جرافة بلدية تكتشف مقبرة أثرية في جنين

جرافة بلدية تكتشف مقبرة أثرية في جنين

10 يونيو 2015
تصوير عميد شحادة
+ الخط -

أسفل أحد منازل حارة السلمة المكتظة بالعمران الحديث، وسط بلدة يعبد جنوبي جنين، شمال الضفة الغربية المحتلة، لا تزال الحفريات مستمرة، منذ مطلع الشهر الجاري، للكشف عن خبايا مقبرة رومانية تاريخية، تضم 16 مدفناً، لم يُكتشف قبلها في محافظة جنين مقبرة بهذا العدد من المدافن التي حُدد عمرها على أقل تقدير بعشرين قرناً من الزمان.

على باب المقبرة المنحوتة في الصخر، والمكونة من حجر أوسط يفضي إليها مدخل مستطيل الشكل، تحيط بالحجر مجموعة من المدافن الممتدة بشكل أفقي في الجهات كافة، يجلس الشقيقان محمد ونايف أبو بكر لحراسة المغارة، التي اكتُشفت أسفل منزلهم.

ويصف محمد اللحظات الأولى لاكتشاف المقبرة، مطلع الأسبوع الجاري، بأنها مدهشة، ويقول لـ"العربي الجديد": "كانت جرافة بلدية يعبد، تحفر في المكان لبناء مجمع سيارات للبلدة، وفجأة ظهرت حفرة غريبة، فاتصلنا بالشرطة وجاءت بعدها دائرة الآثار، واكتشفت الموقع". محمد لفت إلى أن هذه الأشياء قرأ عنها في الكتب، أما أن يراها على أرض الواقع وفي بيته فهذا شيء مدهش حقاً بالنسبة له.

بينما يقول نايف، الذي لم يستطع الذهاب إلى عمله منذ اكتشاف المقبرة: "أنا أحرسها وأستقبل الضيوف الذين يأتون من كل مناطق الضفة لرؤيتها، وخلال تلك الفترة جاء أكثر من ألف شخص لإلقاء نظرة عليها".


وثمة فرحة عامة في وجوه سكان بلدة يعبد بالاكتشاف الجديد، فيما قدمت بلديتهم عمالاً من طرفها لمساعدة فريق دائرة الآثار في الحفر، وتطوع الناس لحراسة الموقع، كي لا يعبث فيه لصوص الآثار.

وفي تصريح لـ"العربي الجديد" يقول مدير بلدية يعبد، يوسف عطاطرة: "إن البلدية ستولي أهمية خاصة لهذه المقبرة، لأنها جزء من تاريخ المنطقة، وهذا الاكتشاف النوعي ينبئ بوجود تاريخ واسع للإنسان، الذي سكن بلدة يعبد في القدم، ونحن فخورون بهذا الاكتشاف".

وتدل الحفريات العلمية التي أجراها فريق دائرة الآثار في محافظة جنين على الموقع، أن المقبرة تعود للفترة الرومانية المتأخرة وبداية العصر البيزنطي، أي أنها حُفرت في الصخور قبل أكثر من ألفي عام. ويقول مدير مكتب وزارة السياحة والآثار الفلسطينية في جنين، خالد ربايعة لـ"العربي الجديد": "عثرت الوزارة أثناء الحفر على بعض القطع الأثرية، كالأسرجة والأواني الفخارية والزجاجية، التي كانت تستخدم في العادات الجنائزية لتلك الفترة".





وما أن فُتح باب المقبرة الرومانية في يعبد، حتى فُتح باب الحديث بين الناس عن تقصير وزارة السياحة والآثار الفلسطينية فيما يخص التنقيب واكتشاف المواقع الأثرية في محافظة جنين التي تضم 460 موقعاً أثرياً. لكن ربايعة الذي قاد فريق التنقيب في مقبرة يعبد يقول: "نحن ـ الآثاريين ـ شغلنا ليس الجلوس في المكاتب، عندما نحفر وننقب نشعر بمتعة كبيرة، لكن ضعف الإمكانيات المادية للسلطة الفلسطينية يحد من عملنا الذي يحتاج إلى ملايين الدولارات".

ولحسن حظ الفلسطينيين، أن مقبرة يعبد ظهرت داخل البلدة وليس على أطرافها، حيث المستوطنات الإسرائيلية. وتسيطر إسرائيل على آثار الفلسطينيين التي تقع الغالبية العظمى منها في المناطق المسماة "ج" والتي تخضع للسيطرة الكاملة الإسرائيلية حسب اتفاقية أوسلو.

وعلى الرغم من إمكانية الفلسطينيين وقدرتهم على التنقيب في مقبرة يعبد الرومانية، فإنهم في المقابل لا يستطيعون زحزحة حجر واحد في 60 في المائة من مساحة الضفة الغربية المحتلة، والتي تسرق إسرائيل تاريخها بالتنقيب الاحتلالي.

دلالات

المساهمون