تونس: الشعر مقام شبابي

تونس: الشعر مقام شبابي

05 يونيو 2014
إحدى أمسيات مهرجان "مقام"
+ الخط -
يواصل الشعر في تونس حياته ويتحرك إلى الأمام في هواء قد يكون مثقلاً بكل ما يخنقه ويقف ضده. تونس ليست فقط شارع الحبيب بورقيبة الضاج بالحياة والحامل لذكريات "الثورة" بحلوها ومرّها، فالمدينة القديمة "الحفصية" كانت على مدار أربعة أيام تنبض بالقصائد والموسيقى، تحت خيمة "بيت الشعر التونسي" في شارع "التريبونال"، حيث اختتمت حديثاً الدورة الأولى من مهرجان "مقام".

محمد الخالدي، رئيس الـ"بيت"، أكد أن الشعر هو ما يجمعنا وملاذنا في زمن يبدو أنه غير شعري. ولعل اليافطة الأبرز لهذه الدورة هي "الشباب"، فهم الذين ينشّطون فقرات المهرجان الشعرية والغنائية، وهم الذين يتبارون على الجوائز، سواء تلك المخصصة للنص الواحد أو المخطوط الشعري، وهم الذين يحضرون بشكل لافت للإصغاء إلى الشعر وللانتصار له في زمن لم يعد فيه للشعر من نصير، حتى أنهم في الغالب هم الذين يقدّمون شواهد المشاركة لبعضهم بعضاً.

كشف تعاقب الشعراء على المايكروفون خلال أمسيات "مقام" أن ثمة نصوصاً لافتة يبدعها الجيل الجديد في تونس بعيداً عن مكبرات الصوت والصورة. وحلّ الشاعر الفلسطيني طاهر رياض ضيفاً على الملتقى، إلى جانب كاتب هذه السطور. وشارك معهما في إحياء الجلسات الشعرية التي أدارها صبري الرحموني وأحمد شاكر ومحمد الخالدي، عدد من شعراء تونس مثل يوسف خديم الله، حسين قهواجي، محمد ناصر المولهي، عبد الفتاح بن حمودة، خالد الهداجي، سفيان رجب، زهور العربي، حافظ محفوظ، سمير السحيمي، مبروك السياري.

تميز حفل الافتتاح بتقديم عرض فني عنوانه "مقامات الرحيل" جمع الشعر بالموسيقى والصورة والغناء، في عرض اعتمد التقنيات السمعية البصرية، وقُرئت خلاله نماذج من شعر العالم بطُرُق إبداعية مختلفة.

المسابقات الخاصة بالشعر تكونت من لجان تحكيم ضمت نقاداً وجامعيين وشعراء مثل منصف الوهايبي، فتحي النصري، مجدي بن عيسى، فتحي الخليفي. جائزة النص عادت إلى مهدي غانمي الذي فاجأ الحضور واللجنة بنص ناضج رغم حداثة سنه، بينما عادت الجائزة الأولى للمخطوط الشعري إلى أنور اليزيدي، أحد الأسماء الجديدة.

في قاعة العروض بنزل "المونديال"، خصصت ليلة للشاعر الأميركي تشارلز بوكوفسكي، الذي يرى فيه شعراء تونس وكتّابها الشباب أحد رموز التمرد والخروج على أنساق المجتمع الثابتة. وقد قُدّم فيلم عن صاحب "جدار بوهيمي" أعقبه نقاش مفتوح حول حياته وإنتاجه الأدبي، شارك فيه المخرج السينمائي محمود عبد البار والباحثان في مجال الفلسفة وعلم النفس عدنان الجدي وأيمن الدبوسي، وأدار الجلسة الكاتب كمال الرياحي.

في أحد صباحات هذه التظاهرة قادت لجنة التنظيم كل المشاركين في المهرجان نحو مدينة سيدي بوسعيد، الجميلة والمشرعة أبوابها ونوافذها الزرقاء على البحر الأبيض المتوسط. المدينة التي احتضنت مؤخراً مهرجان "أصوات حية" الشعري الفرنسي في نسخته التونسية.


أيّتها


أيّتها النّملة المنسيّة في غابات أحمر الخشب العملاق
أيّتها الوحوش المسعورة الّتي ستولد بعد الحرب العالميّة الثّالثة
أيّتها البعوضة التّائهة في أحد الأحياء الرّاقية
أيّتها السّفن الغارقة في المحيطات المتجمدّة
أيّتها البحار الّتي دخلها المجانين والمتصوّفة في زوارق ورقيّة
أيّتها القصيدة الّتي آمل أن أكتبها على صخرة قرب نبع مهجور
أو جسد امرأة لم تولد بعد
أيّها القلب الشّاسع مثل جزيرة ستتشكّل إثر آنفجار بركانيّ قادم

..............................

أيّتها الأشياء الغامضة، القصيّة مثل قعر بركان نشيط
لو أصادِفُكِ يوماً
سأخبركِ أنّي أصبحت شيئاً غامضاً لا أفهمه


مهدي الغانمي

المساهمون