تفاصيل قضية فساد "السيدة مايا" ابنة بوتفليقة المزعومة

الجزائر: تفاصيل قضية فساد غريبة لـ"السيدة مايا" ابنة بوتفليقة المزيفة

11 اغسطس 2020
الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة (Getty)
+ الخط -

أجلت محكمة الشراقة بالجزائر العاصمة عرض قضية صاحبة الفيلا رقم 143، إلى يوم 26 أغسطس/ آب الجاري. وهذه الفيلا التي تقطنها امرأة ادعت أنها ابنة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. هي المرأة الغامضة "مايا"، التي كان يلتقي فيها كبار مسؤولي الدولة ورجال الأعمال والمقاولين وكبار التجار في الفيلا 143 لمناقشة المشاريع والصفقات وتوزيعها بناء على ما تأمر به السيدة.
وتفيد المعطيات المتوفرة لدى "العربي الجديد" أن القضية الغريبة المتورط فيها الوزيران السابقان عبد الغني زعلان ومحمد الغازي الموجودان رهن الحبس المؤقت في قضايا فساد، بالإضافة إلى المدير العام السابق للأمن الوطني عبد الغاني هامل، محورها الامرأة التي استخدمت صفة  ابنة رئيس الجمهورية السابق للتقرب من الوزراء في القطاعات الاقتصادية، لتمكين رجال الأعمال من مشاريع مقابل رشاوى وهدايا كانت تتقاسمها مع شركائها.
وبحسب ما كشفت عنه مصادر قضائية لـ "العربي الجديد"، فإن المتهمة تمكنت من الحصول على امتيازات ورشاوى بعد تواصل مباشر لوالديها مع الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، الذي ربطها بمستشاره الشخصي وسكرتيره الرجل القوي في قصر الرئاسة محمد روقاب، من أجل إنشاء مشروع لمحطة وقود بولاية البليدة ، 35 كيلومترا جنوب العاصمة، ما مكنها من بلوغ محيط رجال الدولة والوزراء بترددها على مستشار الرئيس، الذي كان يقدمها على أساس أنها من عائلة الرئيس بوتفليقة قبل أن ينتشر في المحيط أنها البنت المخفية له.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

وتقول المعلومات أن السند الذي كانت تحتاجه المتهمة قبل دخولها محيط رجال الدولة أصبحت تقدمه هي لرجال المال والأعمال، حيث صارت الوسيط لدى الوزراء للحصول على المشاريع، خصوصا في عدة قطاعات وعلى رأسها الأشغال العمومية، ومثلت طيلة سنوات الورقة الرابحة للصفقات مقابل مبالغ مالية تحصل عليها نظير لقاءات لرجال الأعمال مع الوزراء المشرفين على القطاعات ذات الصلة بالمشاريع.
ويتابع في القضية وزير العمل السابق محمد الغازي، الموجود رهن الحبس، عن منح المتهمة قطعة أرض من أجل إنجاز حظيرة للتسلية عندما كان واليا لولاية الشلف، حيث قدمها له أحد أعضاء مجلس الأمة عن الثلث الرئاسي المدعو علي طالبي بصفته شريكا في المشروع.
وقال الغازي أمام المستشار المحقق بالمحكمة العليا، إنه قام بتنفيذ أوامر مستشار الرئيس السابق بوتفليقة ومستشاره الشخصي محمد روقاب، وبحسب التحقيقات فإن الوزير الغازي كان يتبادل مع السيدة مايا زيارات عائلية وتوطدت العلاقات بينهما باعتبارها ابنة الرئيس.
ويتابع الوزير السابق للنقل والأشغال العمومية عبد الغاني زعلان بصفته واليا لولاية وهران عن منحها أيضا قطعة أرض من دون وجه حق، بناء على توصية من الوالي غازي الذي قدمها له على أساس أن رجال الأعمال الذين ترافقهم من أصدقاء شقيق الرئيس، خصوصا أن أحد معارفها هو عضو مجلس الأمة عن الثلث الرئاسي عمار يحياوي الموجود في حالة فرار حاليا.
وتوسطت "السيدة مايا" أو "المعلمة"، كما يحلو للمقربين منها تلقيبها، لرجل أعمال ينشط في استيراد اللحوم المجمدة، لدى الوالي زعلان آنذاك، للحصول على قطعة أرض في وهران لإنشاء غرفة تبريد، غير أنه اقترح عليه عقارا بمنطقة طفراوي ورفضها، واقترح عليه أخرى في سيدي الشحمي بالولاية نفسها غير أنها لم تكن مناسبة لنشاطه فقرر الاحتفاظ بها، وقدم مقابل ذلك مبلغا ماليا قدره 10 مليارات سنتيم للسيدة مايا على شطرين.

وقال الوزير، الموجود في وضع صحي سيئ بسجن الحراش حيث يتابع في ملفات فساد أخرى، إنه نفذ مطالبها بناء على أوامر شفهية من مستشار الرئيس باعتبارها من أقارب بوتفليقة، غير أنه شكك فيما بعد في كونها ابنة الرئيس وتواصل مع شقيق الرئيس السابق السعيد بوتفليقة واستفسره عن الأمر، حيث نفى أن تكون من أفراد العائلة وأنها مجرد منتحلة صفة، وبناء على ذلك قرر زعلان إلغاء كل القرارات ذات العلاقة بالسيدة، وتم الإبلاغ عنها لدى المصالح الأمنية وفتح تحقيق في القضية بالموازاة مع استقالة بوتفليقة.
ويتابع المدير السابق للأمن الوطني اللواء عبد الغاني هامل عن توفير الحماية الشخصية للمتهمة شأنها شأن وزراء الحكومة، حيث استفادت "ابنة الرئيس" المفترضة من سكن في إقامة الدولة مع الوزراء والإطارات السامية للدولة، مع حراسة أمنية ليل نهار، بتكليف من رئيس الأمن، الموجود رهن الحبس حاليا في ملف آخر، إذ كلفها بإخفاء كميات هامة من الأموال بالعملة المحلية والعملة الصعبة لحالة الطوارئ، حسب تصريحاتها في التحقيق. 
وفي شهر يوليو/ تموز 2019، أصدرت المصالح القضائية بيانا، يبلغ الرأي العام بإجراء عملية تفتيش للفيلا رقم 143 الكائنة بإقامة الدولة، حيث تم اكتشاف مبلغ 12 مليار سنتيم و270 ألف يورو بالإضافة إلى 30 ألف دولار، و17 كيلوغراما من المجوهرات، ووثائق سفر، كما تم العثور على مبلغ 10 مليار سنتيم في غرفة خلفية بالفيلا.
وكشفت التحقيقات عن امتلاك المعنية مبالغ بالعملة الصعبة في حساب فتحته بإسبانيا، تتلقى فيه مستحقات مكاتب أجرتها لإحدى الهيئات الأممية بالجزائر العاصمة.

أوقفت المصالح الأمنية المتهمة الرئيسية في القضية السيدة مايا وابنتيها في شهر يوليو/ تموز 2019، وهي تتحضر للهروب من الجزائر نحو الخارج وبحوزتها وبناتها هويات مزورة، وتمت محاكمتها وبناتها في قضية أولى تتعلق بتزوير جوازات سفر وحكم عليهن بـ 18 شهرا من السجن


وبحسب الملف، فإن الوزيرين السابقين ومدير الأمن، بالإضافة إلى 11 شخصا، متورطون في القضية، بتهم مخالفة التشريع وإجراءات الصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، واستغلال الوظيفة، والحصول على مزايا غير مستحقة، والحصول على رشاوى.
وأوقفت المصالح الأمنية المتهمة الرئيسية في القضية السيدة مايا وابنتيها في شهر يوليو/ تموز 2019، وهي تتحضر للهروب من الجزائر نحو الخارج وبحوزتها وبناتها هويات مزورة، وتمت محاكمتها وبناتها في قضية أولى تتعلق بتزوير جوازات سفر وحكم عليهن بـ18 شهرا من السجن.
ووجهت للمتهمة أيضا تهم تبييض الأموال في إطار جمعية أشرار منظمة، والتواطؤ في استغلال المناصب، ومخالفة التشريع وإجراءات تنظيم الصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، وطلب وقبول مزايا غير مستحقة باستغلال موظف عمومي، والتواطؤ في منح مزايا غير مستحقة.