تونس: حرية الإعلام في مهب الريح؟

تونس: حرية الإعلام في مهب الريح؟

03 فبراير 2015
قرار بإقفال عدد من الإذاعات والتلفزيونات (Getty)
+ الخط -
أعلنت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا) وهي أعلى هيئة دستورية في تونس، قرارها بإغلاق عدد من المحطات الإذاعية والقنوات التلفزيونية ومصادرة معداتها التقنية.

ووفقاً لبيان الهيئة، فسيتم قرار الإقفال "لأنّ الوسائل لم تستجب للشروط القانونية (المرسوم 116 لسنة 2011 المؤرخ في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2011) والتي تنصّ على أنه في حالة ممارسة نشاطات بث من دون إجازة، تسلط الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري خطايا تتراوح بين 20 ألف دينار و50 ألف دينار، ولها أن تأذن بحجز التجهيزات التي تستعمل للقيام بتلك النشاطات".

وبحسب عضو الهيئة هشام السنوسي، سينطبق هذا القرار على المحطات الإذاعية: إذاعة "نور إف إم"، وإذاعة "القرآن الكريم"، وإذاعة "إم إف إم". أما القنوات التلفزيونية المعنية بقرار الغلق فهي: قناة "الإنسان" وقناة "تونسنا"، وقناة "الجنوبية"، وقناة "تلفزة تونس"، وقناة "الزيتونة". 

القرار لقي معارضة من أصحاب القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية، الذين اعتبروه قرارًا جائرًا لم تراعَ فيه مصالح العاملين في هذه المؤسسات.

وكانت قناة "الزيتونة" أكثر القنوات رفضًا لهذا القرار، من خلال شنها حملة يومية في استديوهاتها التي تستضيف فيها سياسيين، عبّروا عن رفضهم هذا القرار الذي يعتبر تضييقًا على حرية الإعلام والتعبير التي يضمنها الدستور التونسي. كما هدد العاملون في هذه القنوات بالقيام بوقفات احتجاجية للتعبير عن رفضهم قرارًا قد يحرمهم من عملهم في قطاع إعلامي يشهد بطبيعته وضعا ماديا متأزما.

المواقف الرسمية للأحزاب والمنظمات لم تصدر حتى الآن، إلا من حركة النهضة التي أصدرت بيانًا وقّعه رئيس الحركة راشد الغنوشي، أكد فيه "دعم الحركة للحريات، وفي مقدمتها حرية الإعلام، باعتبارها مكسبًا رئيسيًا من مكاسب الثورة التي يضمنها دستور الجمهورية".

ودعت الحركة، الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري، إلى "التراجع عن هذا القرار والقيام بدورها المخول لها قانونًا، بما لا يتناقض مع مقتضيات الدستور، ومع حق المواطنين في الإعلام الحر والمتعدد". كما دعت"الهايكا" والقنوات المعنية إلى التحاور والعمل على تجاوز الخلاف بما يراعي مصالح القنوات الإعلامية وجماهيرها وذلك في إطار القانون والدستور وأهداف الثورة".

من جهتها، تمسّكت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، في بيان بتوقيع كاتبتها العامة سكينة بوراوي، "بتطبيق القانون حماية لتنظيم القطاع وضمان المساواة التامة بين جميع المؤسسات أمام القانون". وشددت النقابة على حق المؤسسات التي لم تحصل على ترخيص في الحصول على قرار معلل وتفسير أسباب الرفض لضمان حق التقاضي واحترام أشكال التبليغ القانوني.

كما حمّلت النقابة، المسؤولية إلى بعض أصحاب المؤسسات التي تهاونت في استكمال إجراءات تسوية وضعياتها القانونية، مما قد ينجر عنه إغلاق المؤسسة، داعيةً إلى التحلي بالمرونة وتوخي الحوار، أسوةً بما حدث في تسوية ملفي قناتي "حنبعل" و"نسمة".

وسط كل ذلك، يشهد الملف تفاعلاً من الشخصيات السياسية، التي اعتبرته يمسّ حرية الإعلام والتعبير. ووصف صاحب أول قناة تلفزيونية معارضة لنظام زين العابدين بن علي، "الحوار التونسي"، الطاهر بن حسين، القرار بالجائر، معتبرًا أنّ هذا لم يحصل أيام الرئيس المخلوع حتى، مترحّماً على أيامه في هذا المجال... مما أثار موجةً من الاحتجاجات على ما قاله بن حسين، واعتبره بعضهم تبييضًا لصورة ديكتاتور عانى منه الإعلام التونسي الكثير.

القرار، إن تمّ تفعيله، سيؤدي إلى أزمة إعلامية قد تدفع البرلمان التونسي إلى التدخل لحلّ هذا الإشكال الذي يبدو أنه مقبل على تطورات كثيرة أمام إصرار الطرفين على التمسك بمواقفهما.