تقارير ألمانية عن اجتماعات بروكسل: التخلي عن الذات لا يفيد أحداً

تقارير ألمانية عن اجتماعات بروكسل: التخلي عن الذات لا يفيد أحداً

20 يوليو 2020
كل يوم ضائع يقلل من قيمة المليارات المقرر ضخها في صناديق الدول (Getty)
+ الخط -

جاء تمديد القمة الخاصة بدول الاتحاد الأوروبي، المنعقدة في بروكسل، منذ يوم الجمعة الماضي، لإنضاج تسوية حول خطة الإنعاش الاقتصادي للتخفيف من عواقب كورونا، والاتفاق على ميزانية الاتحاد الأوروبي للسنوات السبع المقبلة.

ولليوم الرابع على التوالي يبرز مدى انقسام دول التكتل إلى أحلاف: شرق أوروبا ضد غربها والشمال ضد الجنوب. الصراع الشرس من أجل التحفيزات أبرزت سلبياته التعليقات الصحافية الصادرة في ألمانيا، اليوم الاثنين، لتحذر من الواقع المرير الذي يعيشه الاتحاد. وفي هذا الإطار، اعتبرت شبكة "إيه آر دي" الإخبارية، أن "التخلي عن الذات لا يفيد أحدا"، وأن فشل المفاوضات لا يستطيع الاتحاد الأوروبي تحمله، وبخاصة أن جميع دوله على قناعة كاملة بأنه لا يمكن وقتئذ لأي دولة ضمن التكتل أن تنجو من كارثة كورونا الاقتصادية وحدها، إذ إن أغلب دول الاتحاد أكثر اعتمادا من أي وقت مضى على السوق الداخلية الأوروبية.

لليوم الرابع على التوالي يبرز مدى انقسام دول التكتل إلى أحلاف: شرق أوروبا ضد غربها والشمال ضد الجنوب

 ومن بين هذه الدول هولندا المتشددة في إنضاج التسوية التي ترتكز على تقديم مبالغ مالية كبيرة كمنح لدول جنوب أوروبا، مثل إسبانيا وإيطاليا، والنمسا التي يعرف مستشارها سيباستيان كورتز أنه لا مناص من عودة التجارة الخارجية في بلاده لتحقيق الازدهار، في حين تسعى دول "فيشغراد" (المجر، بولندا، سلوفاكيا، التشيك) للحفاظ على مكتسباتها ومنع التخفيضات على صناديقها الزراعية؛ وصولا إلى أخرى، مثل فنلندا وألمانيا وبلجيكا، تريد ربط المساعدات بعدم خرق الميثاق الأوروبي والامتثال لسيادة القانون.

وترى بعض التعليقات، بينها لصحيفة "دي تسايت"، أن على ألمانيا، التي أصيب اقتصادها بضرر كبير جدا نتيجة تقلص عمليات التصدير،  أن تعمل بما تمثله كقوة  اقتصادية في أوروبا، فضلا عن الدور القيادي للمستشارة أنغيلا ميركل ومرونتها في التعاطي مع جميع الأطراف المتنازعة، على ردع  الدول الأصغر في التكتل الأوروبي، لأن كل يوم ضائع يقلل من قيمة المليارات المقرر ضخها في صناديق الدول، والمقدرة بحوالى 750 مليار يورو بين منح وقروض، لدعم الشركات المنهارة والحد من نسبة البطالة المرتفعة.

من جهتها، وصفت "دي فيلت" ما يحصل في بروكسل بـ"الادعاءات المريرة والمزاج المسموم"، مضيفة أن ردود فعل الزعماء ورؤساء حكومات دول الاتحاد توحي بأنه لا نية حاليا للتوافق، مع بروز إشكاليات كثيرة حول العديد من النقاط الخلافية، رغم الحديث عن الحلول الوسط والاجتماعات المصغرة مع زعماء الدول، التي تقودها ميركل ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال ورئيسة المفوضية فون دير لاين، بدون نجاح حتى اللحظة. إلا أنها أشارت إلى بروز بعض الأمل بتحقيق اختراق عند استئناف جولات تفاوض جديدة في فترة ما بعد الظهر، بعد أن اختتمت الجلسات في وقت مبكر من صباح اليوم الإثنين.

وتتحدث وسائل إعلامية عن تقارب تدريجي قد يفضي إلى حل وسطي، ويقضي بضخ 375 مليار يورو كمنح من أصل 500 مليار؛ المقترح الأساسي لميركل ونظيرها الفرنسي إيمانويل ماكرون، وذلك بعدما أعلنت دول أوروبية عن القبول بعرض أخير بقيمة 350 مليار يورو ، مقابل طرح ألمانيا وفرنسا لمبلغ بقيمة 400 مليار يورو .

وأفاد تقرير لصحيفة "دي تسايت"،  أن العرقلة كانت نتيجة تعنت رئيس الوزراء الهولندي مارك روته، الذي سيخوض في مارس/آذار المقبل انتخابات برلمانية بوجه اليمين المتطرف، ويعتبر أنه مطالب بأن يبرر لناخبيه كيف وأين ستصرف أموال دافعي الضرائب من الهولنديين. أما الزعيم النمساوي كورتز، فيستند في مقاربته لخطة دعم دول الجنوب الأوروبي لمقولة وزير المالية الألماني السابق فولفغانغ شويبله خلال أزمة اليونان، أنه "إذا أردت المال فعليك أن تقبل بالرقابة"، في إشارة منه إلى الإصلاحات المطلوبة من الدول المتضررة من كورونا، والتوضيحات عن طرق صرف الأموال ومجالات الاستثمار.

في المقابل، اعتبرت صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" أن الجدل حول حزمة مساعدات كورونا يظهر أن النماذج الحكومية والحياة المختلفة في أوروبا لم تعد ملائمة، وأن هناك "انهيارا أخلاقيا وغيابا للتعاطف بين دول الاتحاد، في وقت ثمة فيه حاجة ملحة لعمل مجتمعي للحفاظ على فكرة الدور المشترك للتكتل"، مبرزة أن "الأهم يبقى السوق الداخلية الأوروبية، والمطلوب تقديم التنازلات تحت هذا السقف، وكذا إطلاق ديناميكية إيجابية لتنمية اتحادهم، عدا عن التضامن المفترض لمواجهة المنافسة، سواء الصينية أو الأميركية، أو ضغط دول الجوار في ملف الهجرة أو العداء مع روسيا.