تغيير نمط مسيرات العودة في غزة

تغيير نمط مسيرات العودة في غزة: تعليق مؤقت وفعاليات شهرية

27 ديسمبر 2019
نُظّمت المسيرات على مدى 86 أسبوعاً (العربي الجديد)
+ الخط -
قبل ثلاثة أشهر من ذكرى انطلاقتها الثانية، غيّرت "الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار" في قطاع غزة، من نمط وفعاليات المسيرات، لتصبح شهرية، وفي المناسبات الوطنية بدلاً من إجرائها كل أسبوع، مع تعليق أنشطتها حتى الذكرى الثانية لها في 30 مارس/آذار المقبل.

ومهّدت الهيئة للقرار في الأشهر الماضية عبر سلسلة من التسريبات. وقد تزامن الأمر مع ضعف في أعداد المشاركين في الفعاليات الأسبوعية، وإلغاء أنشطة كثيرة للمسيرات كفعاليات "الإرباك الليلي" و"وحدة الكوتشوك" و"قصّ السلك" وغيرها.

وبالنسبة للهيئة التي عدّدت "منجزات" المسيرات، فإنّ الخيار مفتوح للعودة لها "كلما احتجنا للتواجد الجماهيري في المناسبات الوطنية البارزة"، موضحةً أنّ البرنامج الجديد سيبدأ بالتزامن مع الذكرى السنوية الثانية للمسيرات في 30 مارس المقبل، بالتزامن مع احتفال الفلسطينيين بذكرى يوم الأرض.

ونُظّمت المسيرات على حدود غزة الشرقية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة على مدى 86 أسبوعاً منذ انطلاقتها في 2018، وكانت تتوقف عند التصعيد العسكري الإسرائيلي وفي الأعياد فقط.

ووفق "المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان"، فقد بلغ عدد ضحايا الاعتداءات الإسرائيلية على المتظاهرين ضمن مسيرات العودة وكسر الحصار، 215 شهيداً منهم 47 طفلاً، وامرأتان، و9 من ذوي الاحتياجات الخاصة، و4 مسعفين، وصحافيان. أمّا الإصابات، فوصل عددها إلى 14815 شخصاً، منهم 3735 طفلاً، و391 امرأة، و255 مسعفاً و219 صحافياً.

وعلى الرغم من التضحيات الكبيرة التي قُدّمت في المسيرات، إلا أنّها أعادت إحياء ملف حصار غزة ومعاناة سكانه، وقد تقاطرت الوساطات على القطاع عقب الفعاليات، خصوصاً تلك التي سقط فيها شهداء، لمنع انزلاق موجات التصعيد التي أعقبتها إلى معارك كبيرة.

وبالفعل، حققت المسيرات جزءاً من مطالبها، وعلى رأسها التخفيف من الحصار الإسرائيلي، وفتح معبر رفح الحدودي بعد إغلاقه بوجه فلسطينيي غزة منذ الانقلاب العسكري في مصر عام 2013، إضافة إلى السماح بضخ الأموال للفقراء والمعوزين في القطاع المحاصر.

لكنّ المسيرات تعرّضت في الوقت نفسه للكثير من الانتقادات الداخلية، خصوصاً لما تسببت به من معاناة لآلاف الجرحى الذين بترت أقدامهم خلال فعالياتها، مع غياب الرعاية والاهتمام الكافي بهم.

في السياق، قال القيادي البارز في الهيئة الوطنية العليا للمسيرات، ماهر مزهر، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ الهيئة "رأت وبوضح أنّ مسيرات العودة بحاجة إلى تقييم، وإلى تطوير وتفعيل أدواتها ورسالتها، لتنطلق بقوة وبفعاليات أكبر في الفترة المقبلة، وهو ما يجري العمل عليه الآن". وأوضح مزهر أنّه "مع بداية مارس المقبل، سيتم البدء بالتحضير لفعالية مليونية بذكرى يوم الأرض، والذكرى الثانية لانطلاقة المسيرات"، لافتاً إلى أنّه سيتم خلال الشهرين المقبلين "إعادة تفعيل اللجان وضخّ دماء جديدة لمواجهة الاحتلال".

وأشار مزهر إلى أنه "من الممكن أن نعود في أي وقت للميادين، إذا ما رأينا أنّ هناك ضرورة لذلك، ومن أجل إرسال رسالة للعدو ومن يحاصر غزة ومن يحاول الالتفاف على المسيرات". وعدّد مزهر منجزات مسيرات العودة، باعتبارها جزءاً من حالة النضال الشعبي الفلسطيني والموجات الثورية التي انطلق بها الفلسطينيون، قائلاً إنها "أحيت حلم العودة، وأكدّت أنّ هذا الحقّ لا يسقط بالتقادم، ووحّدت الفلسطينيين حول علمهم، وعملت على تخفيف الحصار، فضلاً عن أنها كشفت الوجه الحقيقي الدموي للاحتلال أمام العالم".

وبالنسبة لمزهر، فإنّ المسيرات "وفّرت البيئة الحاضنة لإعلان رفض وإفشال صفقة (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب المعروفة بـ"صفقة القرن" (خطة الإملاءات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية المعروفة إعلامياً بصفقة القرن)، وأرسلت رسائل تؤكّد للجميع بأنّ الشعب الفلسطيني على الرغم من معاناته وآلامه يملك مخزوناً نضالياً كبيراً".

من جهته، رأى الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، طلال عوكل، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "الهدف السياسي المعنوي لمسيرات العودة وكسر الحصار تحقق، وبقي هدف كسر الحصار كلياً"، مضيفاً أنه "لم يكن أحد يتوقّع أن تنتظم هذه المسيرات كل جمعة لفترات طويلة".

ووفق عوكل، فإنّ "هدف كسر الحصار مرتبط الآن بالتفاهمات التي جرت مع الفصائل في غزة عبر الوسطاء، سواء المصريين أو القطريين أو الأمم المتحدة". وأوضح أنّ تعليق المسيرات وتغيير توقيتها والاستمرار بذلك "مرتبط بمدى التزام إسرائيل بتفاهمات كسر الحصار وتطبيقها، ولكن لا يوجد ثقة في الاحتلال الإسرائيلي، وما يجري الآن هو وضع للسلاح على الطاولة، إلى حين أن يتغير الوضع في القطاع كلياً، فحينها يمكن إنهاء المسيرات كلياً".

واعتبر عوكل أنّ ما جرى "لا يعتبر تراجعاً من قبل الفصائل الفلسطينية والهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار، كون المسيرات كانت مرتبطة منذ بدايتها بأهداف جرى ترجمتها عبر التفاهمات الحاصلة حالياً مع الاحتلال".

وفي حال عدم التزام إسرائيل بهذه التفاهمات، وفق عوكل، "فمن الممكن أن تعود المسيرات لفعاليات أسبوعية من أجل الضغط على الاحتلال، خصوصاً أنه لا يوجد وسيط في العالم يمكن أن يلزم إسرائيل بتنفيذ ما اتفق عليه".

المساهمون