ثنائية النفط والدم في شرق ليبيا

ثنائية النفط والدم في شرق ليبيا

25 مارس 2014
أجدابيا تلهب الصراع بين شرق وغرب ليبيا (GETTY)
+ الخط -
تقع المنطقة الشرقية من ليبيا في إشكالية بين طرفين اتفقا على اسقاط نظام الدكتاتور معمر القذافي، واختلفا على النفط. ويرى كل منهما أن الآخر يسيء التصرف فيه، ويستعد لمقاتلة الطرف الآخر إذا لم تتحقق مطالبه.
ويلوح كل طرف باستخدام القوة، وكان المحك الأخير حول الناقلة "مورننغ غلوري" أبرز تجسيد للأزمة، حيث يسيطر على الموانئ الثلاثة  الأهم (الزويتينة والبريقة والسدرة) بشرق ليبيا، مقاتلون سابقون وميليشيات انضمت إلى ثورة 17 فبراير، وشاركت في الحرب ضد كتائب القذافي حتى اطاحت به وبنظامه.
ولقد وصلت في بعض التقديرات إلى 10 آلاف مسلح يتزعمهم الشاب إبراهيم الجضران في مدينة اجدابيا بشرق ليبيا، التي تبعد نحو 160 كم عن غرب بنغازي.
هذه القوة المسلحة انضمت لجهاز انشأته رئاسة الأركان لحماية المنشآت النفطية اعقاب الثورة، ثم انشقت عنه لتحاصر أهم ثلاث موانئ نفطية في ليبيا، وذلك بعد ظهور حركة مطالبة بتطبيق النظام الفيدرالي لمواجهة مركزية طرابلس، التي يعاني منها ابناء الشرق.
وتزعم الحركة في بدايتها أحمد الزبير، الذي يمت بصلة قرابة للملك الراحل إدريس السنوسي (آخر ملوك ليبيا)، وموحد أقاليمها الثلاثة، برقة وطرابلس وفزان، وسرعان ما واجهت حكومة المجلس الانتقالي هذه الحركة بالرفض، ووصفتها بأنها محاولة للتقسيم، ونعتت قائدها بالخيانة.
واتخذت تدابير عسكرية مشددة بتوسيع دعم الدروع العسكرية، التي شكلها المجلس الانتقالي وقتها بزعامة مصطفى عبد الجليل، لحين تكوين الجيش الليبي الجديد.
وكان من أبرز مطالب الحركة الفيدرالية، زيادة حصة الشرق من النفط ومنح المنطقة الشرقية بعض الصلاحيات الذاتية، فيما اعتبرته حكومة المجلس الانتقالي بداية للتقسيم.
ويرى مراقبون أن زيادة الدعم من المجلس الانتقالي للدروع وشرعنتها، عزز القابلية عند الطرف الآخر في شرق ليبيا لتكوين جسد عسكري داعم للحركة الفيدرالية، أُطلق عليه مجلس عسكري برقة، انضم إليه في مطالبه المسلحون المنشقون عن حرس المنشآت النفطية، ثم تطور الأمر إلى تشكيل جسد سياسي موازٍ للحكومة في شرق ليبيا، والذي عرف بالمكتب التنفيذي لاقليم برقة.
وبدأ حصار الموانئ من قبل هذه التشكيلات منذ يوليو/ تموز 2013، لاتهامها حكومة طرابلس، بالفساد في بيع النفط من دون عدادات - حسبما اعلنوا أكثر من مرة – إضافة إلى اتهام الحكومة بالغموض في صرف عائدات النفط. 
ورغم وساطات قبلية وحكومية لحل الأزمة، فإنها تصاعدت مؤخرا، وقام محاصرو الموانئ النفطية بمحاولة بيع جزء من النفط لحسابهم. وكانت أزمة الناقلة "مورننغ غلوري" التي حملت 350 ألف برميل من النفط الخام قبل أن تعيدها البحرية الأميركية إلى طرابلس. 
وأصدر رئيس المؤتمر الوطني العام والقائد الأعلى للقوات المسلحة نوري بو سهمين قرارا للقوات المسلحة وغرفة ثوار ليبيا، بفك حصار الموانئ النفطية بعد منح المحاصرين لها مهلة أسبوعين للحل السلمي، لكن ومنذ يومين اشتبك المسلحون بشرق ليبيا مع قوات رئاسة الأركان المتمركزة في معسكر الحنية بالقرب من أجدابيا، ما أدى إلى جرح 16 شخصا من الجانبين.
وطالب المسيطرون على الموانئ بخروج القوات الحكومية من المنطقة تحاشيا للدخول في معركة كبرى، ما حدا بالمؤتمر إلى أن يلجأ مرة أخرى للوساطات القبلية التي تتفاوض الآن مع الطرفين لحسم النزاع الوشيك الذي يتوقع مراقبون أنه قد يكون مدخلا لحرب أهلية.

المساهمون