تونس: إضراب المحامين يسبب شللاً في المحاكم

تونس: إضراب المحامين يسبب شللاً في المحاكم

09 مارس 2015
المحامون أضربوا في كل المحافظات (Getty)
+ الخط -

شهدت المحاكم التونسية، اليوم الإثنين، شللا تاما، بسبب الإضراب الذي نفذه المحامون في كل المحافظات، بدعوة من الهيئة الوطنية للمحامين، ردا على الاعتداءات المتكررة على المحامين في أكثر من جهة.

وكان مجلس الفرع الجهوى للمحامين في صفاقس، قد أعلن منذ أيام عن اعتزامه الدخول في إضراب مفتوح، على خلفية اعتداء أمنيين على محامية، واقتيادها إلى منطقة الأمن الوطني، يوم الثلاثاء الماضي.

وأوضح عميد المحامين، محمد الفاضل محفوظ، لـ"العربي الجديد" أن الاعتداءات تكرّرت في الأشهر الأخيرة، وأن الاعتداء الواقع على المحامين ليس الأول ولن يكون الأخير، وفق تعبيره.

وبين محفوظ أن هناك اعتداءات تمت في محافظات صفاقس وسوسة والكاف.. وأن أغلب الشكايات لم يتم البت فيها وبقيت على الرفوف، مبينا أن هناك دائما حدودا، وأن الاحتجاج منظم، ولا يستهدف أشخاصا، وإنما تقرر بغية إرساء دولة الحقوق والحريات.

وفي جانب آخر، اعتبر محفوظ أنّ هناك محاولات لتغييب المحامين وتهميشهم، مبينا أن الإضراب يوم واحد، وهو كشكل للتعبير مقبول ومعترف به قانونياً. مؤكدا أن الإضراب تم إقراره أيضا على خلفية تراكمات كثيرة، هدفها إقصاء المحامين التونسيين من طرف القضاة ومن يمثل القضاة.

ويضيف، أنه على خلاف ما يشاع "فإن العديد من المنظمات ساندت المحامين في إضرابهم، خاصة أن المطالب لا تتعلق بامتيازات مادية، وإنما بحقوق المحامين والمواطنين والمتقاضين..".

وعبر محفوظ عن أمله في أن يبقى القضاء سلطة مستقلة، وألا يكون سلطة مطلقة، مؤكدا على أهمية إرساء آليات المراقبة.

القضاة: الحادثة معزولة

من جانبها، أكدت روضة العبيدي، نقيب القضاة، لـ"العربي الجديد" أن الإشكال انطلق في البداية على خلفية حادثة معزولة بين محامية ورجل أمن، ثم تطور ليشمل المحامين والقضاة، مبينة أن المحامي إن أخطأ يجب أن يحاسب، والقاضي كذلك، ورجل الأمن أيضا.. لأن الجميع سواسية أمام القضاء، ولا أحد يمكنه استعمال صفته ليفلت من العقاب أو المحاسبة.

وأضافت أن المسألة تطورت وتحولت إلى نقاش حول المجلس الأعلى للقضاء واستثناء المحامين من تركيبة المجلس، مبينة أن هذا الطرح مغلوط، ومطالبة رئيس الحكومة بنشر قائمة التركيبة والتي تتكون من 6 محامين من جملة 9، وفق تعبيرها، ملاحظة أنه لا وجود لأي استثناء أو تغييب للمحامين.

وكشفت العبيدي أن القضاة أنفسهم لم يطلعوا على هذا المشروع، مشيرة إلى أن كل طرف له قراءته الخاصة حول المجلس الأعلى للقضاء، وأنه مهما اختلفت القراءات، فهذا لا يشرّع لإيقاف المحاكم والإضراب. مشددة على أنّ مثل هذه النزاعات تفتح الباب أمام الإرهاب الذي ينتشر في ظل وجود صراعات وخلافات داخلية.

خلافات عميقة
واعتبر القاضي أحمد الرحموني، رئيس مركز استقلالية القضاء (هيئة مستقلة)، في حديثه لـ"العربي الجديد" أنّ هناك خلافات عميقة بين المحامين والقضاة، والتي تجد في وقائع فردية مناسبة، لتنفجر وتطفو على السطح، مؤكدا أنّ طرق معالجة الخلافات والأساليب التي تنتهجها هياكل المحاماة أو القضاء لا تعتبر في نظره معالجة سليمة، نظرا إلى طبيعة العلاقات بين المحامين والقضاة.

وأضاف الرحموني أن هذه المعالجة تتجه بالأساس إلى منخرطي كل قطاع، دون الاتجاه إلى الحلول، ففي كل مرة تحدث وقائع معينة سرعان ما تتطور. قائلا: إننا "نشعر وكأن هناك من يصب الزيت على النار، ففي كل مرة نكتشف غياب أي علاقات مؤسساتية بين الطرفين، وفي غياب هذه العلاقات تتفجر الخلافات، ولا يتم التوصل إلى حلول سلمية أو وقائية، فالحلول إلى حدّ الآن غائبة، رغم العلاقات القوية بين الطرفين".

وأوضح أنّ هذا التصعيد غير مبرر، خاصة أن ما حصل حادثة معزولة وفردية، ولا يمكن أن تصبح شأنا وطنيا، مضيفا أنه يجب التركيز حاليا على مشاغل أهم.

وبيّن الرحموني أن العلاقات بين المحامين والقضاة علاقة تهم السلم الاجتماعي، وهو ما يستدعي تضافر وتجنيد جميع الهياكل المهنية لمعالجة مسائل أهم من الخلافات الحالية، كالتأسيس للمجلس الأعلى للقضاء، وإرساء استقلالية القضاء، بعيدا عن الحديث عن حوادث وخلافات عرضية.

اقرأ أيضا:
تونس: العلاقة المأزومة بين جناحي العدالة
إضراب القضاة والمحامين في تونس: صراع ليّ الذراع
تونس: المحامون يتظاهرون لتطهير القضاء