تولسي غابارد... معارضة ديمقراطية وصديقة للأسد

تولسي غابارد... معارضة ديمقراطية وصديقة للأسد

25 نوفمبر 2019
زارت غابارد الأسد مطلع عام 2017(ساول لوب/فرانس برس)
+ الخط -

من الأسماء الإشكالية في سباق الانتخابات التمهيدية عند الديمقراطيين للرئاسيات الأميركية المقررة العام المقبل، يبرز اسم المرشحة تولسي غابارد، التي لا تتوانى عن الهجوم على القيادة التقليدية في حزبها والدفاع عن النظام السوري، وهي تمثل معارضة محدودة داخل الحزب الديمقراطي، في ظل طغيان التيارين الوسطي واليساري. غابارد استمرت حتى الآن في السباق نتيجة دعم حصلت عليه الشهر الماضي بعد انتقادات وجهتها لها هيلاري كلينتون، لكنها تبقى خارج أي إجماع ليبرالي.

خدمت غابارد في الحرس الوطني في هاواي قبل انتخابها عام 2012 لتمثل هذه الولاية في مجلس النواب الأميركي، وهي شاركت في القتال خلال حرب العراق عامي 2004-2005 وكانت نائبة رئيس اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي بين عامي 2013 و2016. لدى غابارد مواقف واضحة في رفض التدخل العسكري الأميركي تتقاطع مع اليسار الأميركي وحتى مع قاعدة الرئيس دونالد ترامب المحافظة، وهي أول هندوسية يتم انتخابها في مجلس النواب. اسمها مثير للجدل بين الديمقراطيين لأنها التقت مع دونالد ترامب، بعد مبادرة من مستشاره حينها ستيف بانون، غداة فوزه في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وكان اسمها مطروحاً لمنصب محتمل في إدارته، كما كانت ضيفة مساهمة على قناة "فوكس نيوز" المحافظة على مدى أربع سنوات خلال رئاسة باراك أوباما. اللافت في هذا السياق أن حملة ترامب الرئاسية تستخدم حالياً انتقادات غابارد للحزب الديمقراطي عبر وسائل التواصل الاجتماعي. كما التقت غابارد مع رئيس النظام السوري بشار الأسد مطلع عام 2017، ما أدى حينها إلى انتقادات مستمرة من الإعلام الأميركي لهذه الزيارة التي قامت بها إلى دمشق.

الهجوم الذي شنّته هيلاري كلينتون على غابارد أخيراً بوصفها عميلة لروسيا ومرشحتها المفضلة أدى إلى مساعدة حملتها الرئاسية، فانتقلت من واحد في المئة في الاستطلاعات الوطنية إلى اثنين في المائة، مع تبرعات مالية أفضل لحملتها، لا سيما أنها ردت على كلينتون بوصفها "داعية حرب". جذور العلاقة الشخصية بين هيلاري كلينتون وتولسي غابارد تعود إلى عام 2016 حين استقالت الأخيرة من منصبها في الحزب الديمقراطي بعد يوم من إعلان دعمها لترشيح السيناتور بيرني ساندرز. غابارد يبدو أنها أدركت بعدها أن مثل هذه المشادات قد تساعد في إعطاء دفع لحملتها، وبالتالي حرصت خلال المناظرة الرئاسية الأخيرة في 20 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي للانتخابات التمهيدية في الحزب الديمقراطي على التلاسن مع مرشحي التيار الوسطي السيناتورة كامالا هاريس والعمدة بيت بوتيجيج. لكن الصمت الليبرالي حيالها انتهى خلال المناظرة وعكس مدى غضب التيارات التقليدية في الحزب منها.



محاولات غابارد لجذب الانتباه لحملتها تساهم في تحسين أرقامها المتواضعة جداً في استطلاعات الرأي، لكن في الوقت نفسه تعزز النظرة السلبية إليها بين الديمقراطيين. لديها حالياً ما يكفي من الدعم لتتأهل للمناظرات الرئاسية ولائحة داعميها تشمل الرئيس التنفيذي لـ"تويتر" جاك دورسي الذي يتبرع أيضاً لحملات رئاسية أخرى. لكن التحدي أمام غابارد هو انعدام شهرتها على المستوى الوطني، وكان ذلك واضحاً في استطلاع أجرته مؤسسة "كوينيبياك" أخيراً إذ قال 64 في المائة من الأميركيين إنهم لا يعرفون ما يكفي عن غابارد.

الاتهامات لغابارد بأنها عميلة لروسيا تتردد في الإعلام الأميركي لكن ليس هناك حتى الآن أي أدلة حسية أو تحقيق قضائي، مع العلم أن مواقفها تتقاطع مع موسكو فيما يتعلق بسورية على سبيل المثال، وهذا ينعكس في الإعلام الروسي. معهد بحوث السياسة الخارجية نشر أخيراً تقريراً جاء فيه أن من بين 1710 مقالات إخبارية عن الانتخابات الرئاسية الأميركية بين 1 يناير/كانون الثاني ونوفمبر/تشرين الثاني من العالم الحالي على موقعي تلفزيون "ار تي" و"سبوتنيك" كانت التغطية الأكثر إيجابية هي لأخبار غابارد فكان 46 في المائة منها إيجابية، و44 في المائة حيادية، و10 في المائة سلبية. في المقابل، بالنسبة لنائب الرئيس الأسبق جو بايدن التغطية الإعلامية 3 في المائة إيجابية و53 في المائة سلبية.

بغض النظر عن تغطية الإعلام الروسي، فرص غابارد كانت وستبقى محدودة. حتى في القضايا الاجتماعية مثل حقوق المثليين والإجهاض، مواقف غابارد لا تتماشى مع المزاج العام بين الليبراليين، وبالتالي تمثل معارضة هامشية من دون برنامج أو قاعدة شعبية. أمل غابارد الوحيد للبقاء في السباق الرئاسي حتى الربيع المقبل هو تحقيق نتيجة جيدة في ولاية نيوهامبشير الصغيرة لكن البارزة في السباق الرئاسي عند الديمقراطيين، لا سيما أنها ولاية تسمح للمستقلين بالتصويت في الانتخابات التمهيدية. أبعد من ذلك، ليس هناك أمل لغابارد في الفوز بترشيح الديمقراطيين، وهي أعلنت الشهر الماضي أنها لن تترشح لولاية جديدة في مجلس النواب، وبالتالي مستقبلها السياسي قد يكون مفتوحاً على كل الاحتمالات في السنوات المقبلة.

المساهمون