تل أبيب قُصفت.. أُعلِنَ النصر

عام 1991 عندما دكّت صواريخ صدام حسين تل أبيب، خرجت الجماهير العربية لتعلن فرحاً لم تشهد مثله، بعدما تعوّدت الهزائم المتتابعة، ولم تتعب الحناجر على مدى أيام من الهتاف بشعارات من نوع "يا صدّام يا حبيب دمّر، دمّر تل ابيب". لم تخرج الجماهير العربية آنذاك، حبّاً في صدّام حسين، ولكن، لأن هناك عربياً تمكّن من خرق قاعدة الذل والمهانة التي عاشها ويعيشها العرب منذ 1948، أو حتى قبلها بسنوات.
لا يزال التمني العربي بأنّ تحرر كلّ الأراضي المغتصبة، حتى حلّ الدولتين على حدود 1967 لا يروقنا، فهو أشبه بمن تغتصب داره وأهله، فيشاركهما مع عدوّه. لكن، للأسف هذا الطريق الذي سار فيه حكام العرب ومعتدلوهم إلى الحد الذي صرح لبعضهم انتهاج سياسات العار بتصالحهم وصداقتهم مع إسرائيل، وركبوا قاطرة كامب ديفيد وأوسلو، إلى حدّ أصبحت فيه تل أبيب قبلة هؤلاء.
ارتبط حلم النصر دوماً بتكذيب الواقع، حتى تعثر الثورات العربية أعاد طواغيت الذل إلى كراسيهم، ومكّن لهم من جديد، في سبيل أن تبقى تل أبيب سالمة غانمة. الانقلابي الأكبر في مصر أعلن أن حماس حركة إرهابيّة، والمتحدّث باسم خارجيته قال إن ما يحصل، الآن، في غزة مغامرة لأغراض داخليّة، ورئيس مخابراته كان قد نسّق مع الكيان الصهيوني التشديد في حصار أهل غزة. كما اعترف الكيان الصهيوني بأن نظام عبد الفتاح السيسي يعتبر ذخراً استراتيجياً له، يمكنه من القضاء على كلّ مقاومة في الوطن العربي، وليس في غزة فقط.
أخيراً، سقطت أسطورة أعتى جيش في الشرق الأوسط، وأسطورة القبة الحديدية، وظهر الصهاينة كالجرذان، تحت الأرض أو مذعورين فوقها. اكتمل النصر في الذات العربية، وطفا طعمه الجميل، وعاش العرب ما لم يعشه أجدادهم من قبل، ورأوا عاصمة الصهاينة تُدك مراراً، وليس مرة واحدة بسواعد أبناء غزة المقاومين الفلسطينيين الأشداء.

