جدل عراقي بشأن الشركات الأمنية... ما إمكانية الاستغناء عنها؟

جدل عراقي بشأن الشركات الأمنية الأجنبية... ما إمكانية الاستغناء عنها؟

16 يونيو 2019
أكثر من 60 شركة أجنبية تعمل في العراق (Getty)
+ الخط -

يعود ملف الشركات الأمنية الأجنبية العاملة في العراق مجدداً إلى الواجهة، إذ ترى قوى سياسية وفصائل مسلحة أن عدداً من تلك الشركات وأنشطتها غير مريح وخرق لسيادة البلاد، كما تكرر ذلك في تصريحات وبيانات لها. في وقت يؤكد فيه مسؤولون صعوبة إخراجها في الوقت الحالي، إذ توجد بناء على اتفاقيات وعقود مشروطة مع العراق، كما أن غالبيتها تتعامل مع البعثات الدبلوماسية والفرق الدولية العاملة في العراق لتأمينها وهي مهمات حساسة.

ولا توجد إحصائية رسمية عن أعداد الشركات التي توفر الحماية للشركات المستثمرة والبعثات الدبلوماسية والشخصيات في العراق من قبل وزارتي الداخلية والدفاع غير أن الحديث يجرى عن أنها أكثر من 60 شركة أجنبية، تتركز غالبيتها في بغداد والبصرة وأربيل والسليمانية.

في هذا الصدد، أكد مسؤول عراقي في بغداد لـ"العربي الجديد" أن تحركات جديدة يقودها نواب وسياسيون تهدف إلى ضغط على الحكومة لتوضيح دور أنشطة الشركات الأمنية وعددها والمهام التي تضطلع بها، وأخيراً التقنين من وجودها إلى أقل عدد ممكن.


ولفت المسؤول إلى أن "قوى سياسية بدأت تضغط على الحكومة في ملفات عدة للحصول على مكاسب أخرى في باب من أبواب المساومة والابتزاز ضمن الصراع على الدرجات الخاصة الحالي بين القوى السياسية"، في إشارة إلى المناصب الحكومية التي يراد تسمية مسؤولين لها كوكلاء الوزراء والمديرين العامين ورؤساء الهيئات والسفراء والبعثات الدبلوماسية ومكاتب المفتشين والمستشارين، البالغ مجموعها أكثر من 5 آلاف منصب.

وكان عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي النائب كريم المحمداوي، قد قال، في وقت سابق، إن الشركات الأمنية العاملة في العراق "مرتبطة بمخابرات دول معادية للعراق"، معتبراً أن "وجودها من أخطر ما يواجهه العراق خلال المرحلة الحالية".

وأضاف المحمداوي، في تصريح له، أنّ "الشركات تعمل على خرق الوضع الأمني في العراق، ومعرفة تفاصيل دقيقة وحساسة، خصوصاً في قطاع النفط كونها تحمي جميع الشركات العاملة داخل البلد"، مبيناً أنّ "الحكومة على علم بما تفعله تلك الشركات، وكيف أنّها ارتكبت مخالفات كبيرة وقتلت مواطنين، وأنّها أسهمت بإضعاف الأمن والاقتصاد، مستغلّة الخلافات الموجودة داخل العراق".

بدوره، رأى رئيس لجنة الأمن محمد رضا "حاجة إلى إعادة النظر في وجود الشركات الأمنية الأجنبية"، معتبراً أنّ "سوء الوضع الأمني في المرحلة السابقة فرض علينا وجود هذه الشركات لحماية الشركات النفطية والشخصيّات المسؤولة بشكل خاص".



وأعرب عن أمله في تصريح صحافي بـ"الوصول لمرحلة الاستغناء عن تلك الشركات، أو إعادة النظر بتفاصيل الموافقة على وجودها، وتدقيق أسماء أفرادها والأسلحة التي يستخدمونها".

وعلى الرغم من اتهام تلك الشركات بالعمل "لحساب مخابرات دول معادية للعراق"، إلّا أنّ وجودها ضروري لمصلحة البلاد كما يراه مسؤولون، إذ إنّ التمثيل الدبلوماسي والشركات المستثمرة ارتبط وجودها بوجود تلك الشركات.

اقــرأ أيضاً
"الحشد الشعبي" توقف استخدام طائرات مسيرة إيرانية بطلب أميركي


وترفض وزارة الداخلية العراقية (الجهة المسؤولة عن تنظيم عمل الشركات) إعطاء أي تفاصيل أو إحصائيات لعمل تلك الشركات، مؤكدة أنّ عملها وفق أسس قانونية وموافقات أمنية عراقية.

وبحسب مسؤول رفيع في وزارة الداخلية العراقية، فإنّ "العراق لا يمكنه الاستغناء عن تلك الشركات. فإخراجها يعني عزلة البلاد دبلوماسياً واستثمارياً".

وأوضح المسؤول، الذي تحفظ عن ذكر اسمه في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "البعثات الدبلوماسية والشخصيات والشركات التي تستثمر في العراق ارتبطت بعقود عمل مع تلك الشركات، ما يعني أنّ أي محاولة لإخراج تلك الشركات هو إخراج للجهات المتعاقدة معها، وهذا لا يمكن، كونه خسارة كبيرة للعراق".

وأكد أن "الشركات تعمل بموافقات عراقية، وهي تخضع لمراقبتنا أمنياً، ولا يمكن التشكيك بها من دون دليل، فتحركاتها مرصودة ومحدودة. ليست هناك إحصائيات يمكننا إعلانها للرأي العام أو لشخصيات أمنية، فالداخلية هي الجهة الوحيدة المخولة بمتابعة هذا الملف".

في المقابل، يرى خبراء أمنيون أنّ وجود تلك الشركات في العراق مرتبط بضعف الأمن فيه، وانعدام ثقة الشركات الأجنبية والبعثات الدبلوماسية بأجهزة الأمن العراقية.

وقال الخبير الأمني، حازم البياتي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "من شروط عمل الشركات الاستثمارية والبعثات الدبلوماسية على الحكومة العراقية هو وجود تلك الشركات لحمايتها، كونها لا تثق بقدرة الأمن العراقي على توفير أجواء أمنية مناسبة لعملها"، مبيناً "لا يمكن للعراق إخراج تلك الشركات أو تحديد عملها، لما تتمتع به من عقود عمل مشروطة في العراق ضمنت لها شرعيّة وجودها، مع حرية الحركة من دون تقييد".

وأكد أن "أي محاولة لتقييد الشركات أو إخراجها من قبل أي جهة ستنتهي بالفشل، ولا قدرة لأي جهة عراقية بإخراجها أمام الالتزامات الموقعة لها".

ودخلت الشركات الأمنية الأجنبية إلى العراق عقب الاحتلال الأميركي عام 2003، وما رافقه من انهيار أمني. وبعض تلك الشركات تورط بجرائم قتل متعمد في البلاد، منها شركة "بلاك ووتر"، التي أدينت بجرائم ارتكبتها في العراق، بينما تحدثت تقارير عن عودة تلك الشركة إلى العمل في العراق مجدداً، مع وجود عشرات الشراكات المختلفة، التي تتولّى مهام توفير الحماية للبعثات والشركات المستثمرة في البلاد.

دلالات

المساهمون