01 يوليو 2016
تقرير شيلكوت.. محاكمة للغرب
تقرير شيلكوت.. محاكمة للغرب

ياسر عبد العزيز (مصر)
(اعتذار المغفل أسوأ من خطاياه). قد ينطبق هذا المثل الفارسي على توني بلير، رئيس وزراء بريطانيا إبان الحرب على العراق، حيث قدّم بلير اعتذاره، بعد أن أصدرت لجنة التحقيق في حرب العراق تقريرها، والذي دانته في اتخاذه قرار الحرب على العراق، وهو الذي وعد بوش الابن بالوقوف معه مهما حصل. كان مغفلا بحكم لجنة التحقيق، فرئيس اللجنة التي شكلت قبل سبع سنوات قال: "استنتجنا أن بريطانيا قررت الانضمام إلى اجتياح العراق، قبل استنفاد كل البدائل السلمية للوصول إلى نزع أسلحة البلاد. العمل العسكري لم يكن آنذاك حتميا".
ويعتبر مضمون هذا التقرير قاسيا بالنسبة لتوني بلير الذي ترأس الحكومة بين عامي 1997 و2007، واتهم بتضليل الشعب البريطاني، بتأكيده وجود أسلحة للدمار الشامل في العراق، وهو ما لم يتم التثبت منه أبداً. لكن نتائج هذه الحرب التي خلفت عشرات آلاف القتلى العراقيين، وفتح الباب أمام الحرب والعنف الطائفي، وكانت مهداً لميلاد أعنف جماعة إرهابية يعاني اليوم العالم أجمع من ويلاتها، حتى ولو رفض بلير مقولة أن إرهاب اليوم نتيجة لغزو العراق.
لم تكن هذه الويلات التي خلفها قرار بلير الخاطئ محط اهتمام اللجنة، بل سبب تشكيل تلك اللجنة هو مقتل 179 جندي بريطاني بين عامي 2003 و2009 .
لم تنظر اللجنة فيما كانت الديمقراطية التي بشرت بها بعد أن تطيح الدكتاتور، قد أتت أكلها أم أنها خلفت دولة فاشلة، كانت فيما مضى تشكل ثقلا في معادلة القوة في المنطقة.
لم تنظر اللجنة في أن بلير وشريكه بوش قد تجاوزا مجلس الأمن، واتخذا قرار الحرب منفردين، بعيداً عن المنظمة الدولية التي من شأنها أن تقر السلم والأمن الدوليين، والتي تنص في ميثاقها على أن التدخل المسلح هو آخر أدوات تلك المنظمة على أن يكون بإجماع دولي .
تقرير تشيلكوت سبقه تقرير بيكر/هاملتون في أميركا، والذي يعد قراءة لواقع حال القوات الأميركية في العراق، والذي انتهى إلى ما انتهى إليه تشيلكوت، لكن مع توصيات أكثر فجاجة مثل تقسيم العراق، وتولي الشيعة مسؤولية تدجين السنة مع الإبقاء على القوات الأميركية خارج المدن، وغيره من التوصيات الأنانية التي لا تجبر كسراً، ولا تصلح فاسداً.
هذه العقلية الغربية النفعية، التي لا ترى إلا نفسها ولو دمر العالم، تقوم بمهام جديدة في اليمن وليبيا وسورية، قد تخرج علينا بعد سنين تقارير أخرى، تؤكد خطأ قادة الرجل الأبيض سوبرمان، صاحب المعلومات والتكنولوجيا ومراكز الأبحاث.
الغرب الذي أذاق أفريقيا وآسيا وأميركا الجنوبية مر مغامراته وطمعه، أثبت التاريخ أنه لا يستحق أن يقود العالم، سواء بأدواته من المنظمات الدولية التي فرض قواعد عملها على الدول الخارجة من تحت نير الاحتلال، أو حتى لا يستحق أن يمتلك تلك الأسلحة التي يفرض بها قراراته على العالم، فعلى العالم أن ينزع سلاح ذلك الرجل ناقص الأهلية. ولكن، كيف يمكن أن يحدث ذلك؟
ولا نرى من تقرير تشيلكوت وسابقه بيكر/ هاملتون، وغيرها من التقارير التي دانت حقب الاستعمار للدول الضعيفة إلا محاكمة من الغرب لأنفسهم .
نحلم بمحاكمةٍ دولية يوثق فيها المجني عليهم من الدول التي استعمرت وقتل شبابها ونهبت ثرواتها تهمهم بالوثائق والأدلة، ليحاكم قادة الغرب الذين أنهكوا الإنسانية بجرائمهم لتقف الشعوب الغربية المغرّر بها بآله إعلامية تمكر بهم ليل نهار عند قيم الإنسانية والتعايش السلمي بين بني البشر، وينهض مفهوم الحق في محاسبة المستعمر والحق في التعويض عن المرحلة الاستعمارية على استقراء المواثيق والأعراف الدولية، ويجد سنده في اتفاقيات جنيف لسنة 1949.
لكن السؤال يبقى: هل يمهلنا هؤلاء القادة الوقت لعقد تلك المحاكمة، أم سيكونون قد أفنوا العالم بمغامرةٍ جديدة، تقوم بعدها القيامة؟
ويعتبر مضمون هذا التقرير قاسيا بالنسبة لتوني بلير الذي ترأس الحكومة بين عامي 1997 و2007، واتهم بتضليل الشعب البريطاني، بتأكيده وجود أسلحة للدمار الشامل في العراق، وهو ما لم يتم التثبت منه أبداً. لكن نتائج هذه الحرب التي خلفت عشرات آلاف القتلى العراقيين، وفتح الباب أمام الحرب والعنف الطائفي، وكانت مهداً لميلاد أعنف جماعة إرهابية يعاني اليوم العالم أجمع من ويلاتها، حتى ولو رفض بلير مقولة أن إرهاب اليوم نتيجة لغزو العراق.
لم تكن هذه الويلات التي خلفها قرار بلير الخاطئ محط اهتمام اللجنة، بل سبب تشكيل تلك اللجنة هو مقتل 179 جندي بريطاني بين عامي 2003 و2009 .
لم تنظر اللجنة فيما كانت الديمقراطية التي بشرت بها بعد أن تطيح الدكتاتور، قد أتت أكلها أم أنها خلفت دولة فاشلة، كانت فيما مضى تشكل ثقلا في معادلة القوة في المنطقة.
لم تنظر اللجنة في أن بلير وشريكه بوش قد تجاوزا مجلس الأمن، واتخذا قرار الحرب منفردين، بعيداً عن المنظمة الدولية التي من شأنها أن تقر السلم والأمن الدوليين، والتي تنص في ميثاقها على أن التدخل المسلح هو آخر أدوات تلك المنظمة على أن يكون بإجماع دولي .
تقرير تشيلكوت سبقه تقرير بيكر/هاملتون في أميركا، والذي يعد قراءة لواقع حال القوات الأميركية في العراق، والذي انتهى إلى ما انتهى إليه تشيلكوت، لكن مع توصيات أكثر فجاجة مثل تقسيم العراق، وتولي الشيعة مسؤولية تدجين السنة مع الإبقاء على القوات الأميركية خارج المدن، وغيره من التوصيات الأنانية التي لا تجبر كسراً، ولا تصلح فاسداً.
هذه العقلية الغربية النفعية، التي لا ترى إلا نفسها ولو دمر العالم، تقوم بمهام جديدة في اليمن وليبيا وسورية، قد تخرج علينا بعد سنين تقارير أخرى، تؤكد خطأ قادة الرجل الأبيض سوبرمان، صاحب المعلومات والتكنولوجيا ومراكز الأبحاث.
الغرب الذي أذاق أفريقيا وآسيا وأميركا الجنوبية مر مغامراته وطمعه، أثبت التاريخ أنه لا يستحق أن يقود العالم، سواء بأدواته من المنظمات الدولية التي فرض قواعد عملها على الدول الخارجة من تحت نير الاحتلال، أو حتى لا يستحق أن يمتلك تلك الأسلحة التي يفرض بها قراراته على العالم، فعلى العالم أن ينزع سلاح ذلك الرجل ناقص الأهلية. ولكن، كيف يمكن أن يحدث ذلك؟
ولا نرى من تقرير تشيلكوت وسابقه بيكر/ هاملتون، وغيرها من التقارير التي دانت حقب الاستعمار للدول الضعيفة إلا محاكمة من الغرب لأنفسهم .
نحلم بمحاكمةٍ دولية يوثق فيها المجني عليهم من الدول التي استعمرت وقتل شبابها ونهبت ثرواتها تهمهم بالوثائق والأدلة، ليحاكم قادة الغرب الذين أنهكوا الإنسانية بجرائمهم لتقف الشعوب الغربية المغرّر بها بآله إعلامية تمكر بهم ليل نهار عند قيم الإنسانية والتعايش السلمي بين بني البشر، وينهض مفهوم الحق في محاسبة المستعمر والحق في التعويض عن المرحلة الاستعمارية على استقراء المواثيق والأعراف الدولية، ويجد سنده في اتفاقيات جنيف لسنة 1949.
لكن السؤال يبقى: هل يمهلنا هؤلاء القادة الوقت لعقد تلك المحاكمة، أم سيكونون قد أفنوا العالم بمغامرةٍ جديدة، تقوم بعدها القيامة؟