توقعات إسرائيل من ترامب: عدم عرقلة الاستيطان ولا إملاءات

توقعات إسرائيل من ترامب: عدم عرقلة الاستيطان ولا إملاءات

11 نوفمبر 2016
تواجه إسرائيل رئيساً لا يملك سياسة محددة (جابين بوتسفورد/Getty)
+ الخط -

لم يخف الرئيس الأميركي الجديد، دونالد ترامب، على مدار الحملة الانتخابية للرئاسة الأميركية، انحيازه الكامل إلى جانب إسرائيل، وقطع خلال حملته الانتخابية جملة من الوعود التي تلقفها اليمين الإسرائيلي. لكن بعد إعلان النتائج، تراجع حجم التوقعات، على الأقل بما يتعلق بوعود مثل نقل السفارة الأميركية إلى القدس، حيث بات، بحسب مراقبين ومسؤولين إسرائيليين، موضوع اختبار للرئيس الجديد. إلا أنه يمكن بداية التأكيد أن انتصار ترامب يمنح حكومة بنيامين نتنياهو، على المدى المنظور، دعماً في قضايا مصيرية بالنسبة إلى الحكومة الإسرائيلية الحالية. وأهم أوجه الدعم، الذي تتوقعه الحكومة الإسرائيلية ويبدو أنه سيكون متوفراً لها، يتعلق بقبول ترامب تغيير سياسة الإدارة الأميركية بكل ما يتعلق بالاستيطان.

وقد اعتبر مثلاً الوزير الإسرائيلي، تساحي هنغبي، في هذا السياق، أنه تحت إدارة ترامب، لن تتحول كل عملية لبناء وحدات استيطانية في محيط القدس إلى نقطة خلاف أو تثير أزمة في العلاقات بين البيت الأبيض وتل أبيب. أما الموضوع الثاني، فهو في قناعة إسرائيل بأن الرئيس الجديد لن يسعى، وهو ما أكده مستشارون مقربون من ترامب، إلى فرض إملاءات على إسرائيل في كل ما يتعلق بالمفاوضات مع الجانب الفلسطيني. وفي هذا السياق مثلاً، يبرز مقربون من ترامب تصريحاته بأنه لن يسمح بصدور أي قرار أممي ضد إسرائيل في مجلس الأمن الدولي. أما الموضوع الثالث، الأهم في نظر تل أبيب، فهو أن إدارة ترامب ستشاطر إسرائيل قلقها من الملف الإيراني والاتفاق النووي. وأقر هنغبي بأنه خلافاً لتصريحات ترامب بشأن إلغاء الاتفاق مع إيران، فإنه من الواضح أن هذه الخطوة لن تكون ممكنة، لكن مع ذلك سيكون بمقدور إسرائيل أن تتعاون مع إدارة ترامب، بفعل التقارب في وجهات النظر بشأن إيران. لكن إلى جانب توقعات هنغبي، المقرب من نتنياهو، فإن ملف العلاقات الإسرائيلية الأميركية في عهد ترامب، يثير تساؤلات وشكوكاً بشأن مدى قدرة الرئيس الأميركي الجديد على الوفاء بتعهداته ووعوده الانتخابية. وسعى عدد من المراقبين والمسؤولين السابقين في إسرائيل إلى محاولة وضع تصور لطبيعة العلاقات بين الطرفين، مع درجة تفاؤل أكبر لجهة علاقات خالية من التوتر الذي ميز العلاقات بين إدارة الرئيس باراك أوباما والحكومة الإسرائيلية، تحت قيادة بنيامين نتنياهو.

واعتبر رئيس مجلس الأمن القومي السابق، عوزي آراد، في مقالة في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن المهمة الرئيسية لرئيس الحكومة الإسرائيلية اليوم، هي بناء شبكة علاقات عمل وتعاون جيدة مع كل رئيس أميركي عموماً، فكم بالأحرى مع ترامب الذي يبدي تأييداً لإسرائيل، وبالتالي يتوجب بناء علاقات عمل جيدة مع كل أصحاب الوظائف الرفيعة المستوى في إدارة ترامب، وخصوصاً أن الجهات الرسمية في إسرائيل تملك علاقات جيدة مع الكثير من المرشحين للعمل في إدارة ترامب. ويرى آراد أنه ستكون لسياسة ترامب تداعيات إقليمية ودولية من شأنها أن تتيح لإسرائيل، وربما أن تفرض عليها، مجالات مناورة أوسع لعمليات عسكرية، لكن المصلحة الإسرائيلية الأهم هي ضمان التعاون مع الولايات المتحدة والتنسيق المسبق معها، وهناك حاجة لتعزيز هذا التعاون بدرجة أكبر مما كان عليه تحت إدارة أوباما، وتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة في مجالات أخرى، وفي مقدمتها الملف النووي الإيراني ومنع طهران من امتلاك قدرات ذرية، والحرب ضد الإسلام المتطرف. وأهم ما يعتبره آراد ضرورياً هو "أن يكون التنسيق مع الولايات المتحدة مطلقاً، وأن يبث الطرفان على الموجة نفسها أيضاً في مجال التسويات السياسية في المنطقة لضمان التأييد الأميركي لنا".


أما مدير مركز أبحاث الأمن القومي، الجنرال احتياط عاموس يادلين، فيلفت إلى أنه خلافاً للإدارات السابقة، فإن إسرائيل تواجه اليوم إدارة ورئيساً لا يملكان أجندة وسياسة محددة مسبقاً، وبالتالي سيكون لأداء إسرائيل بالغ الأثر في تحديد سياسة إدارة ترامب، الذي تعهد خلال الحملة الانتخابية باتباع سياسة مؤيدة لإسرائيل. ويرى يادلين أن انتخاب ترامب يمنح إسرائيل فرصة للتأثير على تحديد سياسة الإدارة الأميركية الجديدة، وأن تكون جزءاً من هذه السياسة وصياغتها، لكن ذلك يتطلب تحديد ست نقاط مهمة لضمان تأثير إسرائيل في بلورة السياسة الأميركية بما يخدم مصالحها، الأولى هي استعادة الثقة بين البيت الأبيض وتل أبيب، وهي الثقة التي "تبخرت" خلال عهد أوباما، عبر تحديد المصالح المشتركة للطرفين، والخطوط الحمراء والامتناع عن عنصر المفاجأة. النقطة الثانية والهامة هي العمل للوصول إلى سياسة أميركية تجاه المنطقة، ضمنها دول الخليج والدول العربية، والتي تضررت في عهد أوباما. ويمكن في هذه الحالة، أن تشكل العلاقات الجيدة مع مصر والأردن، وتقارب المصالح مع السعودية واستئناف العلاقات مع تركيا، أساساً لبناء تحالف قوي يواجه التحديات المشتركة. ثالثاً، العمل من أجل بلورة استراتيجية جديدة في كل ما يتعلق بالأزمة السورية، (حيث يشكل مقتل نصف مليون سوري وتهجير 10 ملايين، عدا عن نحو مليوني جريح، وصمة عار على جبين الإنسانية) في مواجهة روسيا وإيران المؤيدتين للنظام السوري.

أما النقطة الرابعة التي يراها يادلين مهمة للتوصل إلى تفاهم بشأنها، فهي الملف الإيراني، إذ يقدر يادلين هو الآخر، أن ترامب لن يلغي الاتفاق المبرم مع إيران، لكن بفعل الثغرات القائمة في الاتفاق، بحسب رأيه، فإنه يجب التوصل إلى اتفاق مبدئي مع الأميركيين بعدم جواز منح الشرعية لإيران وبرامجها النووية، طالما واصل نظامها الدعوة إلى إبادة إسرائيل، والعودة إلى التعاون الاستخباراتي بين البلدين بغية رصد وكشف كل انتهاك إيراني للاتفاق، والتوصل إلى تفاهم واتفاق مع أميركا يوفر لإسرائيل، ويتيح لها، كافة القدرات العسكرية العملياتية اللازمة للتحرك في حال فشلت باقي الخيارات الأخرى. أما على صعيد المفاوضات وحل التسوية مع الجانب الفلسطيني، فإن يادلين يقترح أيضاً التعاون مع إدارة ترامب، لفحص مفاهيم وتصورات وقوالب جديدة للحل تبقي على روح حل الدولتين، لكنها تعترف أيضاً بعدم القدرة على التوصل إلى حل دائم في الوقت الحالي، وتجديد التعهدات الأميركية لإسرائيل كما وردت في رسالة الرئيس، جورج بوش، لآرييل شارون في العام 2004. أما النقطة السادسة لضمان تعزيز العلاقات الأميركية مع إسرائيل وضمان التحالف بين الطرفين فتقضي، بحسب يادلين، بوجوب اعتبار الأمن الإسرائيلي مدماكاً أساسياً وهاماً في العلاقات، بما يضمن مواصلة المعونات الأميركية، وضمان التفوق العسكري النوعي الإسرائيلي والدعم الأميركي لمشروع الدفاعات الصاروخية لإسرائيل.