تونس: حسابات حكومة المشيشي تتعقد في انتظار المواقف النهائية للأحزاب

تونس: حسابات حكومة المشيشي تتعقد في انتظار المواقف النهائية للأحزاب

24 اغسطس 2020
النهضة لم تعبّر عن موقف صريح من حكومة المشيشي المرتقبة (أنيس ميلي/فرانس برس)
+ الخط -

تنتهي، غدا الثلاثاء 25 أغسطس/ آب، الآجال الدستورية لمشاورات تشكيل الحكومة التونسية الجديدة، والذي عُهد لوزير الداخلية الحالي هشام المشيشي بأن ينجزه، ويُنتظر أن يعلن اليوم الإثنين عن تشكيلة حكومة الكفاءات الوطنية المستقلة التي اختارها، بعد تقديمها رسميا لرئيس الجمهورية قيس سعيد، كما ينص على ذلك الدستور.

وبدأت حسابات منح الثقة لهذا التشكيل الحكومي تتعقد، بما يشير إلى أن ما رُوّج له سابقا من أنها في طريق مفتوح لنيل الثقة تحت تهديد حل البرلمان غير مؤكد، ويعكس مخاوف حقيقية من وجود نوايا بإسقاطها والذهاب إلى انتخابات جديدة سابقة لأوانها. 

وحظي المشيشي حتى الآن بدعم كتلة تحيا تونس (10 نواب) وكتلة الإصلاح الوطني (16 نائبا) وكتلة المستقبل (9 نواب)، والكتلة الوطنية (11 نائبا) وفق تصريحات رؤسائها بعد لقاءاتهم برئيس الحكومة الملكف.

وأعلن المجلس الوطني لحركة الشعب (15 نائبا)، مساء أمس الأحد، منح الثقة لحكومة هشام المشيشي المرتقبة، وتم التفويض للمكتب السياسي بمتابعة برنامج الحكومة والتثبت من استقلالية ونزاهة أعضائها.

في حين قرر المجلس الوطني للتيار الديمقراطي (22 نائبا)، المنعقد أمس الأحد بصفاقس، عدم منح الثقة لحكومة المشيشي.

وللتذكير، فإن حركة الشعب وحزب التيار الديمقراطي يشكلان معا الكتلة الديمقراطية داخل البرلمان، بِما يعكس اختلافا بين الطرفين في هذا الخصوص، ويبين حدة الخلافات الموجودة داخل كل الأحزاب حول حكومة المشيشي.

وينتظر أن يعلن حزب قلب تونس (27 نائبا) عن دعمه للحكومة، حيث أشار رئيس كتلة الحزب بالبرلمان أسامة الخليفي، في تدوينة على حسابه الرسمي على فيسبوك، مساء أمس الأحد، إلى أن قصر قرطاج (الرئاسة)  يصرّ على إسقاط حكومة هشام المشيشي المرتقبة عبر ما وصفها بـ"سياسة الاستفزاز"، معتبرا ذلك "من قبيل العبث والدفع إلى المجهول"، ومؤكدا أن حزبه "سيحمي الدولة من عبثهم"، وفق تعبيره.

وأعلن ائتلاف الكرامة (19 نائبا) أنه لن يصوت لحكومة المشيشي، فيما لم تؤكد كتلة الحزب الدستوري الحر (16 نائبا) إلى حد الآن موقفها النهائي، منتظرة التعرف على الشخصيات المقترحة فيها، وهو ما يعني أن هذه الحكومة تحظى نظريا، إلى حد الآن، بـ88 صوتا، وإذا انضمت إليها أصوات غير المنتمين لكتل (17 نائبا) والدستوري الحر فيمكن أن تحظى بالأغلبية الضرورية التي تحتاجها لمنح الثقة، أي 109 أصوات على الأقل، إلا أن هذا الأمر ليس مؤكدا ولا مضمونا، وهو ما يعني أن تصويت كتلة حركة النهضة (54 نائبا)، أو جزء منها، يبقى حاسما.

ورغم أن رئيس الحركة راشد الغنوشي جدد اعتراض حركته الكبير على حكومة المستقلين، إلا أنه رجّح أن تنال ثقة البرلمان، بسبب "تغليب منطق الضرورة"، موضحا أن "عدم نيلها الثقة يمثل مشكلا، كونه سيترك فراغا في البلاد، ومنحها الثقة يمثل أيضا مشكلا، لأنها لا تمثل البرلمان ولا الأحزاب".

وقال الغنوشي، في ندوة صحافية أمس الأحد بصفاقس، إن الحكومة المرتقبة هي "الحكومة الثانية لرئيس الجمهورية"، معتبرا اختيار المكلف بتشكيل الحكومة هشام المشيشي حكومة مستقلين غير سياسية، ولا تمثل الأحزاب، "يجعل الأحزاب في وضع صعب"، وفق تعبيره.

وأكد أن "الحركة ضد تشكيل حكومة كفاءات مطلقا ومبدئيا، باعتبارها مسألة مجانبة للديمقراطية، وعبثا بالاستحقاق الانتخابي ونتائجه، وإهدارا لجهد المنتخبين وأصوات الناخبين".

وأوضح الغنوشي أن "الديمقراطية هي حكم الأحزاب والتعبير عن توازنات المجالس المنتخبة، وليست حكم الكفاءات".

وأشار موقف للغنوشي إلى وقوف الحركة بين خيارين، تغليب منطق الضرورة، وتفادي الفراغ الذي تحدث عنه رئيسها من ناحية، أي تمرير هذا التشكيل الحكومي الجديد في الوقت الحالي، والنظر في الخطوات الموالية بعد ذلك، وعدم خسارة اللجان المهمة في البرلمان التي ترأسها الكتلة المعارضة الأكبر، وهو ما يعني الخضوع إلى حسابات دقيقة في هذا المجال.

وتتجدد الأنظار إلى مجلس شورى الحركة، الذي سينعقد لبحث كل هذه التفاصيل والإعلان عن موقفه النهائي من هذه الحكومة، التي تمثل منعرجا سياسيا مهما في المسار التونسي، كونها ستحدد التوازنات الجديدة، وترسم مشهدا مختلفا ربما يؤثر في تطورات التجربة الديمقراطية عموما.