تونس: هل تخسر "النهضة" حليفها الأكبر في البرلمان؟

تونس: هل تخسر "النهضة" حليفها الأكبر في البرلمان؟

10 يونيو 2020
ليست المرة الأولى التي يختلف فيها الحزبان (ياسين قايدي/الأناضول)
+ الخط -
سقطت، ليل أمس الثلاثاء، لائحة "ائتلاف الكرامة" التي تقدم بها للبرلمان بخصوص إدانة جرائم الاستعمار الفرنسي في تونس، بعد حصولها على 77 صوتاً فقط، وتحفظ 46 عليها، ومعارضة 5 نواب لها، في حين تتطلب المصادقة عليها 109 أصوات.
وعبّر نواب "ائتلاف الكرامة" عن غضبهم من عدد من الكتل، بسبب إسقاط لائحة مطالبة فرنسا بالاعتذار عن جرائم الاحتلال.
وكتب النائب عن الائتلاف عبد اللطيف العلوي، عبر صفحته في "فيسبوك"، بعد انتهاء التصويت مباشرة: "هذا فراق بيني وبينك"، في إشارة واضحة إلى "حركة النهضة" التي لم تسانده في هذا التصويت.


وبعد ساعات من انتهاء الجلسة، سارعت "حركة النهضة" بدورها إلى توضيح موقفها بهذا الخصوص، وأصدرت في ساعة متأخرة من ليل أمس الثلاثاء بياناً عبّرت فيه عن "قلقها من طرح مثل هذه المبادرات المهمة والحساسة من دون تنسيق وحوار مسبق بين مؤسسات الدولة وفاعليها الأساسيين في السياسة الخارجية، ومن دون تحقيق توافقات وطنية واسعة حول تفاصيل بنودها بين كلّ مكونات المشهد السياسي والمجتمعي، الذي يحوّلها إلى مصدر خلاف واستقطاب رغم نبل أهدافها."
وأكدت الحركة "رفضها القطعي وإدانتها لكلّ أشكال الاستعمار الذي يمثل جريمة إنسانية وانتهاكاً لحرمات الدول والشعوب، وأداة نهب للثروات واستغلال المقدرات". ودعت إلى "ضرورة التنسيق مع رئيس الجمهورية في مثل هذه المبادرات التي تدخل في صميم اختصاصاته وصلاحياته، خصوصاً في ظل ظروف استثنائية تعيشها البلاد على وقع التداعيات الاقتصادية والاجتماعية الصعبة لوباء كورونا، والتي تتطلب مزيداً من التعاون مع كل شركاء تونس، من دون استثناء".
ونشر عضو المكتب التنفيذي المكلف بالإعلام في "حركة النهضة"، محمد خليل البرعومي، تدوينة عبر صفحته في "فيسبوك"، للتعليق على لوائح الكتل البرلمانية المعروضة على البرلمان أخيراً، معتبراً أننا نعيش تحت منطق الإثارة "من دون التفكير في مآلات القضايا والأمور... نقسم المقسم ونجزئ المجزأ، ونكرس الاستقطاب ونغذي النزاعات والأحقاد... حتى القضايا الوطنية الجامعة جعلناها محل نزاع بسبب سوء التقدير في الوقت والظرف والسياق. تونس وكل تجربتها في خطر سياسي وأيضاً على حافة الإفلاس الاقتصادي بعد كورونا". وأضاف البرعومي: "في ظل رفض رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية إبداء الرأي في أكثر من موضوع حساس وفي دائرة اختصاصهم، و"النهضة" التي وقع افتكاك مبادرة الحكم من يدها ويراد لها أن تتخلى عن رئاسة البرلمان، في نفس الوقت يجب أن تحمل على ظهرها كل الأعباء الثقيلة وتعبر بها الواد، لعلّها تصل منهكة أو لا تصل إلى الضفة الأخرى فتتحقق أماني البعض… مصلحة تونس ليست لعبةً وشعاراً في حملة انتخابية".

وكشفت النائبة عن "حركة النهضة"، يمينة الزغلامي، في حوار مع إذاعة "إكسبرس"، اليوم الأربعاء، أن "النهضة" قدمت مجموعة من التعديلات على اللائحة وتم رفضها، ودعت إلى التنسيق مع رئيس الجمهورية في مثل هذه اللوائح، وفق ما ينص عليه الدستور. وأضافت: "النهضة مع طلب الاعتذار والتعويض بواسطة العدالة الانتقالية التي راسلت فرنسا وطلبت منها الاعتذار والتعويض، وتسليم الأرشيف، وهي أقوى قانونياً من اللائحة، وأتساءل كيف ندخل اليوم في حرب مع الأصدقاء، مما يؤثر على علاقاتنا الخارجية".

وتعتبر كتلة "ائتلاف الكرامة" في البرلمان (19 نائباً)، من أكبر مساندي "حركة النهضة"، تصويتاً ومواقف، خصوصاً أمام مناوئيها من الكتل والأحزاب الأخرى، وتُظهر عملية التصويت على لائحة الأمس أنه لولا تحفظ الـ46 نائباً من ناحية، وتغيب وانسحاب عدد كبير من النواب من ناحية أخرى، لتمت المصادقة عليها، وهو ما يفسر خيبة الأمل لدى قياداتها من عدم مساندة "النهضة" لها وتلويحها بنهاية العلاقة بينهما.
وهذه ليست المرة الأولى التي يختلف فيها الحزبان، فقد سبقتها مواقع كثيرة، من أبرزها التصويت على حكومة الحبيب الجملي التي اقترحتها "النهضة"، إذ عارضت "الكرامة" تشريك حزب "قلب تونس"، ولكنها صوتت عليها في النهاية، كما حدث خلاف بسبب انتخاب نائب رئيس البرلمان، الذي حصل عليه "قلب تونس" في اتفاق مع "حركة النهضة".
وعلى الرغم من أن كثيرين يقللون من حجم هذا الخلاف، ويميلون إلى الاعتقاد بأنه سيتم إصلاحه، إلا أنه لا يمكن لـ"النهضة" أن تجازف بخسارة هذا المساند المهم لها، في جوّ نيابي مناوئ لها بامتياز، وتحتاج فيه إلى كلّ صوت يدعمها، خصوصاً أمام التهديدات بتغيير رئاسة البرلمان، وعلى أعتاب محاولات تغيير حكومي قريب.

المساهمون