تمكين المرأة اللبنانية... نشاط لكُل الفصول
لم يكن مُمكناً دخول المياه عند شاطئ الجية جنوبي العاصمة اللبنانية بيروت، قبل إبعاد القناديل الظاهرة على سطح الماء. تجتذب مياه الربيع الباردة قناديل البحر اللاذعة إلى الشاطئ اللبناني، وهو ما يُعيق مرتاديه الذين يخشى معظمهم مجرد الاقتراب من هذه الكائنات اللزجة.
لم يكن رواد الشاطئ كُثراً على أي حال. بعض لاعبي كرة المضرب، وسيدات جمعتهن الناشطة والأكاديمية، حليمة القعقور، في نشاط رياضي مائي لتمكين المرأة، واستعادة بعض ثقتها بنفسها. خافت السيدات من وجود القناديل، فسحبت حليمة اثنين منهما بيديها وسط دهشة صديقاتها من قدرتها على الإمساك بالقنديل. تنحدر الدكتورة حليمة من محافظة جبل لبنان، لكنها تحب الشاطئ. تسبح في مُختلف الفصول، وحتى أنها تسبح برفقة حصان كلما سمحت الفرصة بذلك. وبات مرتادو الشاطئ معتادين على نشاطاتها الرياضية، وأيضاً على مساهماتها في كشف حجم التلوث البيئي الناتج عن استحداث مكبات النفايات العشوائية شمالي وجنوبي العاصمة بيروت.
النشاط المقصود، يوم الأحد الماضي، كان بسيطاً ببساطة اجتماع مجموعة صديقات في يوم عطلة مشمس، وطموح بحجم توصيات الأمم المتحدة الخاصة بالمرأة، والتي صدرت بمناسبة يوم المرأة العالمي في 8 مارس/آذار. تستند القعقور إلى هذه التوصيات للحديث عن أهمية الرياضة في "تعزيز ثقة المرأة بنفسها"، وفي "تقليص التمييز القائم بين السيدات والرجال". تتأخر قعقور عن الالتحاق بزميلاتها داخل المياه، لتؤكد على وصول رسالتها للمجتمع: "المرأة قوية وقادرة على ممارسة كافة النشاطات، ونأمل بالمزيد من المبادرات التي تعزز ثقة اللبنانية بقدراتها".
وصلت السيدات تباعاً وتأخر معظمهن عن الموعد المُحدد. حوالي 20 سيدة من مُختلف الخلفيات حضرن إلى الشاطئ. تقول المدربة الرياضية التي تم استقدامها للتأكيد على جدية النشاط إن التأخير "عادي"، وإن المهم هو "التزام السيدات بأداء التمارين بشكل صحيح". زادت المياه الباردة من صعوبة تحريك اليدين والقدمين داخل المياه، لكن حليمة أكدت للجميع أن الجسم سيتأقلم مع البرودة سريعاً، وسيصبح التمرين أكثر إمتاعاً. وهو ما حدث فعلاً. تحولت صيحات الاستهجان من برود المياه إلى ترحيب بالطاقة التي منحتها المياه والرياضة لأجساد السيدات.
ساعة كاملة في المياه قضتها حليمة وصديقاتها، مستمعات إلى إرشادات المدربة التي قدمت إليهن مجموعة حركات رياضية خاصة بالـ"أكوا جيم" أو التمارين الخاصة بممارسة الرياضة داخل المياه. وترافق خروجهن من المياه الباردة مع الاتفاق على ضرورة تحديد موعد ثان وقريب لتكرار النشاط الرياضي. كما أكدت السيدات على دعوة صديقاتهن للمشاركة بسبب الشعور الإيجابي الذي خرجن به من الماء. وأكدت السيدات أن "النشاط كسر روتين الحياة اليومية للمرأة العاملة أو المتزوجة، وقدم مساحة خاصة لممارسة هذا النوع من الرياضة".
ويأتي هذا النشاط على بعد أيام قليلة من يوم المرأة العالمي الذي أحيته سيدات لبنان عبر مسيرة حاشدة رددن خلالها مجموعة مطالب أبرزها الحق في المشاركة السياسية عبر نظام "الكوتا"، ومنح المرأة اللبنانية الجنسية لأبنائها، إضافة إلى إلغاء كافة أشكال التمييز القائمة بين الجنسين.
