تونس تودّع شهداءها وتتوعّد بالرد
وليد التليلي ــ تونس
تسلمت العائلات التونسية الست، جثامين أبنائها الذين قضوا أمس في العملية الإرهابية التي وقعت في "غار الدماء"، في محافظة جندوبة، شمال غربي تونس، بعدما تمّ تأبينهم رسمياً صباح اليوم الإثنين في ثكنة الحرس الوطني في ضاحية العوينة في العاصمة، ليواروا الثرى ظهر هذا اليوم في مختلف المدن التي ينتمون إليها.

وبعد صدمة يوم أمس، التي أعادت طرح ملف التهديدات الإرهابية بقوة، بعد فترة طويلة من النجاحات التي حاصرت المجموعات الإرهابية وحدّت من تحركها بشكل كبير، تحركت اليوم السلطات التونسية سريعاً، وعلى أكثر من مستوى، لتطويق تداعيات العملية الإرهابية.

وفي هذا الإطار، أعلنت الوحدات الأمنية في غار الدماء، عن تمكنها من إيقاف عنصر تكفيري قام بالتقاط صور لشهداء الحرس الوطني من مكان العملية، ثمّ نشرها على حساب وهمي له على صفحات التواصل الاجتماعي، وتمّ إيقاف هذا العنصر بعد تحديد هويته ومكان إقامته.

وأفادت السلطات الصحية بأن الحالة الصحيّة للجرحى الثلاثة في عملية أمس مستقرة، وربما تمّ تجاوز مرحلة الخطر، وتمّ نقلهم إلى المستشفى العسكري في العاصمة لمتابعة حالتهم الصحية بدقة.

وذكرت رئاسة الحكومة التونسية اليوم الاثنين، إن رئيس الحكومة يوسف الشاهد عقد اجتماعاً أمنياً في قصر الحكومة بالقصبة، بحضور وزيري الداخلية والدفاع الوطني وعدد من القيادات الأمنية والعسكرية، لمتابعة العمليات الجارية منذ يوم أمس لتعقب المجموعة الإرهابية في الجبال المحاذية للحدود الجزائرية.

وينتظر أن ينعقد غداً مجلس الأمن القومي الذي يشرف عليه الرئيس الباجي قايد السبسي،  بحضور الشاهد والوزراء المكلّفين بالداخلية والدفاع والعدل وكبار قادة الجيش والشرطة، لتدارس الوضع الأمني بالبلاد، بعد الهجوم الإرهابي الغادر يوم أمس الأحد.

وفي هذه الأثناء، اعتبر المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية، العميد سفيان الزعق، أن العملية الإرهابية رد فعل من العناصر الإرهابية التي تحاول أن تثبت وجودها بعد تضييق الخناق عليها.

وأضاف الزعق، في تصريح لإذاعة "شمس"، أن تحرك هذه العناصر الإرهابية في الجبال، يبين عجزها عن الوصول إلى المدن، مؤكداً أن المؤسستين الأمنية والعسكرية تحققان عدداً من النجاحات، حيث تمت ملاحقة العناصر الإرهابية والإيقاع بها وتقديمها للعدالة، والقضاء عليها في أكثر من مناسبة.

ويجري التحرك بسرعة لتطويق آثار الاعتداء المتزامن وافتتاح واعد انتظرته الحكومة التونسية منذ سنوات، وتؤكد مؤشراته الأولى قبل الحادث الى انه سيكون استثنائياً، ولم تحصل الى حد الآن إلغاء أي حجوزات مبرمجة.

إلى ذلك، لم يخل الأمر من تجاذبات سياسية بين مختلف مكونات المشهد السياسي في تونس، واعتبر البعض أن التغييرات التي شهدتها وزارة الداخلية اخيراً، والصراعات حول المراكز الهامة في مختلف مؤسساتها قد تكون أثرت في أداء الوزارة. 

وأصدر "الاتحاد العام التونسي للشّغل" بياناً جدد فيه الدعوة إلى وضع استراتيجية وطنية شاملة لمقاومة الإرهاب، والمطالبة بتأمين المناطق الحدودية عبر خطة عسكرية واضحة وبرامج تنموية مستدامة.

وطالب "الاتحاد" بالإسراع في "حلّ الأزمة السياسية وتغيير الحكومة وتعيين رئيس يشكّل فريقاً كفؤاً قادراً على مجابهة المشاكل وإيجاد الحلول الكفيلة بالخروج من الأزمة بجميع أبعادها ومنها الأمنية"، داعياً التونسيين إلى مزيد من اليقظة ومساعدة الأمنيين والعسكريين للقيام بواجبهم الوطني والتبليغ عن الإرهابيين وتجفيف منابع الإمدادات والارتباطات والتموين عنهم.

وأعلن البرلمان عن تأجيل الجلسة العامة التي كانت مبرمجة اليوم لمساءلة ثلاثة وزراء، وذلك على خلفية العملية الإرهابية التي وقعت أمس بولاية جندوبة.

واقترح رئيس لجنة الأمن والدفاع عبد اللطيف المكي دعوة وزير الداخلية بالنيابة غازي الجريبي وآمر الحرس الوطني للاستماع اليهما في جلسة سرية للاستفسار عن تفاصيل وأسباب العملية الإرهابية.