تونس: صمت للرئاسة مقابل إدانة البرلمان وأحزاب لـ"صفقة القرن"

تونس: صمت للرئاسة مقابل إدانة البرلمان وأحزاب لـ"صفقة القرن"

29 يناير 2020
إدانات حزبية في تونس لخطة ترامب (حازم بدير/فرانس برس)
+ الخط -
لم يصدر حتى عصر الأربعاء موقف رسمي من الرئاسة التونسية بشأن "صفقة القرن" التي أعلنها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مساء أمس الثلاثاء، في حين صدرت إدانة من البرلمان وإشارة عابرة من أمين عام اتحاد الشغل، نور الدين الطبوبي؛ بعد لقائه بالرئيس التونسي، قيس سعيد، بأنّ هناك تطابقاً مبدئياً بين الطرفين بخصوص القضية الفلسطينية، وهو ما يعني إدانة لهذه الصفقة بالنظر إلى الموقف الثابت للمنظمة النقابية من القضية الفلسطينية.

واستغرب التونسيون عدم صدور موقف رسمي من وزارة الخارجية أو الرئاسة التونسية حتى الآن، رغم قلقهم من هذا الموضوع بالعودة إلى موقف سعيد الداعم بقوة للقضية الفلسطينية ورفضه التطبيع أو التنازل عن الحقوق الفلسطينية.

وأصدر مجلس نواب الشعب التونسي بياناً قال فيه إن "ما سمّي صفقة القرن كمخطط يفرض سيادة الاحتلال الإسرائيلي على كامل القدس واعتبار المدينة عاصمة للكيان الإسرائيلي المحتل وإقامة الدولة الفلسطينية على شكل "أرخبيل" وإلزام الفلسطينيين بالاعتراف بالكيان دولة يهودية، إنّ مجلس نواب الشعب، إذ يتمسك بثوابت الدستور التونسي في مناصرة حق الشعوب في تقرير مصيرها، وفي الدعم المبدئي لحركات التحرر العادلة وفي مقدمتها حركة التحرّر الفلسطيني، ومناهضة كل أشكال الاحتلال والعنصرية، فإنّه يعبر عن  الإدانة وبشدة لإعلان ما يسمى "صفقة القرن" العنصرية".

وأضاف المجلس أن "الصفقة تضرب القوانين والثوابت الدولية عرض الحائط"، معبراً عن رفضه المطلق "للاعتداء السافر على الحق الفلسطيني وعلى جزء مقدس من الأمة العربية والإسلامية"، معلناً تضامنه مع الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة والقدس عاصمتها الأبدية.

ودعا المجلس، البرلمانات العربيّة والإسلاميّة وبرلمانات الدول الصديقة الداعمة للحق الفلسطيني والبرلمانات الإقليميّة والدوليّة، إلى إدانة "هذا السلوك العدائي تجاه قضيّة إنسانيّة وحضاريّة عادلة".
كما دعا المجلس الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، إلى اتخاذ قرار موحّد ينتصر للحق الفلسطيني والشروع في خطوات عملية للحيلولة دون تنفيذ "هذا المخطط المشؤوم".

وختم المجلس بيانه بدعوة "وزارة الشؤون الخارجية التونسية وكل القوى المدنية في تونس والعالم إلى تعبئة جهودها وتوحيدها من أجل التصدّي لهذا المخطط الذي يستهدف شرعنة الاحتلال والظلم وسرقة الأراضي والحقوق الفلسطينيّة".

كما تناوبت الأحزاب والمنظمات التونسية على إدانة الصفقة، ودوّن رئيس كتلة حركة "النهضة"، نور الدين البحيري، مطولاً على صفحته، حيث اعتبر "مشروع ترامب مشروع عار وذل وخسران مبين في الدنيا والآخرة وهو جريمة في حق الإنسانية جمعاء ومن أبشع ما شهد العالم". وأضاف أن ترامب "مهددا بالعزل في بلاده، (حاول) إنقاذ عرشه ببيع ما لا يملك  لكيان لقيط إرهابي يقوده مدان في جرائم فساد وإبادة جماعية طمعا في دعم صهيوني على حساب شعب وأمة وقوانين ومعاهدات دولية وقيم إنسانية".

وأضاف البحيري أن خطوة ترامب هي "إعلان حرب على كل العرب والمسلمين والأحرار في العالم وأن معركتنا ضدّ الكيان الغاصب معركة وجود، وإننا نفديها بأرواحنا وإننا واثقون من النصر ونراه قريبا وليتأكد ترامب أن شعبا يتنافس أبناؤه ويتدافعون من أجل الشهادة سينتصر بإذن الله حتما".

وقال حزب "التيار الديمقراطي" في بيان إنه أمام "صمت عربي مطبق تواصل الولايات المتحدة الأميركية سياسة الابتزاز للفلسطينيين وإعلان انحيازها الصريح للكيان الصهيوني المغتصب، فقد أقدمت إدارة الرئيس الأميركي ترامب في خطوة غير محسوبة العواقب وإعلان ما أسمته بصفقة القرن واتخذت مجموعة من الإجراءات التعسفية والجائرة ضدّ الشعب الفلسطيني وشكلت غطاء متواصلا للعدو الصهيوني ليواصل سياسة الاستيطان والتهويد والقتل والتعذيب".

وأكد "التيار" إدانته ورفضه لمضمون الصفقة باعتبارها مؤامرة خبيثة ومحاولة لتصفية الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وإضفاء شرعية وهمية على الاحتلال الصهيوني، مدينا بشدة "مشاركة عدد من الدول العربية في هذه المؤامرة ودعمها لهذه باعتبارها تهميشا للقضية الفلسطينية وتطبيعا مع الكيان الصهيوني وتغليبا له على الحق العربي الذي ضحى لأجله آلاف الشهداء جيلا بعد جيل".

ودعا إلى "تسوية القضية الفلسطينية بما يعيد للشعب الفلسطيني كامل حقوقه المشروعة من خلال إقامة دولته المستقلة ذات السيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفقا للشرعية الدولية ومقرراتها".

وختم التيار بيانه بدعوة الدولة التونسية إلى إعلان رفضها لمؤامرة "صفقة القرن" وإدانتها، وضرورة التنسيق مع السلطة الفلسطينية ومع بقية المنظمات الإقليمية العربية والإسلامية في اتجاه دفع المنتظم الأممي لنصرة القضية الفلسطينية وحقّ الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الحرّة المستقلة.

بدوره، دان حزب "العمال" إعلان ترامب، معتبرا أن الصفقة "ليست سوى محاولة يائسة للالتفاف على القضية الفلسطينية التي ظلت لعقود شوكة في حلق الإمبريالية والصهيونية والرجعية الإقليمية، وتقيم الدليل على الترابط العضوي بين هذه القوى مجتمعة".

وشجب الحزب "الموقف المخزي للأنظمة العربية وعلى رأسها تلك التي حضر سفراؤها وصفقوا لمحتوى الصفقة"، داعياً "السلطات التونسية لتوضيح موقفها واتخاذ ما يجب من إجراءات لإسناد فلسطين وفي مقدمة ذلك المصادقة على قانون تجريم التطبيع مع العدو الصهيوني الذي ترفض الأغلبية الرجعية في البرلمان عرضه للنقاش والمصادقة".


وجدّد الحزب "انحيازه اللامشروط للقضية الفلسطينية العادلة ولنضال الشعب الفلسطيني ولقواه المقاومة"، معتبرا أن "عليها التقاط هذه اللحظة التاريخية الدقيقة لتجاوز حالة الانقسام والشروع الفوري في توحيد الجهود كخطوة ضرورية وحاسمة لوحدة الشعب الفلسطيني لمواجهة هذه المؤامرة بكل الوسائل النضالية المشروعة".