تونس: عودة إلى الحوار الوطني

تونس: عودة إلى الحوار الوطني

17 فبراير 2020
قدم الفخفاخ حكومته لسعيّد رغم انسحاب حركة النهضة (الأناضول)
+ الخط -

دخل الاتحاد العام التونسي للشغل ومنظمة رجال الأعمال على خط الأزمة الحكومية في تونس. يقود كل من الأمين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي ورئيس المنظمة سمير ماجول، مشاورات الساعات الحاسمة بين الفرقاء، لمحاولة بحث مخرج لهذا الوضع المحرج الذي قد يقود البلاد إلى انتخابات تشريعية جديدة سابقة لأوانها، بكل ما يعنيه ذلك من كلفة مادية وسياسية، تونس في غنىً عنها، وكلفة اجتماعية واقتصادية بالخصوص لا أحد بإمكانه تقديرها. وعلاوة على ذلك، توسيع الهوة بين الناخبين والأحزاب، وتصاعد مناخ الأزمات المتلاحقة التي ملّها الناس الذين لا دخل لهم في الحسابات المخفية لحرب تموقع لم تنتهِ على الرغم من كل هذه السنوات، ولا أمل لهم إلا بتحسين ظروف عيشهم وتطوير بلادهم، وهم يعتقدون في أعماقهم أن تونس بإمكانها أن تصبح سويسرا (مقولة يرددها التونسيون منذ عقود).

وتعيد هذه الأجواء إلى الأذهان مناخات سنة 2013 عندما دخلت المنظمتان على خط الأزمة، وقادت الحوار الوطني الذي انتهى إلى تشكيل حكومة محايدة والانتهاء من كتابة الدستور والذهاب إلى انتخابات 2014.

وما أشبه اليوم بالبارحة، فالأسباب نفسها تقود بالضرورة إلى النتائج نفسها. وعندما تسود قلة الثقة بين الأحزاب بسبب رغبات مُسْقطة فوق نتائج الانتخابات، تستعر حرب التموقع وتزدهر تجارة الحسابات المخفية وضربات ما تحت الحزام. وفي ظن كل طرف أنه الأذكى والأدهى والأكثر قدرة على التلاعب بالآخرين، إلى أن يحصل التصادم والارتطام وينفجر الوضع في وجه الكل، ويخسر الجميع طبعاً.

ما يحدث اليوم في تونس هو محاولة لتغيير وجه الحقيقة، وسعي لإقناع التونسيين عبثاً، بعناوين مغلوطة، لأن ما يروّج له رئيس الحكومة المكلف إلياس الفخفاخ من سعيه لحكومة ثورية أو حكومة تحترم نتائج الانتخابات الرئاسية هو عين الضحك على الذقون. فهل حزبا تحيا تونس ونداء تونس ثوريان؟ وهل أعطت نتائج الانتخابات أي وزن لهذين الحزبين؟ ألم تُقصِ انتخابات 2019 حزبي التكتل والنداء تماماً من المشهد، أليست هي التي جاءت بالفخفاخ نفسه في آخر الترتيب، وقادت قيس سعيّد الذي فاز بالرئاسة وأحزاباً وشخصيات أخرى إلى صدارة المشهد؟

مشكلة بعض السياسيين في تونس أنهم يعتقدون أن المستمعين لا يفهمون مناوراتهم ولا يعون خلفياتهم، ولا ينصتون إلى الناس في عمق الشارع، هؤلاء الذين خرجوا في الانتخابات الماضية يغيرون كل المشهد ويوجهون رسالة واضحة المعالم بأنهم يبحثون عمّن يحقق أحلامهم، وليس من يتلاعب بها.