جابر عصفور.."منوَّراتي" على ربابة السلطة

جابر عصفور.."منوَّراتي" على ربابة السلطة

18 يوليو 2014
غرافيتي سامح إسماعيل / مصر
+ الخط -

على طريقة فاروق حسني، وزير ثقافة مبارك لربع قرن، في افتعال صراعات وهمية بين التيارين العلماني والإسلامي في مصر، لإشغال المثقفين عن دورهم النقدي في مواجهة السلطة (مثل تصريحاته التي انتقد فيها الحجاب) وتوظيف عدد كبير منهم لهذه المهمة؛ يبدأ جابر عصفور فترة توليه حقيبة وزارة الثقافة باعتراضه على قرار الأزهر بمنع عرض فيلم "نوح"، ويدعو المثقفين إلى الاصطفاف حوله - باسم "التنوير"- في معركته ضد "الرجعية".

عصفور الذي "يدافع" عن حرية الرأي والإبداع هو نفسه الذي لم يُسمع له صوت عندما منعت سلطة العسكر عرض مسلسل "أهل إسكندرية" بدعوى أنه يسيء إلى جهاز الشرطة، كما أنه لم يتحرك عندما حكم القضاء بالسجن على القاص كرم جابر بسبب مجموعته القصصية "أين الله؟". مما يجعلنا لا نتساءل فقط عن المعايير التي يحتكم إليها عصفور في دفاعه عن الحريات، بل نتساءل أيضاً عن مفهوم الحريات لديه، وخصوصاً بعد صمته عن كل ما يتعرض له ملف الحريات في مصر على يد العسكر بعد 30 حزيران/ يونيو.

في هذا السياق، لم ينقطع غزل عصفور في العسكر، ومنه إنشاء سلسلة جديدة ضمن أعمال الهيئة المصرية العامة للكتاب بعنوان "الجيش المصري"- بناء على "اقتراح" الروائي جمال الغيطاني، وأخيراً تعيينه لأسامة عمران (تخرج من كلية الشرطة ثم التحق بالمخابرات العامة وعمل كعضو في مجلس الدفاع الوطني) رئيساً لقطاع مكتبه، مما جعل العديد من المثقفين ينظرون إلى عصفور كأداة مكشوفه لتنفيذ استراتيجية النظام (القديم/ الجديد).

كان عصفور قد وعد في أكثر من حوار صحافي بعد تعيينه وزيراً للثقافة بأنه لن يختار أحداً من رجاله فوق الخمسين، مؤكداً دور الشباب في الحياة الثقافية، ثم ما لبث أن اختار السيد ياسين (1919) لوضع استراتيجية الثقافة المصرية الجديدة، مما أصاب بعض شباب المثقفين (الحالمين بالتأكيد) بإحباط، لأنهم تيقنوا أن لا مكان لهم بين الوجوه التي لم تتغير بعد ثورة يناير.

يحق لنا أن نتساءل أخيراً عن دور المثقف المصري، بعدما انحسر دوره خلال عقود التزاوج بين الثقافة والسلطة واقتصر هذا الدور على خوض صراعات وهمية من شأنها أن تجعل حركة المثقف مضبوطة دائماً على إيقاع هذه السلطة.

المساهمون