تكريمات "القاهرة السينمائي": 3 ممثلين لجائزة فاتن حمامة

تكريمات "القاهرة السينمائي": 3 ممثلين لجائزة فاتن حمامة

القاهرة

نديم جرجوره

avata
نديم جرجوره
22 نوفمبر 2017
+ الخط -
بعد أشهرٍ قليلة على رحيل الممثلة المصرية فاتن حمامة، في 17 يناير/ كانون الثاني 2015، ابتكر "مهرجان القاهرة السينمائي الدولي" جائزتين باسمها: أولى "تقديرية"، تُمنَح لمبدعين "أثروا الفن السينمائي بأعمال خالدة"؛ وثانية "للتميُّز"، تُمنح لمبدعين (أيضاً) "تمكّنوا، في سنّ مبكرة نسبياً، من تحقيق إنجاز سينمائي ملموس". إطلاق اسمها حاصلٌ "بالتعاون مع أسرتها"، وتصميم "تمثال الجائزة" عائدٌ إلى النحات المصري آدم حنين (1929).

هذا حسنٌ. لفاتن حمامة (1931 ـ 2015) أفلامٌ راسخة في الوجدان الجماهيري، المصري والعربي معاً، منذ سنين بعيدة. حضورها السينمائيّ محفور في ذاكرة شعوب وأجيال، تُقيم في الجغرافيا العربية، وتمتد إلى دول الاغتراب الأوروبي والأميركي والأسترالي. تعاونها مع سينمائيين مصريين، ينتمون إلى مناخات وأساليب سينمائية وثقافية وجمالية ودرامية مختلفة، عاملٌ إيجابي في بلورة مفردات أدائها، وأدوات بوحها وتعبيرها عن أفرادٍ وحكاياتٍ وحالات. اختيار اسمها لجائزتين تُمنحان لعاملين في السينما ينتمون إلى جيلين مختلفين، كما هو مُلاحَظ منذ بدء منحها، بادرة موفَّقة ومطلوبة، خصوصاً أنه متأتٍ من لحظة رحيلها.

في الدورة الـ39 (21 ـ 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017) للمهرجان، ينقسم الاختيار إلى جانبين: ففي مقابل اختيار المصري سمير غانم (1937) لمنحه "الجائزة التقديرية"، اختير كلٌّ من التونسية هند صبري (1979)، إحدى أبرز ممثلات جيلها في مصر وأهمهنّ أداء واشتغالاً، والمصري ماجد الكدواني (1967)، لمنحهما "جائزة التميُّز". ورغم أن لغانم تاريخاً طويلاً من العمل، الموزّع على السينما والتلفزيون والمسرح، وهو تاريخٌ محتاجٌ إلى قراءة نقدية عميقة، لتبيان الأسس الكوميدية، صانعة سيرته وأعماله، ولمعرفة مدى تطابقها والمتطلبات الكوميدية الأصلية؛ فإن اختيار صبري والكدواني يبدو أهمّ وأقرب إلى جوهر المعنى الفني للجائزة، لشدّة ارتباطهما بسياقٍ سينمائيّ، يجمع بين حِرفية الأداء، وعمق المواضيع الدرامية المختارة، والتنوّع الفني بين الكوميديا والدراما الاجتماعية والقضايا المختلفة، وجماليات عديدة في اشتغالات إخراجية وفنية وتقنية مختلفة. هذا كلّه في فترة زمنية أقلّ من تلك الخاصّة بغانم.

وسمير غانم، رغم استمراريته في العمل المتنوّع الأشكال والمضامين لغاية الآن، غير قادر على تحصين تاريخه الفني من السقوط في أفخاخ الروتين والارتباك والكوميديا المسطحّة. أما حضوره الكوميدي فمحتاجٌ، أساساً، إلى إعادة قراءة جذرية، تتناول الفعل الكوميدي المصري في السينما والتلفزيون والمسرح؛ وتُشرِّح وقائعه ونتاجاته؛ وتُحلِّل أعمال مجايله؛ وتُقارن بينهم لمعرفة مدى اختلافاتهم، الإيجابية والسلبية، عن بعضهم البعض، ومدى قدرة كلّ كوميديّ منهم على تقديمِ جديدٍ لافت للانتباه، أو تجديدٍ يُبنى عليه.

مع هذا، فالتاريخ الطويل لسمير غانم، وغزارة الإنتاج وتنوّعه بين أشكال القول والتعبير، وأطره الفنية العديدة، يبقى سبباً معقولاً لتكريمٍ، يتمثّل بمنحه تمثال الجائزة، وبإصدار كتاب عنه، وبعرض فيلمين له، هما: "البعض يذهب إلى المأذون مرتين" (1978) لمحمد عبد العزيز (1940)، و"يا رب ولد" (1984) لعمر عبد العزيز (1953).

وإذْ تأتي هند صبري إلى السينما المصرية، من تجربة تونسية يُشهد لها بالاختلاف والتجديد على المستوى العربيّ؛ فإن حضور ماجد الكدواني في النتاج المصري الحديث يعكس أحد أجمل معاني الأداء المهني الاحترافي: قدرته على إلغاء الفواصل الكامنة بين الشخصية والممثل، من دون أن يغيب أحد الطرفين لمصلحة الآخر، بل بتكامل أدائي يتيح للممثل تقديم الشخصية، والتحكّم فيها، والاختفاء داخلها كي تكون هي واجهة المشهد والمناخ الدرامي والسياق السردي.
معاً، يُشاركان في "أسماء" (2011) لعمرو سلامة (1982)، الذي يستلّ من الواقع قصّة حقيقية، عن شابّة تُصاب بمرض "فقدان المناعة المكتسبة"، فتواجه أشرس رفضٍ لها في مجتمع منغلق ومحافظ وقاسٍ، من دون أن تتراجع عن الدفاع عن حقّها في العيش والعلاج والحضور الاجتماعي. واقعية السينما تبرز، أيضاً، في "678" (2010) لمحمد دياب (1978)، تمثل الكدواني دور شابّة تتعرّض لتحرّش جنسي في الباص رقم 678، فتتقدّم بدعوى قضائية، ما يفرض عليها ضغوطَ بيئة وجماعة وأجهزة، في مقابل إصرارها على الدفاع عن حقوقها الطبيعية والشرعية كامرأة ومواطنة وكائن بشري.

يُمكن القول إن "عمارة يعقوبيان" (2006) لمروان حامد (تمثيل صبري) مأخوذٌ من وقائع يومية، رغم أنها غير موثّقة، كما في فيلمي "أسماء" و"678". فالروائي الطويل الأول لحامد (1977) يغرف من راهنِ القاهرة، في تمزّقاتها وانهياراتها وارتباكاتها، ويسعى إلى نوعٍ من مقارنة خفيّة بين راهنها هذا وماضيها، المليء بحقباتِ ازدهار ومعرفة وتطوّر ووعي وجماليات، تبتعد القاهرة عنها في راهنها الصاخب بالألم والخوف والتزمّت والخراب.

وهذا حاضرٌ، بشكلٍ مختلف تماماً، في "شيخ جاكسون" (2017)، لعمرو سلامة (تمثيل الكدواني). فالمقارنة بين ماضٍ وحاضرٍ تُشكِّل جزءاً أساسياً في الحبكة الدرامية، عبر شخصية شيخ محافظٍ يجد نفسه، فور سماعه نبأ وفاة المغني الأميركي مايكل جاكسون (1958 ـ 2009)، في حالة ارتباك بين راهنه وماضيه، هو الهائم بالمغنّي في مراهقته. وينتمي "الأصليين" (2017)، لمروان حامد أيضاً، إلى المناخ الدرامي نفسه، عبر سمير عليوة (الكدواني)، الذي يواجه تحدّيات شتّى إثر طرده من وظيفته، أبرزها انبعاث ماضيه أمامه، في راهنٍ مثقل بالقلق والاضطرابات والهواجس الحياتية.

مع هند صبري، يستعيد المهتمّون فيلمين تونسيين لها، أحدهما يُعتبر "بطاقة دخولها" عالم التمثيل السينمائي، وهو "صمت القصور" (1994)، أول روائي للمونتيرة التونسية مفيدة التلاتلي (1947). بينما يؤكّد الثاني، وهو "عرائس الطين" (2002) لنوري بوزيد (1945)، متانة حضورها الأدائي، في عملٍ يذهب بشخصياته إلى المسافات الفاصلة بين الواقع والمتخيّل، عبر حكاية فتاة تُتقن فن صناعة الدمى من طين. أما الفيلم الأول لها، فيُظهرها كممثلة ومغنية أيضاً في عمر باكر لها، إذْ تؤدّي شخصية شابّة تعود إلى قصر أحد الـ"بايات" (البكوات) التوانسة القدماء، الذي عملت والدتها فيه، كي تقوم بواجب العزاء، فتستعيد ذكريات قديمة مع راهنٍ مُثقل بألف سؤال وحكاية.

ذات صلة

الصورة

منوعات

أعلنت الممثلة التونسية هند صبري، الأربعاء، استقالتها من دورها كسفيرة للنوايا الحسنة لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، بعد "استخدام التجويع والحصار كأسلحة حرب على مدى الأيام الـ46 الماضية ضد أكثر من مليوني مدني في غزة".
الصورة

منوعات

تخلت ناشطتان حقوقيتان من الأردن عن جائزتين أميركيتين تكريميتين لدفاعهما عن حقوق الإنسان، احتجاجاً على دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في حربها العدوانية على قطاع غزة.
الصورة
الزميل عماد حجاج مع جائزته في بيروت (العربي الجديد)

منوعات

تزامنت الدورة الثامنة لتوزيع جائزة محمود كحيل للرسم في بيروت، مع افتتاح مركز رادا ومعتز الصواف لدراسة الشرائط المصورة العربية في الجامعة الأميركية في بيروت.
الصورة

منوعات

أعلنت "الأكاديمية الأميركية لفنون السينما وعلومها"، الجهة القائمة على جوائز الأوسكار، الأربعاء أنّها طلبت من الممثّل ويل سميث مغادرة حفل توزيع جوائز الأوسكار إثر صفعه زميله الفكاهي كريس روك لكنّه رفض.

المساهمون