توقيف مرتزقة "فاغنر" ينذر بتصعيد بين موسكو ومينسك

توقيف مرتزقة "فاغنر" ينذر بتصعيد بين موسكو ومينسك

30 يوليو 2020
تشارك مرتزقة "فاغنر" في أعمال القتال في أوكرانيا وسورية وليبيا (فرانس برس)
+ الخط -

في حلقة جديدة من التوتر بين روسيا وأهم حلفائها بين الجمهوريات السوفييتية السابقة، أعلنت بيلاروسيا أمس الأربعاء، عن توقيف 33 من عناصر شركة "فاغنر" العسكرية الخاصة التي كشفت تسريبات إعلامية متكررة عن مشاركتها في أعمال القتال في أوكرانيا وسورية وليبيا وتوليها مهاما أمنية وتدريبية في عدد من الدول الأفريقية.

وبحسب رواية السلطات البيلاروسية، فإن "المجموعة أقامت في أحد فنادق مينسك ليلة 24 -25 يوليو/تموز، وكان عليها المغادرة يوم 25 يوليو/تموز، ولكنها غادرت الفندق يوم 27 يوليو وانتقلت إلى إحدى المصحات"، حيث أثار أفرادها انتباها بسبب "السلوك غير النمطي للسياح الروس" وارتدائهم أزياء متشابهة ذات أسلوب عسكري.

وفي الوقت الذي استدعت وزارة الخارجية البيلاروسية فيه السفير الروسي بمينسك، دميتري ميزينتسيف، اليوم الخميس، أعلن أمين عام مجلس الأمن البيلاروسي، أندريه رافكوف، أن ما يصل إلى نحو 200 مقاتل كانوا موجودين على الأراضي البيلاروسية، وأنه قد تم رفع قضية جنائية بحق من تم توقيفهم بتهمة "تدبير عمل إرهابي"، ملوحا بإمكانية قطع الإنترنت في البلاد في حال نشوب تهديد للأمن القومي.

ومن اللافت أن الإعلان عن توقيف المرتزقة الروس جاء متزامنا مع اقتراب موعد إجراء انتخابات الرئاسة البيلاروسية في 9 أغسطس/آب المقبل، وبعد أيام معدودة على إعلان الرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو، أن "الحروب تبدأ اليوم باحتجاجات الشوارع والتظاهرات فالميادين" بمشاركة عناصر محترفة يتم تدريبها في إطار الشركات العسكرية الخاصة.

الإعلان عن توقيف المرتزقة الروس جاء متزامنا مع اقتراب موعد إجراء انتخابات الرئاسة البيلاروسية في 9 أغسطس

وفي هذا السياق، اعتبر موظف سابق بالأجهزة الخاصة تحدث لصحيفة "فيدوموستي" الروسية أن تصريحات لوكاشينكو تدل على أن السلطات البيلاروسية كانت على علم بأن مجموعة من المواطنين الروس من الأفراد السابقين أو الحاليين للشركات العسكرية الخاصة تمر عبر بيلاروسيا سواء بهدف الاستجمام أو في طريقها إلى دول أخرى، بالتنسيق مع الجانب البيلاروسي، ما يعني أن الحديث يجري عن "خطوة غير ودية للغاية حيال موسكو".

وبدوره، شكك نائب مدير معهد بلدان رابطة الدول المستقلة، فلاديمير جاريخين، في قدرة لوكاشينكو على توظيف الواقعة لجر الناخبين من أصحاب الميول الغربية إلى صفه، قائلا: "يتميز أصحاب التوجهات الغربية بمستوى تعليمي عال، لذلك من الصعب أن يصدقوا مثل هذه الأمور. يأتي أفراد الشركة العسكرية الخاصة، ويرتدون أزياء عسكرية، ويبقون مجموعة واحدة. يبدو ذلك وكأنه كاريكاتير. لذا لن يصدق هؤلاء واقعية التهديد الروسي".

تداعيات خطيرة

من جهته، لفت الخبير بمركز تحليل الاستراتيجيات والتكنولوجيا، قسطنطين ماكيينكو، إلى سوابق عديدة لعمل السلطات البيلاروسية ضد المصالح الروسية في العديد من القضايا الحساسة، بما فيها مواصلة التعاون العسكري -التقني واسع النطاق مع أوكرانيا، وعدم الاعتراف بأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية مقابل بدء تطوير العلاقات مع جورجيا بشكل استعراضي. ومع ذلك، وصف ماكيينكو الواقعة الأخيرة لتوقيف المواطنين الروس بأنها الأسوأ وستؤدي حتما إلى تداعيات خطيرة في العلاقات بين البلدين.

أما صحيفة  "نيوز.رو" الإلكترونية الروسية فاعتبرت هي الأخرى أن عملية توقيف المرتزقة، إن حدثت من أساسها، قد تكون أخرجتها القيادة البيلاروسية بهدف "رفع درجة التوتر وتعزيز الخطاب حول طوق الأعداء حول البلاد" لإضفاء الشرعية على ولاية لوكاشينكو السادسة التي ستبدأ بعد الانتخابات.

كما رأت الصحيفة أن توقيف المرتزقة الروس يحمل في طياته رسائل إلى الغرب الذي يبدي استياءه من سير حملة الانتخابات البيلاروسية وقيام لوكاشينكو بالتخلص من خصومه الرئيسيين، فبات يسعى لتقديم نفسه أمام أوروبا والولايات المتحدة على أنه "حامي بيلاروسيا من روسيا". 

وكانت وكالة "بيلتا" البيلاروسية قد أوردت مساء أمس خبر عقد لوكاشينكو اجتماعا عاجلا مع أعضاء مجلس الأمن لمناقشة الوضع حول اعتقال المرتزقة الأجانب، وتصريحاته التي وصف فيها ردود الأفعال الروسية على الواقعة بأنها سعي لـ"تبرير نواياهم القذرة"، على حد تعبيره.

المساهمون