تونس: من يملك وسائل الإعلام الخاصة؟

تونس: من يملك وسائل الإعلام الخاصة؟

11 اغسطس 2018
نبيل القروي صاحب القرار في "نسمة" (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
قد يبدو السؤال عن هوية مالكي وسائل الإعلام في تونس بديهياً ومعلوماً لدى الجميع، فمالكو مؤسسات الإعلام، خاصة السمعية البصرية منها، معروف أنهم حصلوا على إجازة بث من قبل "الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري" (الهايكا)، بعد أن قدموا ملفاً فيه كل هذه المعطيات.

هذا على المستوى النظري والإجرائي، لكن عملياً السؤال يستمد مشروعيته من الوضعية التي تعيشها بعض القنوات التلفزيونية الخاصة، وعددها أكثر من 13، والمحطات الإذاعية الخاصة التي يتجاوز عددها الـ 30.

أزمة "حنبعل تي في"

السؤال عاد إلى الساحة الإعلامية بعد الإشكال الذي حصل، يوم الأربعاء 3 أغسطس/آب الحالي، لأكثر من 150 عاملاً في قناة "حنبعل تي في" الخاصة. الموظفون من صحافيين وتقنيين وإداريين وغيرهم أرادوا الحصول على رواتبهم التي لم يتلقوها منذ ثلاثة أشهر، لكنهم لم يجدوا من يخاطبهم من مالكي القناة. إذ أن مدير القناة، الإعلامي زهير القمبري، ليست له الصلاحيات المالية التي تخول له اتخاذ القرار نيابة عن مالكي القناة.

ومالكو القناة هويتهم غير معلومة للعاملين فيها، وفقا لما صرحوا به لـ "العربي الجديد". فالقناة بعد بيعها من قبل مالكها الأصلي، العربي نصرة، لمستثمرين تونسيين وأجانب، تتغير وضعية الملكية فيها بالبيع والشراء عديد المرات، الأمر الذي صعّب على العاملين في القناة مهمة التفاوض مع طرف محدد.

هذا الوضع أكده ممثل "الاتحاد العام التونسي للشغل"، علي عاشور. وبيّن عاشور أن ملكية القناة الآن تعود لمستثمرين تونسيين بنسبة 51 في المائة، و49 في المائة تعود لمستثمرين أتراك، مضيفاً أنه عند التفاوض يتنصل كل طرف من المسؤولية مثلما يجري هذه الأيام، بعد إعلام 30 من العاملين في القناة بقرار التخلي عنهم.

هذه الوضعية دفعت ممثلي النقابة إلى مطالبة "الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري" (الهايكا) بتوضيح وضعية مالكي القناة. "العربي الجديد" اتصلت بأحد المستشارين القانونيين للهيئة الذي بيّن أن كراسة الشروط التي تمنح على أساسها إجازة البث تحدد شروط الملكية، ومن ضمنها أن صاحب إجازة البث يفرض عليه القانون أن يحتفظ بأغلبية أسهم المؤسسة إن أراد بيع جزء منها، أي أنه يبقى هو من يتحمل المسؤولية القانونية.



ظاهرة ضحيتها الموظفين

لكن هذه النصوص القانونية يبدو أنها غير واضحة ومفعلة بالشكل المطلوب. إذ يظل العاملون في هذه القنوات والمحطات هم ضحايا هذه التجاوزات، مثلما حصل في "راديو كلمة" التي فوت فيها صاحبها، عمر المستيري، لمالك جديد هو باديس السافي الذي اتضح بعد ذلك أنه واجهة مالية للسياسي ورجل الأعمال سليم الرياحي، ليتم بعد ذلك غلق الإذاعة وطرد العاملين فيها، وهو ما حصل أيضا في قناة "شبكة تونس" الإخبارية التي تم غلقها.

وحتى بعض القنوات الأخرى المعروفة في تونس، مثل قناة "نسمة تي في"، فعدد مالكيها غير معلوم. يقال إنها ملك الأخوين نبيل وغازي القروي ورجل الأعمال والمنتج السينمائي التونسي طارق بن عمار ورئيس الوزراء الإيطالي الأسبق سيلفيو برلسكوني، لكن يبدو أن صاحب القرار الأول هو نبيل القروي. الأمر نفسه ينطبق على قناة "الحوار التونسي"، فهذه القناة كانت مملوكة للسياسي الطاهر بن حسين الذي باعها لزوجة الإعلامي سامي الفهري.

لكن الجميع في تونس يعلم أن المالك الحقيقي للقناة والفاعل الأول فيها هو سامي الفهري، وزوجته ليست إلا واجهة لتجنّب التتبع القضائي، خاصة أنه متهم بالفساد المالي، ولم يحسم القضاء التونسي بعد في القضية التي رفعتها ضده إدارة التلفزيون الرسمي التونسي.



التفاف على القانون؟

الأمر ذاته ينطبق على قناة "الزيتونة" التي أسسها أسامة بن سالم، عضو مجلس شورى حزب "حركة النهضة"، لكن "الهايكا" رفضت منحه الإجازة القانونية، لأن القانون التونسي يمنع من يتولى مهمة حزبية من إدارة وسيلة إعلام سمعية أو مرئية، الأمر الذي دفع بن سالم إلى التنازل عن الإدارة لصديقه سامي الصيد المالك الحالي للقناة، لكن بعض المصادر من "الهايكا" تؤكد أن بن سالم هو المالك الفعلي لـ "الزيتونة"، لذلك ترفض منحه إجازة البث.