن كل مسافر يطلب وجبة طعام مع لحم مذبوح على الطريقة الإسلامية "حلال" سيكون محطّ رصد رادارات أجهزة الأمن الغربية وكمبيوترات غرف العمليات المخابراتية، من أثينا إلى لندن، ومن أوسلو إلى مدريد، التي ستتبادل "ملفه الأمني" الممهور بعبارة "سري للغاية" أو ربما بعبارة "إرهابي آكل لحم حلال". وهذا يعني أيضا أن يظل اسم المجرم بأكل "اللحم الحلال" على قوائم الإرهاب لخمس سنوات على الأقل، حتى لو أعلن توبته، واستنكر كل أصناف اللحوم، وصار نباتيا.

ولدرء الشبهات، يتوقع أن يعزف المسافرون على متن الرحلات الجوية المغادرة من أوروبا أو القادمة إليها من العالم الخارجي عن طلب وجبات "اللحم الحلال" تفاديا للشبهات، وبالتالي ينبغي على شركات الطيران العاملة من وإلى وداخل أوروبا من الآن وصاعدا زيادة عدد وجبات الطعام ذات المكونات النباتية أو البحرية، مقارنة بعدد الوجبات التي تحتوي لحوماً حمراء أو بيضاء، والسبب أن تناول هذه الأخيرة بات شبهة ومحطّ أنظار أجهزة الأمن والاستخبارات الأوروبية، خاصة إذا كانت مذبوحة إسلاميا.

ربما نكون أمام "محاكم تفتيش" من نوع جديد، أو ربما هي موجة عالية من "التمييز العنصري"، غير أن الأكيد والمثير في الإجراء الأوروبي "اللاحلال" أنه يستهدف بالأساس كل مسلم، ويتنافى مع كل الادعاءات التي طالما تشدّق بها المسؤولون في أوروبا زاعمين أنهم لا يستهدفون الإسلام أو المسلمين.