Skip to main content
تونس: شركة الفوسفات تواجه أزمة سيولة
إيمان الحامدي ــ تونس
تراجع إنتاج الفوسفات خلال الأشهر التسعة الأولى من 2019(Getty)
تواجه شركة فوسفات قفصة الحكومية صعوبات في توفير السيولة الكافية لتجديد قطع غيار تحتاجها المغاسل في مواقع الاستخراج، ما يؤثر بمستويات الإنتاج التي لم تتجاوز 2.7 مليون طن منذ بداية العام وحتى نهاية شهر سبتمبر/أيلول الماضي، مقابل توقعات سابقة باستخراج 4.2 ملايين طن خلال هذه الفترة.
وكشفت تقارير خاصة بالشركة اطلعت عليها "العربي الجديد" أن الشركة سجلت فارقاً سلبياً بـ34.2 بالمائة بين الإنتاج المتوقع والمنجز، خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، رغم الزيادة في حجم الإنتاج بنحو 300 ألف طن، مقارنة بالإنتاج المسجل خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، غير أن نمو الإنتاج لم يسعف الشركة التي تواجه صعوبات متنوعة.

وأرجع التقرير أسباب تعثر الشركة في تحقيق أهدافها إلى صعوبات عدة تتعرض لها، من بينها عدم قدرتها على تجديد آلات الإنتاج وتوفير قطع الغيار اللازمة للمغاسل، فضلاً عن تواصل الاعتصامات والاحتجاجات الاجتماعية التي تعطّل سير العمل، ولا سيما في منطقة أم العرايس.
وأوضح التقرير أن شركة فوسفات قفصة تمرّ بأزمة ثقة في علاقتها مع البنوك التي لم تعد تقبل بمنحها قروضاً إضافية أو تمويل مقتنياتها لقطع الغيار، فضلاً عن وجود صعوبات في صرف مرتبات العمال البالغ عددهم نحو 11 ألفاً، منهم 6 آلاف يشتغلون في شركات البيئة، ويكلفون الشركة نحو 80 مليون دينار سنوياً تحت بند الأجور، أي نحو 28 مليون دولار.

ونبّه الاتحاد الجهوي للشغل في قفصة والنقابات المھنیة لشركة فوسفات قفصة في بلاغ له منذ 27 سبتمبر/أيلول الماضي إلى أن المؤسسة لم تعد قادرة على تجديد أسطولها ومعداتها المهترئة، ولا على شراء قطع غیار آلات الإنتاج، نظراً لتردي وضعها المالي الذي وصل إلى عجزها الكامل عن تسديد ديونها والإيفاء بتعهداتنا المالية .
وشركة فوسفات قفصة، المثقلة بآلاف الموظفين، وتضمّ شركات فرعية، من بينها شركتا النقل والبيئة، أصبحت أشبه بالبقرة الحلوب، حتى تحولت من شركة تحقق فائضاً مالياً كبيراً سنوياً إلى عبء على الدولة، مع ذهاب أغلب نفقاتها في كتلة الأجور.

وتصرف الشركة ما يقارب 134 مليون دينار كتلة أجور موظفيها سنوياً، أي نحو 47 مليون دولار، من بينها نحو 28 مليون دولار مخصصة لعمال البيئة الذين لا يقومون بأي عمل، وفقاً للبيانات الرسمية.
وسببت الإضرابات ووقف إنتاج الفوسفات، وهي صناعة حيوية لتونس ومصدر رئيسي للعملة الأجنبية، خسارة نحو ثمانية مليارات دولار منذ اندلاع الثورة عام 2011.

وقال وزير الصناعة، سليم الفرياني، في تصريحات إعلامية سابقة، إن الشركة تخسر تقريباً مليار دولار سنوياً منذ 2011 بسبب وقف الإنتاج، فيما يرتفع عدد أيام التوقف الكلي عن العمل التي تصل أحياناً إلى 244 يوماً في السنة في بعض مواقع الإنتاج الخمسة، خلال فترة ما بعد الثورة.
وكانت الحكومة تراهن هذا العام على تحقيق إنتاج في حدود 6 ملايين طن، غير أن مصادر الشركة أكدت لـ"العربي الجديد" أن حجم الإنتاج لن يتجاوز في أحسن الحالات 4 ملايين طن نهاية العام الحالي، بسبب عدم تواصل الإنتاج وتعثّر العمل في مغاسل رئيسية، فضلاً عن صعوبات تتعرض لها شركة نقل المواد المنجمية.

وراوح معدل إنتاج مادة الفوسفات بين 2011 و2013 بين مليوني و3 ملايين طن، نتيجة الاحتجاجات الاجتماعية والإضرابات المتكررة عن العمل، علاوة على توقف عمليات شحن الإنتاج إلى مواقع التحويل والتصدير.
وعلى الرغم من تراجع إنتاج الفوسفات خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة الحالية بالنسبة إلى حجم التوقعات، فإن الصادرات التونسية عرفت تطوراً مهماً بعد نموها بنحو 26.8%.

ومن انعكاسات هذا التطور على مستوى صادرات مادة الفوسفات، إعلان البنك المركزي التونسي تحسناً مهماً على مستوى احتياطي تونس من النقد الأجنبي، ما أسهم في تجاوز حاجز المائة يوم من الواردات للمرة الأولى منذ سنوات، علاوة على تحسّن سعر صرف الدينار التونسي مقابل الدولار واليورو.
وبعد أن كان إنتاج تونس من الفوسفات في 2010 في حدود 8.2 ملايين طن، تراجع العام الماضي إلى ثلاثة ملايين طن فقط، متأثراً بالاحتجاجات المتكررة.

وفي مقابل ذلك، نما إنتاج المغرب من نحو 13 مليون طن في 2010، إلى نحو 30 مليون طن العام الماضي.
وفي الوقت الذي استفاد فيه المغرب من مناخ اجتماعي مستقر وتطوير صناعته، إذ أصبح ينقل الفوسفات عبر الأنابيب، تراجع إنتاج تونس وزاد من أوجاع اقتصادها العليل الذي يكابد من أجل استرجاع أحد أعمدته الأساسية.