ثورة سجن حماة

ثورة سجن حماة

08 مايو 2016
يتوق المعتقلون للحرية والتخلص من الاستبداد (جوزيف عيد/فرانس برس)
+ الخط -
إنّ ما قام به معتقلو سجن حماة المركزي يكاد يكون صورة مصغّرة للثورة السورية ويكاد يختصر مراحلها، سواء لناحية الدافع لما قام به المعتقلون على الرغم من معرفتهم بالمخاطر الناتجة عنه أو لناحية طريقة تعاطي النظام معهم وردود الفعل الدولية عليها.
مثلما اشتعلت الثورة في كل أنحاء البلاد نصرة لأطفال درعا الذين تحدوا النظام، لتتحول بعدها إلى ثورة تطالب بالحرية والكرامة على الرغم من معرفة الثوار بالمخاطر التي تتهدد حياتهم جراء ما يقومون به، كذلك فعل معتقلو سجن حماة حين تحدوا النظام ومنعوه من أخذ خمسة منهم لتنفيذ حكم إعدام بحقهم على الرغم من معرفتهم بكل أساليب النظام بالقمع وعلى الرغم من معرفتهم بأن فعلهم قد يكلفهم حياتهم، إلا أن القاسم المشترك بينهم وبين الثوار هو توقهم للحرية والتخلص من الاستبداد مهما كان الثمن. وتتشابه أساليب النظام في التعاطي مع معتقلي سجن حماة بأساليبه في التعاطي مع الثوار، إذ تبدأ بطرح صيغ من المهادنة غير قابلة للتطبيق وغير مقبولة مع ممارسة كل أنواع الضغط النفسي والمادي، من التهديد بالأقارب الذين يقعون تحت سيطرته، مروراً بمحاولات شق صفهم بتقديم تنازلات للبعض على حساب البعض الآخر إلى جانب حرمانهم من الخدمات من ماء وكهرباء، وليس انتهاءً بقتل من يستطيع قتله منهم، وذلك استعداداً لجولة تفاوض جديدة يكون فيها الطرف الآخر أقل قدرة على المقاومة.
في المقابل، تنطلق صيحات التعاطف الدولي من هنا وهناك مع ما يقوم به الثوار فيما تتآمر الدول على ترسيخ النظام ومساعدته في القضاء على الثورة لينتهي الموضوع بفرض حل أمني وفق الصيغة التي يرتأيها النظام، بعدما يكون الثوار الحقيقيون قد دفعوا ثمناً غالياً لحريتهم دون أن يحقققوها.
وهو ما يحصل عملياً الآن في سجن حماة المركزي الذي نتمنى أن لا تكون نهايته باقتحام السجن وفرض صيغة النظام في الحل وسط صمت من المجتمع الدولي على ما يترتب على هذا الاقتحام من مجزرة تهدد حياة مئات المعتقلين المعتصمين.
قد يتمكن النظام من اقتحام السجن وقد يتمكن من فرض حلول على الثورة السورية، إلا أنه بالتأكيد لن يكون بإمكانه قمع النزعة للحرية سواء لدى الثوار أو لدى من سيبقى من معتقلي سجن حماة.

المساهمون