تونس وسبع سنوات من الثورة

تونس وسبع سنوات من الثورة

28 يناير 2018
+ الخط -
يقال إن الشعب التونسي تحرّر من الظلم والقمع، بعد أن هاج وماج وثار ضد النظام سنة 2011. لكن العالم لا يعلم ما يعيشه الشعب التونسي بعد سبع سنوات من الثورة التونسية التي أدت إلى هروب الرئيس السابق، زين العابدين بن علي، للسعودية، وطلبه اللجوء هناك.
احترم العالم بأسره ما قام به الشعب التونسي، وعبّر عن امتنانه له، لكن هذا العالم لا يعلم أن نسبة الدخل الفردي تضاءلت، وأصبح هذا الشعب يعاني من فقدان الدينار التونسي قيمته بين الدول.
فقدت الدولة التونسية طبقتها الوسطى، وبقيت له الطبقتان، السفلى والعليا، وأصبح المواطن التونسي محدود الدخل، ولا يقدر على ميزانية شهر للفرد وحتى للعائلة.
فقد المواطن التونسي كل مميزاته الاقتصادية التي كان يتمتع بها، ولم يعد يقدر على مجابهة مصاريفه اليومية، وهذا نتاج للديون المتراكمة التي تطلبها الحكومة التونسية يوميا وشهريا من صندوق النقد الدولي، ومن الدول القوية.
أصبحت تونس دولة تعيش على الإعانات بنسبة كبيرة جدا، حتى أنّ الحكومة التونسية اقترحت حملة "ناقفو لتونس"، كي تتخلص من بعض الديون. لكن من سيدفع تلك الديون؟ طبعا الشعب التونسي، ولهذا قامت فئة معينة من الشباب التونسي، في أول سنة 2018، بحملة معارضة سميّت "فاش تستناو" للتنديد بغلاء المعيشة، وبقانون المالية الجديد الذي فرضته الحكومة التونسية لمجابهة المصاريف، من خلال رفع أسعار الخضروات والمحروقات، واقتطاع مبلغ معين من "شهرية" كل موظف تونسي.
الشيء الذي جعل فئة من الشعب التونسي تثور ضد هذا القرار وتندد به، لا لشيء إلا لعلم هذه الفئة أنّ السبب الرئيسي في تدهور قيمة الدينار التونسي وغلاء الأسعار هي السياسة الاقتصادية للحكومة التونسية من خلال مديونتها عند دول عديدة بنافع ومن غير نافع أيضا.
هل أفادت الحكومة التونسية الوطن من خلال هذه الديون؟ هل أصلحت بعض البنية التحتية؟ هل تم تخفيض حقيقي في أسعار الخضروات واللحوم؟ وهل جابهت المصاريف اليومية من خلال هذه الديون؟
الإجابة: لا. لا لشيء، إلا لأن أن هذه الديون متراكمة منذ الثورة، فالحكومة التي تمسك الحكم في تونس تطلب الديون، وتتركها للحكومة التي بعدها كي تدفعها، أي "سياسة آكل أنا ويموت غيري ولا على بالي".
لكن من هو المتضرر الوحيد من هذا كله؟ أكيد هو الشعب التونسي الذي غادر ثلثه أرض الوطن عبر الهجرة غير الشرعية، والثلث الآخر ثائر على الوضع، وبقي النصف الأخير في حالة "نوم مؤقت" في انتظار رصاصة الرحمة، فهل هذا جزاء شعبٍ حرّر وطنه، في يوم ما كي تأتون أنتم على الأخضر واليابس، وبكل برودة دم تطلبون من ساكني هذا الوطن استنزاف دمهم لأجل العيش.
7D94A595-AC6C-48C5-8999-3437E83B7DDA
7D94A595-AC6C-48C5-8999-3437E83B7DDA
محمد أيمن قريسة (تونس)
محمد أيمن قريسة (تونس)