تونس: المشيشي يسعى لفرض حكومة أمر واقع 

تونس: المشيشي يسعى لفرض حكومة أمر واقع ويتكتم على التشكيلة الحكومية

24 اغسطس 2020
أنباء عن اعتراض أحزاب على تشكيلة المشيشي الوزارية (الأناضول)
+ الخط -

قرر رئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي التكتم على القائمة النهائية للتشكيلة الحكومية، المفترض أن تعلن بين مساء اليوم وصباح غدٍ الثلاثاء إلى آخر لحظة. 

 ولم يطلع على التشكيلة الحكومية أحد باستثناء بعض الأحزاب، وهو ما أكده قياديو التيار الديمقراطي مثلا، الذين قرروا عدم منح الثقة للمشيشي ولم يطلعوا على تفاصيلها.

وقبل يوم من انتهاء المهلة الدستورية (تنتهي الثلاثاء)، يتكتم المشيشي على وزرائه المقترحين، وسط أنباء عن اعتراض أحزاب على بعض الأسماء المقترحة والحقائب التي منحت لهم، وشكك كثيرون في استقلالية البعض، في انتظار الإعلان الرسمي عن القائمة وما سيتلوه من حملات تدقيق في السير الذاتية "للوزراء المستقلين تماماً" التي وعد بها المشيشي.

ويُفسَّر هذا التكتم لدى البعض بالسعي لإخفاء كل الأوراق ومباغتة الأحزاب في آخر لحظة وفرض أمر واقع على الجميع لا يترك إلا خياراً من اثنين، التصويت للحكومة أو حل البرلمان. واعتبر رئيس كتلة قلب تونس، أسامة الخليفي، في تدوينة على صفحته على "فيسبوك" أن هذا التوجه استفزازي من القصر الرئاسي، غايته إسقاط حكومة المشيشي، وهو ما لن يقبله حزبه لأنه سعى إلى المجهول.

واعتبر النائب عن حركة النهضة، سمير ديلو، في تصريح لـ"العربي الجديد" أن هذه الحكومة هي حكومة أمر واقع لأنها لم تأتِ إثر مشاورات حقيقية،  مشيراً إلى أن استمرار الحديث عن تسريبات إلى آخر لحظة أمر غير معقول. ولفت ديلو إلى أنه كان من المفترض الإعلان عن تركيبتها منذ فترة والنقاش حول الأسماء المقترحة والحسم فيها وأن يكون النقاش حول البرنامج، موضحاً أن النقاش حول الأسماء كان سيساعد في الحسم فيها سلباً أو إيجاباً، وأن عدم الإعلان عنها إلى آخر لحظة هو سعي لوضع الأحزاب والكتل البرلمانية أمام الأمر الواقع بالقبول أو الرفض.

وأشار ديلو إلى أن مستقبل الحكومة وحظوظها في النجاح أقل من حظوظها في المرور، مبيناً أنه إذا مرت، فإنه يؤمل لها النجاح "لأن المسؤولية والوطنية تقتضيان من الجميع، حتى من لم يصوتوا لها، بمساعدتها على النجاح".

وبيّن ديلو أنه في حال عدم تمرير التشكيلة الحكومية، فإنه ستتم مواجهة الواقع المعقد والمجهول، وساعتها لن يكون القرار بيد الأحزاب، بل بيد جهة واحدة وهي رئاسة الجمهورية، مشيراً إلى أن الدستور يخول لرئيس الجمهورية حل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة.

ديلو: في حال عدم تمرير التشكيلة الحكومية، فإنه ستتم مواجهة الواقع المعقد والمجهول، وساعتها لن يكون القرار بيد الأحزاب، بل بيد جهة واحدة وهي رئاسة الجمهورية

 

 وفي المقابل، يرى رئيس الكتلة الوطنية، التي ستصوت للحكومة، حاتم المليكي، أنّ كل الحكومات في الحقيقة هي حكومات الأمر الواقع، لافتاً إلى أن أي حكومة مرت في تونس سواء حكومة تحالفات أو أحزاب أو كفاءات فرضت أمراً واقعاً على الجميع وتساءل عما إذا كانت هذه الحكومة قادرة على المرور في البرلمان أم لا؟ وكيف سيكون موقف الأحزاب؟

وأوضح المليكي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن رئيس الحكومة المكلف ذهب في خيار حكومة كفاءات مستقلة عن الأحزاب، ويوجد عدد كبير يدعم هذا الخيار، مشيراً  إلى استحالة تشكيل تحالفات سياسية حزبية تعمل مع بعضها البعض، خاصة بعد تجربة حكومة الجملي وإلياس الفخفاخ والتي بينت أنه يصعب تشكيل ائتلاف سياسي قادر على العمل الموحد.  

وأكد أن التوجه الذي اختاره المشيشي هو الأقرب للواقع والذي يضمن لتونس حكومة مستقرة تواجه التحديات الاقتصادية والاجتماعية والصحية، وينكب البرلمان على التعديلات القانونية وتقييم مساره والنظر في القوانين وتعديل بعضها.

وبيّن المليكي أنّ مستقبل الحكومة رهين بمدى وعي السياسيين بدقة المرحلة وما تستوجبه المسألة الوطنية، ولكن الأحزاب للأسف تفضل مصالحها الحزبية والسياسية على الخيار الوطني، مشيراً إلى أن حظوظ الحكومة في المرور في البرلمان مرتفعة بحسب أغلب التصريحات. ومقابل ذلك، فإن حظوظ النجاح تتطلب وعياً من الأطراف السياسية لدعم الإصلاحات، وليس الأشخاص والحكومات ومدى قدرة الحكومة على التعاطي الإيجابي وحل الإشكاليات الخاصة بالتونسيين وهي حكومة الفرصة الأخيرة.

المليكي: مستقبل الحكومة رهين بمدى وعي السياسيين بدقة المرحلة وما تستوجبه المسألة الوطنية، ولكن الأحزاب للأسف تفضل مصالحها الحزبية والسياسية على الخيار الوطني

 

وكشف عضو شورى النهضة، حمدي الوزاري، في تصريح لإذاعة "إكسبرس" أن رئيس الحركة راشد الغنوشي التقى المكلف بتشكيل الحكومة هشام المشيشي يوم السبت الماضي، وأن الأخير لم تكن لديه التركيبة النهائية لحكومته.

واعتبر الزواري أن عدم امتلاك المشيشي تشكيلة الحكومة يؤكد أن الحكومة بصدد التشكيل في قصر الرئاسة، وأن القناعة الحاصلة لديهم هي أن الحكومة ستكون حكومة الرئيس مائة في المائة والنهضة ستتعامل معها على هذا الأساس. وكشف الوزاري أن النهضة قد تقتصر على منح الحكومة  25 صوتاً فقط من بين 54 حتى تبقى في المعارضة.

وكانت مصادر خاصة قالت لـ"العربي الجديد" إن النهضة تفكر بجدية في قيادة المعارضة الجديدة، وهو ما يستوجب أن يكون عدد نوابها المصوتين ضد الحكومة الأعلى من بين كل الكتل. وأوضحت المصادر  نفسها أنه إذا ما ثبت انقسام الكتلة الديمقراطية حول الحكومة (تتكون من حركة الشعب، 15 نائباً، التي ستصوت بنعم، والتيار الديمقراطي، 22 نائباً، الذي يرفض التصويت للحكومة)، فإن النهضة يمكن أن تمنح بعض أصواتها لتفادي إسقاط الحكومة وحل البرلمان، وستلجأ إلى قيادة المعارضة الجديدة وترؤس أهم اللجان البرلمانية وخصوصا لجنة المالية.