جبل مرّة... هل يتعافى؟

جبل مرّة... هل يتعافى؟

06 فبراير 2020
جبل مرة خلفهم (أشرف شاذلي/ فرانس برس)
+ الخط -
لا يسمونها سلسلة جبال، بيد أنها كذلك، إذ تغطي مساحة تفوق 12 ألف متر مربع، وتتخللها الشلالات والبحيرات البركانية، والغطاء الأخضر الممتد على مد البصر. ويعدها خبراء البيئة والسياحة من أجمل المناطق على مستوى العالم، وأكثرها تنوعاً في الطبيعة والمناخ، حيث هطول الأمطار المستمر لفترات طويلة، واعتدال الطقس الذي يغلب عليه طابع مناخ البحر الأبيض المتوسط. ويمتزج كل ذلك بتراث إنساني عميق وممتد عبر التاريخ، حتى إن البعض يذهب إلى أن الحجر الذي ضربته عصا النبي موسى فانبجست منه اثنتا عشرة عيناً، إنما هو جبل مرة، ولهم في ذلك حكايات وأدلة، يتداولونها هناك، ففي المنطقة نسيج اجتماعي فريد، يضم معظم قبائل السودان، وتعتبر بذلك منطقة حضارة متكاملة وثقافات متنوعة انصهرت في الإطار العام للتكوين الثقافي والاجتماعي الموجود في دارفور.

جبل مرة ثاني أعلى قمة في السودان، إذ يبلغ ارتفاعه 10 آلاف قدم فوق مستوى سطح البحر، ويبدأ ارتفاع المنطقة تدريجياً مع وجود قمم متعددة تنتشر فيها العديد من البحيرات البركانية التي تكونت على مدى السنين بسبب امتلاء الفوهات البركانية بمياه الأمطار، ومن تلك المصادر المائية شلال قلول وشلالات نيرتتي ومرتجلو وسوني. واعتبر الخبراء أن سلسلة جبل مرة في وسط وجنوب دارفور من المناطق المدهشة، الزاخرة بالآثار التاريخية، والتي يعود بعضها إلى العصر الحجري القديم. لكن المنطقة تأثرت بالنزاعات المسلحة وأصبحت غير آمنة.

لا يظنن أحد أن مسمى "كيلنق" المرتبط ببحيرتي ضريبة المالحتين يعود للغةٍ محلية، بل هي الكلمة الإنكليزية التي تعني القتل، ففي أعماق هاتين البحيرتين تنعدم الحياة بسبب انعدام الأوكسجين. والبحيرتان من عجائب الجبل. وتعد ضريبة من أجمل عشر بحيرات في العالم، ومع هذا يخاف الأهالي الاقتراب من البحيرتين. وعلى الناحية الغربية منهما منجم ضخم من خام الكبريت.



أما نبع كرتكيلا البركاني، والكلمة تعني بلغة الفور (لغة من اللغات النيلية الصحراوية) الماء الساخن، فهو منبع دهشة آخر، إذ إن هناك اعتقاداً بأنه يعالج عدداً من الأمراض، وخاصة الجلدية، فقد كانت أفواج الباحثين عن العلاج من دول أخرى كمالي والكاميرون ونيجیريا وتشاد تحج إلى المنطقة بأعداد كبيرة.

تتميّز المنطقة بنباتات وأشجار غير موجودة في بقية أنحاء السودان مثل التفاح والكروم، إضافة إلى أنواع نادرة من الزهور تنتشر بين الصخور، مشكّلة مشهداً في غاية الجمال، وتزيد من روعته الزراعة على المدرجات الجبلية. ذلك بجانب الموارد المعدنية الكبيرة غير المستغلة، ولو في حدها الأدنى، فالحكومات المتعاقبة مارست إهمالاً كبيراً للمنطقة، رغم الوعي بالغنى البيئي الذي تزخر به، ما يؤهلها لتكون منطقة سياحية جاذبة. فهل يدخل جبل مرة هذه المرة ضمن اهتمامات الحكومة؟

(متخصص في شؤون البيئة)

دلالات

المساهمون