انتهى الكلاسيكو بفوز "الملكي"، وحقق ريال مدريد العلامة الكاملة خلال الدقائق التسعين، ليواصل التفوق على غريمه في آخر مباراتين بينهما، الأولى في نهائي الكأس، والثانية في قمة الأسبوع من الدوري الإسباني.
واستحق أصحاب الأرض الفوز، الذين قدموا أداءً راقياً وكان باستطاعتهم زيادة الغلة التهديفية خصوصاً في نصف الساعة الأخير من عمر المباراة، حينما اندفع برشلونة إلى الهجوم، وترك دفاعه بدون تدعيم حقيقي.
وبعيداً عن سيناريو ومجريات اللعب، فإن كلاسيكو "البرنابيو" وضع علامات حول أبرز الفروقات الفنية والبدنية بين "الريال" و"البارسا" خلال الفترة الحالية، ورغم تحسن الأداء "الكاتالوني" في المجمل خلال المباريات الماضية، لكن قمة الكرة الإسبانية أعادته من جديد إلى نقطة البداية حيث الحاجة إلى مزيد من التحسينات على صعيد كل خطوط الفريق.
# الاستحواذ والسيطرة
يملك الفريقان الكثير من الإيجابيات ونقاط القوة، لكنهما يتفقان في بعض السلبيات، أهمها على الإطلاق، المساحات بين الخطوط، والظهور بشكل سيئ عند فقدان الكرة، وبالتالي الفريق الذي سيسيطر أكثر على الوسط، ويحرم خصمه من الكرة حينما يريد، سيكون أكثر خطورة على المرمى، لأن دفاع الفريقين لا يعرف كيف يتمركز دون الحصول على الكرة في أغلب الأوقات.
هذه القاعدة يتم ذكرها قبل كل كلاسيكو، لأنها صحيحة بنسبة كبيرة، وهذا ما حدث خلال المباراة، فقد ظهر ريال مدريد بمظهر الند على صعيد السيطرة والاستحواذ، حيث وصلت النسبة في النهاية إلى 46 % للريال مقابل 54 % لبرشلونة، مما يدل على التقارب الشديد على مدى التسعين دقيقة.
وحينما يفقد فريق مثل برشلونة الكرة بهذه النسبة، ويصبح لعبه أكثر على الأطراف ورمي العرضيات، فإن نسبة خسارته تكون كبيرة في أي مباراة، لذلك عرف أنشيلوتي من أين تؤكل الكتف، ولم يترك الملعب لـ"البرسا"، ولم يجعلهم يحصلون على نسبة استحواذ تصل إلى الـ 65-70 % كعادة الأحمر والأزرق في المواجهات التي يحسمها أمام الغريم "المدريدي".
# خبرة أنشيلوتي وتسرع لوتشو
تفوق كارلو أنشيلوتي بخبرته العريضة على لويس إنريكي في أول "كلاسيكو" للمدرب الشاب، وذلك بعد أن لعب الإيطالي بطريقة (4-4-2) منذ البداية، وكان غياب بيل أمراً إيجابياً بالنسبة له، بسبب وجود إيسكو كأساسي بجوار كلٍّ من مودريتش وكروس، بالإضافة إلى خاميس رودريجز، مما سمح لفريقه بمنافسة "البارسا" على أهم خط في المباراة، منطقة الوسط والمناورات خلال المباريات الكبيرة.
أما لويس إنريكي فغامر كثيراً، لأن البدء بسواريز يعني ضرورة إضافة لمسة دفاعية إلى خط الوسط، لكنه لعب بكلٍّ من تشافي وإنييستا أمام بوسكيتس، وكان من الأفضل إشراك راكيتيتش من أجل زيادة عامل السرعة، وحتى بعد نهاية الشوط الأول، لم يُغيّر المدرب اختياراته، فاستمر السقوط البدني وزادت المساحات أمام الدفاع.
في وقت كانت مشكلة برشلونة أكبر في الوسط، اللعب بالثلاثي تشافي، إنييستا، بوسكيتس، يعطي الفريق قوة في العمق، لكن التحول يكون ضعيفاً خصوصاً أسفل الأطراف، لذلك عانى ألفيش وماتيو كثيراً من انطلاقات "الريال" على الخط، وفي حالة اللعب براكيتتش، فإن الفريق يصبح أقوى في المرتدات، لكنه يفقد الكثير من ثقله على مستوى التمرير والسيطرة، وكأن المدرب الجديد يواجه لغزاً أشبه بـ "قفلة الدومينو".
وعلى النقيض تماماً، قام الثنائي كروس ومودريتش بدور كبير بمعاونة باقي أفراد الفريق، وقدم "الريال" عرضاً أقوى على الصعيد الهجومي، لكن أيضاً كانت هناك بعض المساحات خلف ثنائي الارتكاز، لكن مع تراجع برشلونة خلال الشوط الثاني، انتهت الفجوة سريعاً، وأكمل كارلو النجاح حتى ضَمِن الحصاد في آخر الدقائق.
# التنوع التكتيكي
عانى ريال مدريد خلال سنوات سابقة من نقص المهارات التقنية في صفوفه، وكانت هذه المشكلة هي السبب الرئيسي في هزيمته خلال معظم مباريات الكلاسيكو في حقبة جوارديولا "برسا"، لكن عملت الإدارة الملكية على ضبط بوصلة الفريق بالوصول إلى تعاقدات مميزة، وجلب أسماء تجيد التعامل مع الكرة، وليس فقط الجري بها.
لذلك أصبح "الريال" خلال السنة الأخيرة فريقاً مسيطراً يمرر ويستحوذ، يهاجم ويعرف متى يدافع، وهكذا فاز بدوري الأبطال بعد مشوار حافل، خصوصاً مباراتي نصف النهائي أمام بايرن ميونخ، لأن "الريال" حينذاك، قدم نفسه كفريق قاتل في المرتدات، وأمام دورتموند في البرنابيو، لعب بشكل هجومي استحواذي، بينما في النهائي أمام أتليتكو، أنقذته الكرات الهوائية والضربات الثابتة.
وخلال مباراة "الكلاسيكو"، سجل الريال ثلاثة أهداف من ألعاب متنوعة للغاية، فالهدف الأول جاء من ركلة جزاء لكن بعد عمل كبير أسفل الأطراف، واختراق مستمر من جانب مارسيلو، مع مهارة إيسكو الذي سانده كثيراً، حتى زادت الخطورة داخل المنطقة وتواصل الضغط الذي تسبب في ضربة جزاء، جاء منها هدف رونالدو الأول.
وفي الشوط الثاني، زادت الفروقات لصالح مدريد، وجاء الهدف الثاني من ضربة ركنية، وهذا الأمر يتكرر تقريباً في كل مباراة كبيرة "للبرسا" الذي لا يستغل الكرات الهوائية، عكس منافسه القوي في استخدامها، وهنا يظهر التفوق لمصلحة الفريق "الأبيض"، الذي ينافس برشلونة على الأرض بقوة، ويملك الهواء بمفرده في مواجهة غير متكافئة بالمرة خلال كل كرة عرضية.
أما الهدف الثالث فيشبه كثيراً هدف جاريث بيل في نهائي الكأس، تمريرة غريبة من راكيتيتش، إنييستا بطيء جداً، ماتيو مندفع جداً، هدف من مرتدة قاتلة، يمتاز بها "الريال" الذي أجاد اللعب المنظم في الهدف الأول، والكرات الهوائية في الهدف الثاني، والمرتدات السريعة في الهدف الثالث، لذلك تفوق على برشلونة وحصد النقاط الثلاث في النهاية.