تلفزيونات التحريض

تلفزيونات التحريض

21 نوفمبر 2014
يجمع القنوات العربيّة التحريض (Getty)
+ الخط -
إنّه "اليوم العالمي للتلفزيون"... لا شيء يدعو للاحتفال. حتّى الأمم المتحدة في رسالتها حول هذا اليوم، لم تعتبر أنّه يومٌ للاحتفال. فقد أعلنت الأمم المتحدة الواحد والعشرين من نوفمبر\تشرين الثاني من كُلّ عام كـ"يوم التلفزيون العالمي"، في قرارٍ لها في العام 1996. وقالت إنّ "هذا اليوم هو رمزٌ لما يُقدّمه التلفزيون من تواصل في سبيل العولمة".
وفي نظرة سريعة على واقع التلفزيونات في العالم العربي، سنجد أنّ شيئاً واحداً يجمعها: التحريض. وبغضّ النظر عن الجهة المقابلة، لكنّ كُلّ قناة عربيّة تخترع عدواً وتحاربه... ترمي أجندتها السياسيّة عليه، أو حتى الاجتماعيّة والمعيشيّة، وتنهال عليه حتى تُشكّل رأياً عاماً كارهاً للطرف الآخر.
ففي اليمن، أظهر تقرير لمؤسسة "حريّة" أنّ القنوات بأغلبها تُمارس التحريض. وفي السعودية، أظهرت حادثة الأحساء مؤخراً مدى الطائفية والتحريض عند إعلاميين "مُخضرمين". وفي مصر، تُمارس القنوات تحريضاً ضدّ كُلّ ما لا يتوافق مع نظام عبدالفتاح السيسي. وفي سورية، تُمارس القنوات المالية للنظام تحريضاً ضدّ تلك المعارضة، والعكس صحيح... وحتى في المغرب، تحوّل المشاهدون إلى القنوات الأجنبيّة. وفي لبنان، كُلٌّ يُمارس التحريض على ليلاه... وفي كُلّ بلدٍ أيضاً قنوات دينيّة تبثّ الكراهية وتدعو لقتل كلّ "دين مختلف".
وجاءت "داعش" لتُحدث تحوّلاً ما في المشهد المرئي. فلسنوات طوال، كان الحال على نفسه، حتى جاء إجرام "داعش"، ليخلق نقاشاً حول ما يُمكن بثّه وما لا يُمكن بثّه، ولتوحّد الشاشات لبرهةٍ، رفضاً لإرهاب التنظيم.
هذا كُلّه يأتي في ظلّ تساؤلات يطرحها البعض حول المطالب الكبيرة التي ننتظرها من القنوات. ففي حين نوجّه انتقادات لممارسات القنوات الإعلاميّة، وننتظر منها نشر الوعي ودعم الوحدة الوطنيّة، فيما تبقى هذه القنوات في النهاية مؤسسات تجاريّة تبغي الربح، وليست جمعيّات خيريّة.
لكنّ نتائج دارسة للمؤشر العربي أظهرت أنّ التلفزيون لا يزال الوسيلة الأولى التي يعتمدها المواطن العربي في متابعة الأخبار بنسبة 66%، تأتي بعده شبكة الإنترنت بنسبة 7%، فالإذاعات والصحافة اليومية وبنسبة 6% لكل منهما... ما يعني أنّ هناك دوراً كبيراً للتلفزيونات في بثّ أفكار وآراءٍ معيّنة للرأي العام، ما يُتيح رصد انتهاكاتها وتسليط الضوء على تخطّيها الخطوط الحمراء. ولعلّ أبرز دليلٍ على سوء توجيه القنوات للرأي العام، هي حملة "أقتل تلفزيونك، قبل أن يقتلك".

دلالات

المساهمون